لماذا وإلى أين ؟

فقدان التوازن الاجتماعي أخطر على الميزانية من الزيادة في أجور الموظفين (لحلو وفيراشين)

جدل كبير أثاره التقرير الصادر مؤخرا عن وزارة الاقتصاد والمالية حول إمكانية إحداث الزيادات المقررة في أجور موظفي القطاع العام خطرا على التوازن الميزانياتي للمالية العمومية المغربية.

إذ اعتبر التقرير الحامل لعنوان “البرمجة الميزانياتية الإجمالية لثلاث سنوات 2024 – 2026″، أن إجراءات التوظيف أو زيادة الرواتب أو الترقيات غير المتوقعة، لصالح فئة معينة أو جميع الفئات من موظفي الدولة والتي يتم اتخاذها في إطار الحوار الاجتماعي مع التمثيليات النقابية، ما شكل تحملات إضافية لم يتم التخطيط لها في البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات.

واعتبر خبراء اقتصاديين واجتماعيين وفاعلين نقابيين، أن التدهور الاجتماعي والمعيشي للأسر المغربية وصغار الموظفين أخطر بكثير مما تحدث عنه التقرير عن خطر محتمل من الزيادات في الأجور.

وزارة المالية سقطت في تناقض صارخ..

المهدي لحلو الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، اعتبر أنه “من البديهي أن أية نفقة إضافية كيفما كانت ستشكل عبئا ماليا على ميزانية الدولة، بما فيه الزيادة في أجور الموظفين، أن نفقات كأس افريقيا لسنة 2025 وكأس العالم لسنة 2030 ستشكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة، وكذلك بناء 3000 كلم من طرق السيار، و أي إجراء آخر ينص على تدابير مالية إضافية،

وأضاف لحلو في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية أن “المشكل ليس فيما إذا كان الزيادة في أجور الموظفين يشكل عبئا ميزانياتيا على الدولة، وإنما ما هي أوليات وأسبقيات الدولة، وبالتالي ما يشكل عبئا هو فتح نفقات جديدة في قضايا لا تشكل أولوية قصوى، إذ يبدو وللأسف أن النفقات المرصودة لتغطية مصاريف تنظيم استحقاقات رياضية كبرى لا تشكل مشكلا لأصحاب التقرير، في حين الزيادة في أجور موظفي القطاع العام مشكلا كبيرا”، معتبرا أن “تحقيق التوازن الميزانياتي يتم بأمور أخرى، فهناك قطاعات لا تؤدي الضرائب وقطاعات أخرى تحظى بإعفاءات ضريبية لا مبرر لها فيما نرى التهرب الضريبي في جهات ثالثة، ناهيك عن صرف أموال ضخمة دون مراقبة.. وهذه هي النقطة الواجب محورة النقاش حولها”.

ويرى ذات المتحدث أنه “من أولويات الدولة المسطرة في قانون المالية للسنوات الماضية وحتى مشروع قانون المالية للسنة المقبلة 2025، هو تكريس أسس الدولة الاجتماعية عبر تعميم التغطية الاجتماعية الكاملة، والدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين، فعندما تضع هذه الأمور من أولويات قانون المالية السنوي، وتقول في ذات الأمر في تقرير مرتبط بقانون المالية أن الزيادة في أجور الموظفين التي تظل ضعيفة، تشكل خطرا على التوازن الميزانياتي، يجعلك تسقط في تناقض واضح وكبير”، مشيرا في ذات الصدد إلى أن “أجور الموظفين الصغار والمتقاعدين قد مُست في السنوات الأخيرة بشكل كبير نتيجة الغلاء والتضخم، ما يعني أن مصير هذه الفئات هو التفقير التام إذا لم يتم الرفع من أجورها”.

فقدان التوازن الاجتماعي أخطر..

من جهته اعتبر يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن “الاختلالات الصارخة في التوازن الاجتماعي أخطر بكثير مما تحدث عنه تقرير وزارة المالية من خطر في التوازن الميزانياتي للدولة بسبب الزيادة في أجور الموظفين”.

وأضاف فيراشين في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “تقارير رسمية تؤكد تمركز الثروة في فئة قليلة مقابل تعميم الفقر على باقي فئات المجتمع المغربي، وتُشير لتفشي مهول في الفوارق الاجتماعية بين الطبقات، ما يُفيد أن هناك اختلال واضح في التوزيع الذي يضر بشكل كبير جدا في التوازن الميزانياتي للدولة وليس الزيادة في أجور الموظفين، وهذا يستلزم ضبط آليات التوزيع وإعادة التوزيع، التوزيع من خلال الأجور، وإعادة التوزيع من خلال إصلاح النظام الضريبي”.

وفي هذا الصدد يرى القيادي بسيديتي، إحدى المركزيات النقابية الموقعة على الاتفاق الاجتماعي الأخير المتضمن زيادات في أجور موظفي القطاع العام، أن “التقرير يجب أن يتكلم بشكل كافي عن الاختلالات الكبيرة جدا في النظام الضريبي، وعدم القدرة على الضبط الضريبي لا يترتب عنه وفقط اختلال التوازن المالي وفقط، إنما اختلال التوازن الاجتماعي، وهي السبب الرئيسي فيما يشهده المغرب حاليا من احتقان اجتماعي كبير”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x