لماذا وإلى أين ؟

العفو الملكي والتفاعل الإيجابي لمعتقلي الحراك

لن يختلف عاقلان على كون مبادرة عفو الملك محمد السادس، على عدد من معتقلي أحداث الحسيمة والنواحي، أو ما يعرف إعلاميا بـ”حراك الريف” مؤشرا على كون الملف قد يأخذ منعطفا آخرا، وقد تكون هذه المبادرة بداية الطريق نحو طيه بشكل نهائي، باعتبار أن الحل فيه سياسي أيضا وليس قضائي فقط.

فخلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها  “آشكاين” لمدينة الحسيمة، يومان فقط بعد العفو عن 184 معتقلا من بينهم 11 كانوا يتواجدون بالسجن المحلي عين السبع 1 “عكاشة”، وقفت على عدد من المؤشرات الدالة على التقاط ساكنة المنطقة للرسالة الضمنية من وراء العفو عن عدد من المعتقلين.

المؤشر الأول: ارتباطا بالجو العام داخل مدينة الحسيمة وإيمزورن اللتين زارتمها “آشكاين”، فالفرحة كانت بادية على وجوه أغلب ساكنتها، والأمل يحذوهم في فرج كبير يلوح في الأفق، وحتى لهجة حديثهم عن المعتقلين والملف المطلبي لانت وأصبحت أكثر تفاؤلا مما كانت عليه. فمن سائق سيارة الأجرة إلى صاحب المطعم، الكل يؤكد على أن الحسيمة تنفست جرعة أمل بهذه المبادرة.

المؤشر الثاني: تجلى في البهجة التي عمت أسر المعتقلين المفرج عنهم، فكل الأسر التي استقبلت “آشكاين”، كان عيدها عيدان، وفرحتها فرحتان، الأولى بالأفراج عن فلذات أكبادها، والثانية بعيد الأضحى الذي غابت فرحته عن هذه الاسر السنة الماضية.

“لم نكن ننتظر هذا العفو، وفرحنا كثيرا، رغم أنها فرحة ناقصة لكون معتقلين آخرين مازالوا بالسجن”، كانت هذه الإجابة هي المشتركة بين كل الأسر، وهو ما عبرت عنه أسرة قائد حراك الريف، ناصر الزفزافي، بتثمينها للمبادرة الملكية، واعتبارها أن العفو عن معتقلين على خلفية حراك الريف “يمكن أن يكون بصيص نور في نهاية النفق”، “ومادام أن هناك استئناف سننتظر، ودائما سنعيش على الأمل، فمن لا يعيش على الأمل ينتحر ونحن لن ننتحر”، يقول أحمد الزفزافي والد ناصر الزفزافي.

المؤشر الثالث: تجلى في الرسالة الإيجابية التي عبر عنها المعتقلون المشمولون بعفو الملك، والذين حاورتهم “آشكاين”، حيث أجمعوا على كون “هذه المبادرة إيجابية”، وجاءت في وقت لم يكونوا ينتظرونها فيه، مما فاجأهم وجعلهم يتفاءلون خيرا بها”، راغبين في “تعميمها لتشمل كل رفاقهم”.

المعتقلون المفرج عنهم الذين تحدثوا لـ”آشكاين” اعتبروا أن العفو الملكي ” فتح ثغرة في جدار الصمت الرسمي عن مآل الملف ورسم خارطة طريق من أجل إغلاقه، وأبان عن تغليب منطق حكمة العقلاء والمصلحة الوطنية على مبدأ القبضة الأمنية والمقاربة الزجرية”.

ورغم كل هذه المتغيرات الإيجابية والمبشرة بقرب نهاية هذه القضية، إلا أن الأمر غير المفهوم هو كيفية التعاطي معها إعلاميا، فباستثناء تغطية خبر العفو الملكي، لم نرَ تلك الالتفاتة النوعية لما حمله من رسائل ضمنية من طرف الإعلام العمومي.

طرف أخر لم يعجبه هذا العفو، وهم من يسمون أنفسهم بـ”الجمهوريين”، والذين سماهم بعض النشطاء بـ”جمهوريي اللايف”، حيث سارع بعضهم عبر صفحات منسوبة إليهم لمهاجمة مبادرة العفو واعتبروا من قبِل بها “خائنا للحراك”، بحسبهم. فيما اعتبر البعض الآخر منهم، أن الفضل في العفو عن معتقلي الحراك يعود إليهم ولما مارسوه من ضغط على الدولة المغربية، ناسين أو متناسين أن مجرد مسيرة واحدة بالرباط، دعما للمعتقلين، ومن أجل المطالبة بحل للملف، توازي كل مسيراتهم المتفرقة عبر مختلف المدن الأوروبية.

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو لماذا لم تَعطَ لهذه المبادرة أهميتها وتسليط الضوء على الجوانب المنيرة فيها ودعمها من أجل توسيعها؟

ومن ذا الذي لا مصلحة له في انفراج ملف حراك الريف وطيه نهائيا؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x