2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في تحول تاريخ في الموقف الفرنسي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء 30 يوليوز الجاري، عن الاعتراف الرسمي لبلاده بمغربية الصحراء.
وقال ماكرون في رسالة مفصلة وجهها إلى الملك محمد السادس، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش، أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”، مؤكدا “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”، وفق ما نقله بلاغ للديوان الملكي.
وشدد الرئيس الفرنسي على أن “دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت”، مضيفا أن هذا المخطط “يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “، هو ما يعطي لهذا الموقف الفرنسي الجديد أبعادا دولية جديدة لمسار الاعتراف بمغربية الصحراء.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير في العلاقات الدولية الباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، الموساوي العجلاوي، أن “الجواب الفرنسي على السؤال الذي طرحه الملك في خطاب العرش والشعب في غشت 2021، عندما وجه نداء إلى رئيس الحكومة الإسبانية ونفس الشيء إلى الرئيس الفرنسي بخصوص موقف هاتين الدولتين من مغربية الصحراء، والتأكيد على أن بناء أي شراكة استراتيجية ينظر إليها المغرب من جانب موقف هذه الدول من الصحراء، حيث كانت استجابة سريعة للحكومة الإسبانية”.

وأبرز العجلاوي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “السياسة الخارجية الفرنسية يقودها اليوم رئيس الدولة إمانويل ماكرون، أخذت منعطفا جديدا، استجابة للطلب الذي جاء به الخطاب الملكي سنة 2021، وهي أيضا تحول في الموقف الفرنسي بشكل أوضح”، مشيرا إلى أن “الفرنسيين كانوا دائما يؤيدون مباردة الحكم الذاتي منذ 2007، لكن بعد الإشكالات الأخيرة كان لديهم موقف بخصوص الامتناع عن التصويت، وكانوا دائما يصوتون لصالح قرارات مجلس الأمن”.
وشدد على أن “الموقف الفرنسي موقف جيد وله قوة على المستوى الدولي، لأنها ثاني دولة بعد الولايات المتحدة التي تعترف بمغربية الصحراء، وهي مسألة أساسية لهذه الدول، وهو ما يعطي لقضية الحل السياسي والقضية الوطنية بعدا دوليا جديدا، وهذا ما تثبته رسالة الرئيس الفرنسي إلى الملك”.
ويرى العجلاوي أنه “بهذا الموقف الفرنسي أخذت قضية الصحراء منعطفا جديدا على المستوى الدولي، وهذه إشارة قوية لعدة دول، دون أن ننسى أن الكثير من الدول تؤيد مبادرة الحكم الذاتي، وهو ما يعني تأييد السيادة المغربية على الصحراء انطلاقا من مبادرة الحكم الذاتي”.
وتوقف العجلاوي عند مضامين رسالة ماكرون، مشيرا إلى أن “اعتبار حاضر ومستقبل الصحراء يندرج تحت السيادة المغربية، فيه رسالة إلى الأطراف الأخرى، خاصة النظام الجزائري، وأنها إعلان لنهاية كل المبادرات والمحاولات والمؤامرات التي جاءت من طرف هذا النظام طيلة نصف قرن تجاه القضية الوطنية، وهو تنبيه لهذه الدول، وفي مقدمتها النظام الجزائري، بأنه لا يوجد أي حاضر أو مستقبل للصحراء خارج السيادة المغربية، وهي نقطة مهمة جدا ليس فقط تجاه المغاربة بل تجاه الآخرين”.
وأضاف أنه “عندما نحلل مواقف الدول الكبرى نجدها تربط بين تشبث الشعب المغربي بالصحراء والاستقرار في المنطقة، وهو ما نجده في النقطة الثانية لرسالة ماكرون، حيث أنها تربط قضية الصحراء بالأمن القومي للمغرب، ما يعني أن دعم المغرب هو دعم الأمن القومي للمغرب، خاصة ما تشهده قضية الامن في المنطقة مؤخرا، بعدما اشتعلت النيران جنوب الجزائر وشمال مالي، وما يجري في المنطقة يثير الكثير من التساؤلات”.
ثالث النقط التي تضمنتها رسالة ماكرون، يسترسل العجلاوي، هي أن “مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الوحيد، وكلمة الوحيد هي التي كنا ننتظر في الموقف الفرنسي، حيث كان هناك دعم من طرفها، لكن أصبحت تعتبره الآن الحل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام ومتوافق حوله طبقا لقرارات مجلس الأمن، وهذا يطابق أيضا قرار الاعتراف من لدن ترامب، الذي اعترف بسيادة المغرب على الصحراء بشكل مباشر، ولكنه في الجزء الثاني من اعترافه يطلب من الأطراف الأخرى الاندماج والانخراط في مبادرة الحكم الذاتي للوصول إلى حل سياسي متوافق حوله طبقا لقرارا مجلس الامن للأمم المتحدة”.
ولفت الانتباه إلى أنه “حتى من الناحية القانونية فإن هناك إشارة ضمنية من الرئيس الفرنسي بأن الموقف الفرنسي يدخل في إطار المشروعية الدولية ونطاق القانون الدولي، أي أن الموقف الفرنسي مربوط بالإحالات في نطاق الأمم المتحدة”.
ورابع ما أشارت له رسالة ماكرون، يضيف الخبير في العلاقات الدولية، هو “الإشارة إلى المجهود المغربي في الصحراء، وأن فرنسا ستساهم وتواكب المغرب في هذه الخطوات لفائدة السكان المحليين، وهذا يكتسي أهمية أيضا، لما يحمله من إشارة إلى الشركات الفرنسي لتمدد نشاطاتها في كافة ربوع الصحراء”.
وخلص إلى أن “هذه المنطقة الأخيرة لها أهميته على مستوى الاستثمار، خاصة من الناحية القانونية، إذ لن تطرح هذه الشركات الفرنسية بتاتا قضية النزاع، وهو ما قد ينعكس على وسائل الإعلام الفرنسية، وعلى المؤسسات الوطنية الفرنسي باعتمادها خريطة المغرب كاملة دون نقصان”.