لماذا وإلى أين ؟

ما الذي يمهد له العفو الملكي الأخير؛ وأية علاقة للرميد والجامعي به؟

حملت ذكرى عيد العرش لهذه السنة التي تصادف اليوبيل الفضي،أفراحا ومسرات للمواطنين والموطنات من خلال بشرى العفو الملكي التي شمل عدد من الزملاء الصحافيين والنشطاء والمدونين من بينهم، ولأول مرة، أعضاء من جماعة العدل والإحسان.

العفو الملكي ليس بالأمر الجديد في مثل هذه المناسبات، لكن الجديد في عفو الذكرى 25 لاعتلاء محمد السادس العرش هو ما حمله من إشارات ودلالات بشموله صحافيين  تجاوزت قضاياهم الحدود الوطنية وتبنتها مؤسسات وهيئات دولية، سياسية وحقوقية، لأسباب مختلفة، حتى أصبحت هذه القضايا تشكل إحراجا حقوقيا للمملكة المغربية في المحافل الأممية. وهو ما عمل الملك محمد السادس على إنهائه بإغلاق هذا الملف نهائيا، واختار أن يكون ذلك في ذكرى لها معان ودلالات عميقة: ذكرى جلوس الملك على العرش.

إلا أن إغلاق هذا الملف لا يعني بالضرورة إقفال باب التساؤلات والاستنتاجات التي قد تصيب وقد تخطئ، حول سياق هذه الهزة الحقوقية وتبعاتها المستقبلية.

من المؤكد أن العفو الذي شمل قضايا تُحسب من طرف طيف كبير من المتتبعين على حرية الصحافة والتعبير، لم يأتي صدفة أو بين عشية وضحاها ومما لا شك فيه أن أياد بيضاء لعبت دورا في طي هذا الملف. فمن تكون يا ترى؟

هل هي مؤسسات رسمية أم هيئات مجتمعية؟ أم هي شخصيات وطنية تحظى بمصداقية لدى عدة أطراف؟

وكيف تم الترتيب لعملية العفو مع المعنيين به؟

هل سبقته طلب من المعفى عنهم أم تمت بشروط؟

ولماذا لم يشمل العفو ما تبقى من معتقلي أحداث الحسيمة المعروفة إعلاميا بـ”حراك الريف”؟

أم أريد فصل ملف هؤلاء المعتقلين عن ملف الصحافيين والمدونيين؟

أو أن الشروط لم تنظج بعد للإفراج عنهم؟

كل هذه التساؤلات وغيرها  لا يمكن الجزم بأجوبة يقينية عنها لأن الترتيبات الخاصة بالعفو الملكي في مثل هذه الملفات يتم الترتيب لها على أعلى المستويات، وكل ما سيكتب هنا هي استنتاجات بناء على مجموعة من المؤشرات والمعطيات.

الراجح أن هناك أطراف، رسمية وغير رسمية، لعبت دورا في ردم الهوة وتقريب وجهات النظر من أجل طي هذا الملف، وحسب بعض المؤشرات التي وقفنا عليها، فإن الشخصية التي لعبت دور الوساطة في  هذا الملف هو الوزير السابق والقيادي المعتزل للعمل الحزبي المصطفى الرميد، نظرا لما يحظى به من ثقة الحاكمين وبعض المعتقلين الذين شملهم العفو، حيت كان ساعي البريد الذي لين بعض المواقف وجعل أصحابها يقبلون بشروط فتح صفحة جديدة لبناء الثقة. وقد يأتي يوما ونتحدث عن بعض ما دار إن سمحت الأقدار.

وما يعزز هذا الطرح، هو الخرجة الإعلامية المفاجئة للرميد بعد طول صيام عن الكلام، والتي بعث فيها عدة إشارات تخص هذا الملف، لم تفهم بالكامل إلا بعد صدور العفو الملكي وهو العفو الذي علق عليه رجل ثقة القصر داخل الحركة الإسلامية، في تدوينة على حسابه الفيسبوكي بالقول: “شكرا لله أولا ، ثم لجلالة الملك،حفظه الله وأعز أمره….
حصل الذي كان منتظرا لدى البعض، ومستبعدا لدى البعض الاخر…
وشكرا لكل مساعديك الافاضل الذين ساهموا في هذا الإنجاز الوطني النبيل…
وأن شاء الله، مازلنا نظن بملكنا خيرا، وننتظر منه المزيد، وعسى أن يكون ذلك قريبا، باذنه تعالى”.

وهو التعليق الذي يفتح باب التأويل بكون العفو الملكي سيمتد ليشمل باقي ملفات الاعتقال التي أثارت الجدل من قبيل ملف معتقلي أحداث الحسيمة وملف النقيب محمد زيان، وما هي إلا مسألة وقت واختيار المناسبة الملائمة لذلك وفقط.

وإن تم ما تمت الإشارة له من انفراج فسنكون أمام عفو شامل غير معلن، الأمر الذي يعيد بالأذهان إلى مغرب مطلع التسعينات عندما بيّض الراحل الحسن الثاني السجون من المعتقلين السياسيين وامتد الأمر ليشمل إرجاع المنفيين وهو الأمر الذي سبق خطة شاملة لإنتقال ديمقراطي كانت من نتائجه إدماج المعارضة الوطنية وإحداث انفراجة حقوقية وسياسة هيأت لانتقال الحكم بسلاسة.

فهل يكون العفو الملكي لذكرى اليوبيل الفضي مقدمة لمخطط شامل من أجل إعادة ترتيب البيت الحقوقي وفضاء حرية الصحافة والتعبير بالمغرب؟

وإن كان الأمر كذلك، فبالتأكيد أن هذا المخطط سيشمل الانفتاح على بعض الأشخاص ممن يحسبون على معارضة الخارج، خاصة أؤلائك الذين يؤمنون بالملكية كضامن للوحدة الوطنية، إن لم يكن هذا الأمر جار فعلا وتم التواصل مع بعض رموز هذه المعارضة من قبيل بوبكر الجامعي، من أجل عودتهم لممارسة عملهم الصحفي وفق سقف محدد وفتح المجال لأصحابها لإعادة إحياء بعض التجارب الصحفية على شاكلة “لوجورنال”.

كل ما سبق يشير إلى أن أمرا جلل يتم الإعداد له من أجل الإنهاء مع بعض الممارسات التي تشوش على ممارسة حرية الصحافة والتعبير بالمغرب.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
فوءاد
المعلق(ة)
9 أغسطس 2024 00:44

اتمنى بمناسبة عيد الشباب و ثورة الملك و الشعب ، العفو عن ما تبقى. حفظ الله جلالة الملك محمد السادس.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x