لماذا وإلى أين ؟

أبو النجاة : مستقبل طنجة غير مرتبط بالإسمنت بل بالطبيعة

تواجه مدينة طنجة تحديات بيئية كبيرة نتيجة التوسع العمراني السريع الذي تشهده في السنوات الأخيرة. هذا النمو المتسارع أثر بشكل ملحوظ على المنظومة البيئية للمدينة، مما يثير قلق النشطاء البيئيين والسكان حول التداعيات السلبية على جودة الحياة والتوازن البيئي. من تلوث الشواطئ إلى الاستنزاف المتزايد للموارد الطبيعية، تبرز العديد من الإشكالات التي تتطلب تدخلاً عاجلاً لضمان تنمية مستدامة تتماشى مع الحفاظ على البيئة.

لمناقشة هذه القضايا الحيوية، ارتأت جريدة “آشكاين” الإلكترونية استضافة الناشط البيئي ورئيس حركة الشباب الأخضر، زكرياء أبو النجاة، ضمن نافذة “ضيف الأحد”. حيث قدم أبو النجاة رؤيته حول التحديات البيئية التي تواجه طنجة، والحلول المقترحة لضمان توازن بين التوسع العمراني وحماية البيئة.

إليكم نص الحوار:

بداية ما هو تأثير تصريف مياه الصرف الصحي في البحر على صحة سكان طنجة وعلى البيئة البحرية والحلول المقترحة ؟

تصريف مياه الواد الحار والصرف الصحي في البحر، سلوك ينافي العقل والمصلحة والطبيعة السليمة. لأن الأمر فيه تهديد خطير على صحة وسلامة السكان، وعلى صحة وسلامة البيئة البحرية والأحياء البحرية والمجال البيئي البحري إجمالا. كما إنه يمس بجمالية المكان ويتسبب في قطيعة بين الساكنة وبين مجالها البيئي، دون الحديث عن الأضرار المادية الناجمة عن فقدان مورد سياحي واقتصادي. وهو في نفس الوقت تصرف يعكس غياب حس المسؤولية لدى القائمين على الشأن العام، بحيث ينهجون سياسات لا بيئية ولا مستدامة. سياسات أنانية تعكس انفصالهم عن الواقع البيئي والإنساني.

هذا الأمر يؤدي إضافة إلى شيوع الأمراض وتفاقم الخسائر وانتشار الروائح، يؤدي إلى تردي المجال البيئي البحري وفقدان الساحل والبحر تنوعهما الحيواني. سواء من الأسماك، الطحالب، الطيور وباقي الكائنات التي تعيش في البحر وعلى ساحله.

أما الحل، فهو معلوم لدى الجميع ويكمن في إنشاء محطات معالجة حديثة وفعالة لمياه الصرف الصحي، والالتزام بتطبيق القوانين البيئية بشكل صارم، حيث يجب على السلطات المحلية أيضًا الاستثمار في البنية التحتية البيئية وتعزيز الرقابة على الشركات والصناعات التي تصرف نفاياتها في البحر.

طيب، ما هو رأيك في عمليات قطع الأشجار في طنجة وتأثيره على التنوع البيولوجي والمناطق الخضراء ؟

كانت ولا تزال عملية اجتثات الغابات لصالح العقار أكبر المشاكل التي تواجه مدينة طنجة وغيرها من المدن المغربية، وإن اختلفت الحيثيات. غير إن الملاحظ هو إصرار جهات معينة تشتغل في العقار على القضاء على ما تبقى من غطاء غابوي يشكل حزاما حول المدينة، حيث يمكن القول إن هناك شبهة تواطئ أو لا مبالاة بين هؤلاء وبين من أوكلت لهم مهمة حماية الغابات إجمالا.

الخطير في الأمر، إنه رغم كل التحذيرات وكل الخطابات بما في ذلك الرسمية حول ضرورة حماية الغابة والأشجار ، خصوصا أمام المشاكل البيئية التي صارت تعرفها الأرض، وارتفاع درجات الحرارة والتقلبات المناخية الخطيرة، إلا إن هناك مزيدا من الاستهتار بقيمة الغطاء الغابوي ومزيدا من التراخي والتواطؤ.

إن اهتمام حركة الشباب الأخضر بالغابة والأشجار، ليس مجرد اهتمام جمالي مرتبط بالوضعية المشهدية للمدينة، بل اهتمام وليد إدراك عميق بأن مستقبل المدينة ليس مرتبطا بالإسمنت إنما بالطبيعة، ولأن الغابات هي المعالج الطبيعي للمجال البيئي من كل ما يلحقه من أضرار.

إن استمرار إرضاء ما يطلق عليهم المستثمرون على حساب الغطاء الغابوي والمجال البيئي عمليا هو إعلان بأن لا قيمة للإنسان في بيئته، لأن إفساد البيئة والمجال الحيوي معناه التضحية بالصحة العامة والتضحية بالشروط والحقوق الأساسية للحياة. لهذا، كان من الضروري التعامل بحزم ما قضايا اجتثات الأشجار، والعمل على تطبيق القانون ووضع تصاميم تهيئة تراعي هذا البعد والنظر للمستقبل بعيدا عن رغبة البعض وجشعهم في مراكمة الثروات على حساب الانسان.

من هنا الدعوة إلى تحصين ما تبقى من مساحات غابوية والعمل على صيانتها وتعويض ما تضرر منها با وتوسعة الوعاء الغابوي بمزيد من المساحات المشجرة.

حسنا، وكيف تواجهون كناشطين بيئيين تأثير لوبيات العقار على المساحات الخضراء في طنجة، وما هي الاستراتيجيات التي تستخدمونها للضغط على السلطات لمنع التوسع العمراني غير المنظم؟

هذا موضوع سياسي بالأساس، لأن هناك خلطا كبيرا بين الاستثمار والاستغلال. لوبيات العقار اليوم تسعى لاستغلال كل المساحات المتاحة كيفما كان وضعها، فهي لا تهتم لا ببيئة ولا تحولات مناخية ولا قيمة تاريخية ولا طبيعية، فكل همهم مراكمة الأرباح بدعوى الاستثمار والتنمية، رغم إننا جميعا نعلم إن التطور العقاري يجب أن يكون نتيجة للتنمية وليس قاطرتها، لأن أي اقتصاد يعتمد على الاستثمار العقاري يحكم على نفسه بالسكتة القلبية لأنه استثمار لا تنموي ولا يخلق قيمة مضافة بقدر ما يقوم على تديير الموارد وتركيز الأرباح وفائض القيمة.

نحن في حركة الشباب الأخضر مدركون مدى حساسية الملف العقاري، لكن على القائمين على شؤون المدينة إيجاد بدائل مندمجة ومتكاملة عبر الدفع بالضغط العقاري في اتجاهات في محيط المدينة بعيدا عن الغابات. وبالتالي يجب تحصين الغابات بقوانين صارمة لم لا ذات صبغة جنائية.

وفي هذا الصدد نراهن على انخراط المجتمع المدني في هذه الملف وعلى تراكم الوعي المجتمعي بخطورة ما يحيكه لوبي العقار بكل مدن المغرب وغاباته خصوصا الحضرية.

نتعاون أيضًا مع محامين ومتخصصين في القانون البيئي لرفع دعاوى قضائية ضد التجاوزات والتوسع العمراني غير المنظم، ونطالب بضرورة إدماج الاعتبارات البيئية في أي مشروع عمراني جديد. الهدف هو إنشاء نظام تنمية حضرية مستدامة يحمي البيئة ويضمن حقوق الأجيال القادمة.

ختاما، ما هي المبادرات التي تعملون عليها لزيادة وعي المواطنين في طنجة بضرورة حماية البيئة والمشاركة في جهود منع قطع الأشجار والتلوث؟

من بين المبادرات التي نعمل عليها في حركة الشباب الأخضر هي تنظيم ورشات عمل وحملات توعية للمواطنين حول أهمية الحفاظ على البيئة. ننظم فعاليات في المدارس والجامعات لنشر ثقافة الاستدامة البيئية. كما نقيم فعاليات تشجير ونظافة في مختلف مناطق طنجة لتشجيع المواطنين على المشاركة في حماية مدينتهم.

نعمل أيضًا على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول مخاطر التلوث وقطع الأشجار غير المبرر، وندعو المواطنين للمشاركة الفاعلة في حملات حماية البيئة من خلال التوقيع على العرائض أو الانضمام إلى الفعاليات البيئية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x