2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
السليفاني: وزارة التعليم منكبة بجدية من أجل الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها مع الأساتذة (حوار)
يحتفي العالم في خامس أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمعلم، الذي تم إقراره منذ عام 1994 بناء على توصية من هيئة “اليونسكو” ومنظمة العمل الدولية، وأضحت هذه المناسبة التي اعتمدتها الكثير من دول العالم بشكل رسمي فرصة لاستحضار أدوار وجهود هذه الفئة داخل المجتمعات، ومناسبة للالتفات إلى مختلف المشاكل والإكراهات التي تواجهها.
ويتزامن اليوم العالمي للأستاذ بالمغرب، مع الذكرى الأولى لما سمي “الحراك الأستاذي” الذي أوقف فيه الأساتذة والأستاذات الدراسة وخرجوا للإحتجاج في الشوارع لأشهر عدة، مطالبة للحكومة والوزارة الوصية بتحقيق عدد من المطالب التي تمت الإستجابة لبعضها؛ في ما يزال البعض الآخر يتم تدارسه داخل جلسات الحوار القطاعي التي تشرف عليه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
وفي الوقت الذي يرى البعض من الأساتذة والأستاذات أن ما تحقق لصالحهم خلال الأشهر الأخيرة من مطالب بقية عالقة لعقود في رفوف الوزارات، يعتبر تقدما ملموسا ورغبة في الإهتمام بقطاع التعليم وفي جوهره الأستاذ والتلميذ، يرى البعض الآخر أن ما تحقق يظل غير كافٍ بالنظر إلى الأدوار المركزية التي تقوم بها هذه الشريحة في المجتمع، ولابد من تكثيف الجهود لتحقيق مكاسب أخرى؛ في مقدمتها حلحلة الملفات التي ما تزال عالقة.
من أجل مناقشة هذا الموضوع، اختارت صحيفة “آشكاين” الإخبارية أن تستضيف في فقرة حوار “ضيف السبت لهذا الأسبوع، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة، مصطفى السليفاني.
في ما يلي نص الحوار:
بهذه المناسبة؛ كيف تقيم وضع الأستاذ في المغرب بعد “الحراك الأستاذي” السنة الماضية؟
بداية اسمحوا لي أن أغتنم مناسبة اليوم العالمي للمدرس، التي تصادف 5 أكتوبر من كل سنة، لأهنئ كافة المدرسات والمدرسين بجهة بني ملال خنيفرة بشكل خاص وبكافة جهات الوطن بشكل عام بعيدهم الأممي، وأتقدم إليهم، بصفتي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة، بخالص الشكر والتقدير على مجهوداتهم الطيبة، التي يبذلونها بروح وطنية عالية، وبنكران ذات، حتى يرتقوا بتلامذتنا لما نصبوا إليه جميعا.
الاهتمام بالمدرس(ة) ليس مرتبطا باحتجاج، ولا بظرفية خاصة، وليس مناسباتيا، بل هو نتاج قناعة راسخة لدى الوزارة، ولدى الحكومة، بل لدى كل مكونات الدولة المغربية، بأنه لا إصلاح لقطاع التعليم بدون الاهتمام بالعنصر البشري، وفي مقدمتهم المدرس(ة)، باعتباره المنفذ الميداني، والمباشر لكل الإصلاحات التربوية، التي تستهدف التلميذ أولا وأخيرا.
إن النقاش الذي واكب الصيغة الأولى للنظام الأساسي للتربية الوطنية السنة الماضية أمر صحي، وقد سمح بالتفاعل أكثر مع مطالب نساء ورجال التعليم، والإحاطة بمختلف المشاكل الفئوية، خاصة أن القطاع يضم ما يقارب 300 ألف مدرس(ة)، ويتوزع على فئات متعددة، لكل فئة خصوصياتها، ومطالبها. فلا يمكن إلا أن نثمن تجاوب الوزارة والحكومة مع مختلف المطالب المعبر عنها، الأمر الذي أفرز نظاما أساسيا لموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية، تسري مقتضياته على جميع موظفي القطاع، وقد تم إعداده وفق مبادئ المساواة والإنصاف والاستحقاق، وذلك كله من أجل تثمين أدوار المدرسين، وتطوير أدائهم المهني، ورد الاعتبار لمهنة التدريس، حتى يتم تحقيق الأثر الإيجابي على التلاميذ، وعلى واقع الممارسة الصفية، وهذه هي الغاية من كل إصلاح.
شخصيا أنا متفائل بأجواء الثقة التي بدأت تترسخ بالقطاع، ونحن ماضون في الاهتمام بأوضاع المدرسين، وبموقعهم الاعتباري، ولعل جلسات الحوار الاجتماعي التي يتم عقدها في هذه الفترة مع الوزارة، ومواصلة أجرأة بنود ومقتضيات النظام الأساسي، لخير دليل على أجواء الثقة التي أصبحت تميز قطاع التربية الوطنية في هذه المرحلة.
(مقاطعا) أشرت إلى وجود أجواء الثقة في القطاع، ألا ترى أن الاضرابات والاحتجاجات وتأخر تحقيق مطالب الاساتذة دليل على عدم وجود هذه الثقة بين الأساتذة والوزارة الوصية؟
أولا؛ لا بد من التأكيد أن النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية تشارك في جلسات العمل المشترك مع الوزارة بانتظام لأجرأة وتنفيذ بنود النظام الأساسي، وقد تمت أجرأة عدد من الالتزامات فعليا. أما عن الإضرابات، فلم تدعو أي نقابة من النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية لأي إضراب حسب علمي، اللهم بعض المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي سيتأكد من خلال الميدان مدى صدقيتها، ومشروعية أصحابها. علما بأن الوزارة منكبة بجدية من أجل الوفاء بالتزاماتها، وتعهداتها، وفق مقاربة تشاركية، منسجمة مع النهج الذي تبنته منذ البداية.
وكيف ترى مستقبل الأستاذ في المغرب بعد انتهاء الحوار القطاعي الذي يتم حاليا؟
كما أسلفت، لم يرتبط الاهتمام بوضع المدرس يوما بالحوارات الاجتماعية أو بالاحتجاجات أو حتى المكتسبات المتحققة، فالمدرسون يؤمنون بنبل رسالتهم، وبأدوارهم المجتمعية في تأهيل الرأسمال البشري الذي يعتبر اليوم المدخل الأساس لتطور الدول، والمسؤولون واعون بأدوار المدرسين في إنجاح الإصلاح، لذلك نعتبر هذا الوعي المشترك ضمانة أساسية لبناء مزيد من أجواء الثقة، والمضي قدما في طريق التحول المأمول لمنظومتنا التربوية المغربية.
إن المدرسين يحتاجون أكثر إلى تقدير أدوارهم، وترسيخ وضعهم الاعتباري في المجتمع، وقد عبروا هم أنفسهم عن ذلك في عدد من المحطات، فمهامهم النبيلة أكبر من أن ترتبط بمكاسب مادية. صحيح أن الوضعية الاجتماعية والمادية أساسية لتيسير شروط العمل، ولكنها ليست هي الغاية في حد ذاتها.
هناك اعتراف دولي بأدوار المدرسين، وقد تم تأكيد ذلك من خلال توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية عام 1966 بشأن أوضاع المدرسين، والتي تضمنت مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق وواجبات المدرسين، ومعايير تكوينهم الأساس والمستمر…، وهي شروط تم الالتزام بها في خارطة الطريق 2022 – 2026 المعتمدة من طرف الوزارة، حيث جعلت المدرس أحد أهم ركائزها. فالوزارة في إطار تنفيذ خارطة الطريق بصدد تنزيل مجموعة من المشاريع والمبادرات، منها الاستثمار في التكوين وتعزيز جاذبية مهنة التدريس، وذلك من خلال إعادة هيكلة مسارات التكوين الأساس ومراجعة وتجويد البرامج والمناهج المرتبطة به، فضلا عن الارتقاء بالتكوين المستمر لما له من أثر على تجديد وصقل الكفايات المهنية وتطوير الممارسات داخل الفصول الدراسية لتحقيق الأثر الإيجابي.
أيها المسؤولون شيوخ التربية والتعليم ضحايا النظامين الأساسيين السابقين ينتظرون وضع حد لمعاناتهم وإنصافهم بترقية عادلة ومنصفة وطي هذا الملف الذي يعود الى ثمانينات القرن الماضي