ما هي القضايا المستعجلة المطروحة على البرلمان إبان افتتاح سنته التشريعية الرابعة؟
أيام قليلة تفصلنا عن افتتاح السنة التشريعية الرابعة في إطار الولاية البرلمانية الحالي بقيادة الحزب الأغلبي التجمع الوطني للأحرار.
وتُوجد ملفات حارقة ومعقدة ذات طبيعة اجتماعية اقتصادية وسياسية تنتظر حلولا وإجراءات تشريعية برلمانية مع بداية افتتاحه في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الحالي، ملفات بعضها مرتبط بالسياقات الدولية وما تفرضه من إجراءات وطنية، والبعض الآخر مرتبط بعوامل وطنية بحثة لم تجد حلولا بعد.
وتعددت رؤى الخبراء والباحثين في الشأن السياسي والبرلماني المغربي في طبيعة هذه الأوليات، بين من يراها متمثلة أساسا في مجموعة من القوانين الناتج عنها استقطاب اجتماعي حاد، وبين من يرى أن البرلمان مطالب أولا بالوقوف على عوامل ضعفه الذاتية وتجاوزها حتى يكون فعلا مؤهلا في التجاوب مع ما تُطرح عليه من ملفات وقوانين شائكة.
قانون المالية وحسم نقاش الإضراب
رشيد لزرق، المحلل والخبير السياسي، اعتبر أن “أول قانون يُطرح بشكل مستعجل أولوي في كل بداية سنة تشريعية هو قانون المالية، لتحديده فلسفة الدولة الاجتماعية وأبرز السياسات العمومية التي سيتم القيام بها، كون قانون المالية هو الترجمة والتنزيل الفعلي لتدخلات الدولة لحل المشاكل على أرض الواقع عبد تحديد الأرصدة المالية الخاصة به لحله، والبرلمان سيكون ملزما أثناء بثه في قانون المالية المطروح من قبل الحكومة الإجابة على سؤال جوهرية والمتمثل في إلى أي حد ستؤدي الإجابات البرلمانية الاجتماعية المتضمنة في قانون المالية لتلبية الحاجات الاجتماعية المتراكمة، في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي الدولي”.
وِأشار لزرق في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية إلى أن “القانون التنظيمي الموضح لكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، يعد كذلك الموضوع الأكثر راهنية وإلحاحا على البرلمان، كونه مضطرا لإيجاد التوليفة التي ترضي بها ممثلي الشغيلة والقوى العاملة وممثلي الباطرونا، هنا سيظهر مدى قوته السياسية، فرغم أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أصدر مؤخرا رأيا انصف فيه بشكل كبير الموقف النقابي، إلا أنه يظل مؤسسة استشارية رغم طابعها الدستورية، حيث تبقى الكلمة النهائية للبرلمان وتصويته النهائي على هذا القانون بعدما يُحال عليه”.
المدونات القانونية والرقي بالعمل البرلماني
من جهته يرى عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، تحديات عدة أمام البرمان خلال السنة التشريعية المُقبلة، أبرزها النقاشات النطروحة الآن حول مشاريع المدونات القانونية منها المسطرة الجنائية ومدونة الأسرة، خاصة أنه هذه القوانين بالضبط تثير تجاذبات داخل البرلمان والاهم داخل المجتمع، لأن الحكومة تتمعتع بأغلبية عددية مريحة تمكنها من التصويت على أي مشروع قانون تطرحه، في حين تبقى عرضة دائما للتجاذبات المجتمعية وأحيانا تتمكن في التأثير حتى على مسار هذه القوانين، إضافة إلى التشريعات الضريبية.
واشار ذات المحلل السياسي في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، إلى “وجودتحدي أخر مطروح وهو الرقي بالرقابة البرلمانية على العمل الحكومي، فالقوانين المقدمة من طرف البرلمان (مقترحات القوانين) خاصة من فرق الأغلبية ضعيفة جدا وهذا راجع أساس للضعف الثقافي والتكويني الاكاديمي والتعليمي لأعضاء مجلسي البرلمان خاصة لدى فرق الأغلبية مقارنة مع أغلبية البرلمان السابق، ناهيك عن الضعف الكبير في المعارضة كذلك إذ لا يعقل ان تكون هناك معارضة جدية بقيادة أحزاب معينة كالحركة الشعبية مثلا، وكل هذا جعل من البرلمان يسقط بأكمله في نوع من الانتظارية كأنه معطل تماما، بالتالي فالرهان الأساسي حاليا هو النهوض بالوظيفة الرقيبة للعمل البرلماني”.
وتحدث العلام عن وجود “تحد ثالث يجب على البرلمان معالجته والقيام به خلال هذه السنة وفق رؤية العلام، وهو “لعب دور الوساطة الاجتماعية بين الحركات الاجتماعية الاحتجاجية وبين الحكومة، كأزمة طلبة الطب وأزمة إضرابات التعليم، والعائلات المستثناة من الدعم الاجتماعي المباشر لأسباب متعددة، إذ يُفرض من ممثلي الأمة نقل هذه الاحتجاجات للوزراء المعنيين بها ولرئيس الحكومة كذلك، والمبادرة بجمع الأطراف وتقريب وجهات النظر بينهم، إذ هذا النوع من الوساطة ظل ضعيفا جدا خلال الولاية التشريعية الحالية على عكس السابق، حيث كان على سبيل المثال فرق الاتحاد الاشتراكي إبان حكومة اليوسفي والاستقلال إبان حكومة عباس الفاسي يستقبلون قادة حركة المعطلين وينقلون مطالبهم للحكومة باعتبارهم الحزب الأغلبي ويتم إيجاد حلول معينة”.
.. ماذا أنجز البرلمان في السنتين السابقين حتى نتساءل عما سينجزه فيما تبقى من الزمن التشريعي ؟. لقد رأينا استهتار البرلمانيين بتغيبهم المتكرر و رأينا تغيبهم المقصود عن جلسة التصويت على قانون المالية…