لماذا وإلى أين ؟

هل دفع بنعيسى ثمن صراع تيارات السلطة بطنجة؟

منذ تعيين محمد بن عيسى على رأس قسم الشؤون الداخلية بولاية طنجة، كانت التغييرات التي أحدثها في صفوف قياد وأعوان السلطة وموظفي الولاية، والتي تطرقت لها “آشكاين” في مقالات سابقة، مثيرة للجدل، خاصة بعد وصول الوالي يونس التازي إلى قيادة جهة طنجة تطوان الحسيمة.

واتفق الجميع بالمدينة على أن هذا الحراك يظهر وكأنه محاولة لإعادة ترتيب البيت الداخلي، لكن يُطرح سؤال جوهري حول ما إذا كانت هذه التغييرات تهدف إلى إضعاف نفوذ التيار المقرب من الوالي السابق محمد امهيدية، أو أنها مؤشر على صراع خفي بين أقطاب السلطة في المدينة، قطب يحاول إرساء كفة جديدة، وقطب آخر متشبث بكفته في الميزان.

“تأديب” في عسل ترقية

لا يختلف اثنان أن تسلق سلم المناصب والسلطة في وزارة الداخلية أمر معقد، وتحكمه سياسيات وعلاقات رجال السلطة في دواليب “ماكينة” السياسة والإدارة على حد سواء، لكن ترقية رئيس قسم الشؤون الداخلية بعمالة طنجة أصيلة، محمد بنعيسى، إلى منصب كاتب عام، خلال الحركة الانتقالية الأخيرة لرجال السلطة، لكن في عمالة اشتوكة أيت باها، يثير أكثر من تساؤل حول طبيعة هاته الترقية وهل هي ترقية فعلا، أم “تأديب” في عسل ترقية.

وقبل البحث عن الأسباب التي قد تؤدي إلى “معاقبة” الرجل الذي يعد ثاني أهم مسؤول بولاية طنجة بعد الوالي التازي، فكرونولوجيا أربع سنوات الماضية، التي شغل فيها منصب رئيس قسم الشؤون الداخلية “دياجي” مع أربع ولاة، هم محمد امهيدية في الرباط، وبعده محمد اليعقوبي في الرباط، ثم قسي لحلو في مراكش، وبعده الوالي زنيبر في فاس، ثم امهيدية مجددا في طنجة لفترة قصيرة قبل تعيين الوالي يونس التازي، تجعل الترقب المنطقي أن الرجل تنتظره ترقية إلى منصب عامل أو على الأقل كاتب عام في جهة مهمة، وليس إبعاده إلى اشتوكة.

حسابات سياسية

ويعزز هذا الطرح العلاقة المتوترة البادية للعيان بين بنعيسى وبعض الفاعلين السياسيين المقربين من الوالي السابق. حيث أسرت مصادر خاصة لصحيفة “آشكاين” الإلكترونية، أن فرح هؤلاء الفاعلين بقرار “تأديب” بنعيسى، المغلف بعسل ترقية، يعكس رغبتهم في التخلص من تأثيره في دواليب الولاية، وأيضا ما يحدث في مدينة طنجة ككل في الوقت الذي يفضل فيه الوالي يونس التازي عدم التدخل في شؤون ليست من اختصاصاته حسب ما هو بادٍ للعيان. لكن هذا الفرح قد يكون مبالغًا فيه إذا ما نظرنا إلى أن هذه الترقيات قد تكون جزءًا من استراتيجية أكبر لإعادة توزيع القوى داخل الولاية، بعيدًا عن النفوذ السابق لتيار امهيدية.

من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن “تبحح” البعض بوقوفه وراء “إبعاد” بنعيسى، ليست سوى محاولات لإيهام الموظفين الترابيين والوافدين الجدد على ولاية طنجة بوجود سلطة ونفوذ جديدين، ما يجعلهم يترددون في اتخاذ مواقف معارضة. ويمكن اعتبار هذا التوجه جزءًا من لعبة سياسية تهدف إلى “ترويض” اللاعبين الأساسيين في مدينة طنجة لصالح تيار معين، وذلك لضمان استمرارية سيطرته.

توجس وحرب باردة

بينما يمكن تأويل هذا الصراع على أنه مواجهة بين تيارين، وحرب خفية انطلقت بمحاولة بنعيسى القطع مع المقربين من الوالي السابق، فمصادر أخرى تحدثت لـ”آشكاين”، تقول أن الرجل بعلم منه أو بسهو، لم يحتفظ بنفس المسافة بين الفرقاء السياسيين بمدينة طنجة، حيث بات البعض من هؤلاء يشهر ورقة علاقته مع رئيس “دياجي” في وجه الجميع و “كفزاعة” يخيف بها “غربان” خصومه، الأمر الذي دفع هؤلاء إلى اعتبار الرجل كشخص يجب الحذر منه، وليس كمسؤول ترابي يجب التعاون معه.

هذا الوضع، ترى المصادر نفسها، أنه أدخل مدينة طنجة في حالة من “التوجس” والحروب الباردة طيلة الموسم السياسي السابق، والتي وصلت إلى حد دخول فرقاء سياسيين من نفس الحزب في صراعات بسبب استقواء بعضهم على الآخرين بعلاقته مع رئيس “دياجي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x