2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

محمد الحجيرة*
في مثل هذه اللحظات، تتعانق الأفكار وتزدحم العبارات لتعبّر عمّا يختلج في قلوب أبناء هذه المنطقة الجبلية النائية من مشاعر فرح وامتنان، بعد أن شمل عفو جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أبناءها من مزارعي القنب الهندي، الذين عانوا طويلاً من ويلات الملاحقات القضائية. اليوم، نقف جميعاً في صف واحد لنرفع أكفّ الدعاء شكراً وامتناناً لجلالة الملك، الذي أبان مرة أخرى كعادته عن عمق حكمته ورؤيته الإنسانية الثاقبة، وعن رغبته الصادقة في نشر الرحمة بين أفراد هذا الوطن العزيز.
إن العفو الملكي الذي صدر بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، يأتي كأسمى تعبير عن روح التلاحم بين العرش والشعب، تلك العلاقة التي لطالما كانت ركيزة استقرار هذا الوطن. هذه المبادرة الملكية لم تكن فقط قراراً قانونياً أو سياسياً، بل كانت بادرة حب وحنان من ملك همّه الأول والأخير هو رفاهية شعبه وكرامته. لقد جاء هذا العفو ليكون بمثابة النور الذي يشق طريقه في صعوبات وظلمات التهميش والمعاناة التي عاشها الكثير من أبناء الجبل.
منطقة “بلاد الكيف”، كما يعرفها الجميع، هي تلك البقعة الجغرافية التي امتزجت تربتها بعرق أبناء الجبل منذ أجيال. تلك التربة التي شهدت على تعب وكفاح أهاليها في سبيل لقمة العيش، حيث لم يجد الكثير منهم خياراً سوى زراعة القنب الهندي كوسيلة للعيش. لكن هذه الزراعة، التي كانت بمثابة السيف ذي الحدين، أوقعت العديد من العائلات في فخ الملاحقات القانونية والمتابعات القضائية والأزمات الاجتماعية التي أثرت على نسيج المجتمع هنا.
لقد كانت زراعة القنب الهندي (الكيف) تمثل للبعض مساراً إجبارياً فرضته الظروف القاسية والتهميش الذي تعانيه هذه المناطق. وبدلاً من أن يكون مصدراً للرزق، تحول إلى عبء يثقل كاهل الكثير من الأسر التي وجدت نفسها فجأة في مواجهة القانون، وسط مشاعر الخوف والقلق من المستقبل المجهول والهروب من الإدارة.
لكن، وسط هذا المشهد القاتم، جاء العفو الملكي ليكون بمثابة البادرة الإنسانية التي انتظرها الجميع. بفضل حكمة جلالة الملك، بات بالإمكان أن تطوى صفحة المعاناة وتفتح صفحة جديدة من الأمل والفرص الجديدة.
*برلماني عن إقليم تاونات