لماذا وإلى أين ؟

الصمدي : حماية حقوق الصحافيين واجب جماعي يتطلب التزام الجميع (حوار)

يواجه الصحفيون الشباب في المغرب تحديات متزايدة تتعلق بالجوانب المهنية والاجتماعية، مما يضعهم أمام اختبارات صعبة في ظل التحولات التي يشهدها القطاع. وأمام هذا الوضع، ارتأت “آشكاين”، استضافة رئيس جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافيين الشباب، محسن الصمدي، في فقرة ضيف الأحد لهذا الأسبوع، لمناقشة أبرز التحديات التي تواجههم اليوم، ودور الجمعية في التصدي لها، بالإضافة إلى خططها المستقبلية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للصحافيين.

إليكم نص الحوار:

ما هي أبرز التحديات الاجتماعية والمهنية التي تواجه الصحفيين الشباب في المغرب اليوم، وكيف تخطط الجمعية للتعامل معها؟

بداية، لا يمكن إنكار أن المجال الصحفي، وعلى الرغم من كل ما يُقال عنه، يشهد حاليًا تطورًا ملحوظًا على المستويين المهني والاجتماعية؛ ومع ذلك، يواجه الصحفيون بشكل عام، والشباب منهم بشكل خاص، عدة تحديات تتعلق بالجوانب الاقتصادية وبفرص تطوير المهارات.

ففي مرحلة ما بعد كوفيد 19، عانى الصحفيون من أوضاع اقتصادية غير مستقرة، حيث أدت تداعيات الجائحة إلى تقليص فرص العمل وتراجع الأجور، مما جعل الكثير منهم يعيشون تحت ضغط مالي متزايد، وأضعف قدرتهم على الاستمرار في مهنة تُعتبر صعبة بطبيعتها؛ ورغم المحاولات الرامية لتحسين الظروف، إلا أن هذه الأوضاع ما زالت قائمة حتى اليوم بشكل متفاوت.

علاوةً على ذلك، يواجه الصحفيون الشباب نقصًا في فرص التدريب والتطوير المهني، مما يعيق قدرتهم على اكتساب المهارات الجديدة اللازمة لمواكبة التغيرات السريعة في عالم الإعلام؛ فرغم وجود هيئة للتنظيم الذاتي للقطاع ونقابات تمثل المهنيين، إلا أن عددًا من الصحفيين يجدون أنفسهم أحيانًا، لسبب أو لآخر، في حاجة للمزيد.

لذا، حاولت الجمعية أن تتدخل في تلك الحالات، نظرًا لكونها هيئة تضم شباب صحفيين مهنيين ممارسين، يعملون بشكل يومي في الميدان، ويعيشون واقع زملائهم ويشاركونهم ما ينالهم من إيجابيات وسلبيات في هذا المجال.

كيف تقيمون دور الجمعية في تعزيز حقوق الصحافيين وحمايتهم من الانتهاكات المهنية؟ وما هي أهم الإنجازات التي حققتموها حتى الآن؟

منذ تأسيس الجمعية، حاولنا بكل الوسائل المتاحة الدفاع عن حقوق الصحافيين وتعزيز سلامتهم المهنية، وذلك من خلال الترافع في القضايا المتعلقة بالاعتداءات والانتهاكات، والرفع من الوعي المجتمعي حول هذه القضايا.

وقد قدمت الجمعية بالفعل الدعم المعنوي والقانوني للصحافيين المتضررين من الاعتداءات، في مجموعة من الحالات، كما أصدرت بلاغات تنديدية عبرت فيها عن استنكارها لهذه الانتهاكات، وذلك في سبيل تسليط الضوء على هذه القضايا وزيادة الضغط على الجهات المعنية لتحسين أوضاع الصحافيين.

وقد أكدنا في الجمعية، أكثر من مرة، استعدادنا للتدخل في الحالات التي تستوجب ذلك، سواء من خلال تقديم الدعم القانوني والمعنوي للصحافيين المتضررين أو من خلال التنسيق مع الجهات المعنية لضمان حماية حقوقهم، لأننا نؤمن بأهمية التصدي للانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، ونسعى إلى تعزيز بيئة عمل آمنة تتيح لهم ممارسة مهامهم بحرية ودون خوف.

في هذا الصدد، فإننا أننا ندعو إلى تضافر الجهود بين كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك المؤسسات الوصية على قطاع الإعلام والجهات الحكومية والنقابات، لتحقيق هذا الهدف، حيث نؤكد أن حماية حقوق الصحافيين هي واجب جماعي يتطلب التزام الجميع لحماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحافيين في أداء واجبهم المهني.

ونحن مستعدون، في هذا الإطار، للعمل على تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة أي اعتداءات أو انتهاكات قد تحدث مستقبلا، ونؤمن بأهمية التوعية والتثقيف حول حقوق الصحافيين داخل المجتمع، وسنواصل جهودنا لمتابعة القضايا المطروحة، كما نؤكد على أهمية استجابة السلطات بشكل عاجل وفعال لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

هل تعمل الجمعية على برامج تدريبية أو فرص تنمية مهنية للصحافيين الشباب؟ وكيف يمكن للصحافيين الاستفادة منها؟

قامت الجمعية، خلال السنتين المنصرمتين، بتنظيم برامج تدريبية وخلق فرص لتنمية وتطوير مهارات الصحافيين الشباب، حيث أطلقت سلسلة من ورش العمل التي تناولت موضوعات متعددة تتعلق بمختلف مجالات الصحافة والإعلام، ومن بين هذه الورش، كانت هناك ورشة عمل تحت عنوان “من أجل تغطيات مهنية وتعددية لمواضيع الهجرة واللجوء بالمغرب”، والتي تم تنظيمها بالتعاون مع الشبكة المغربية لصحفيي الهجرات، والتي تم خلالها التركيز على كيفية تغطية قضايا الهجرة واللجوء بشكل احترافي يتسم بالتعددية ويعكس مختلف وجهات النظر، وكان الهدف الرئيسي منها هو تعزيز قدرة الصحافيين على تقديم تقارير دقيقة وشاملة حول قضايا الهجرة التي تؤثر على المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، نظمت الجمعية لقاء تأطيري يركز على “كيفية تغطية المنافسات الرياضية الدولية” مستخدمة كأس العالم للأندية الذي احتضنته المملكة كنموذج، وتم خلال اللقاء تناول الأساليب وزوايا المعالجة الجيدة التي يمكن أن يتبناها الصحافيون أثناء تغطية الأحداث الرياضية الكبرى، مما يساعدهم على تحسين جودة التقارير الرياضية المقدمة.

كما تم تنظيم ورشة تدريبية متخصصة حول “التغطية الإعلامية لقضايا البيئة والمناخ”، بالتعاون مع دار المناخ المتوسطية، تم خلالها تقديم معلومات وموارد مهمة حول التحديات البيئية والتغيرات المناخية، وكيفية تناول هذه القضايا بشكل فعال في وسائل الإعلام.

أخيرًا، نظمت الجمعية ورشة تدريبية حول “تدقيق المعلومات والتحقق من الأخبار” بشراكة مع مؤسسة أريج ومبادرة أخبار جوجل، تم فيها تكوين الصحافيين في كيفية التحقق من صحة المعلومات وكشف الأخبار الزائفة، وهو ما يعد جزءًا أساسيًا من العمل الصحفي في عصر المعلومات الرقمية وكثرة الأخبار المغلوطة والمضللة، وكان الهدف من هذه الورشة هو تعزيز قدرة الصحافيين على تقديم محتوى دقيق وموثوق للجمهور.

وكانت المشاركة في هذه الورشات مفتوحة لجميع الصحافيين بدون استثناء، مما أتاح الفرصة للعديد من الصحافيين الشباب لتطوير مهاراتهم واكتساب خبرات جديدة، وتعزيز معرفتهم في مجالات مهمة ومتنوعة.

ما هي بعض المعيقات التي قد تكون واجهت الجمعية؟ وهل تمنعكم هذه المعيقات من تطوير عملها؟

هي نفسها المشاكل والمعيقات التي قد تواجه أي مؤسسة أو تنظيم كيفما كان نوعه، غير أن الجمعية تضم طاقما شابا، يتمتع بروح العزيمة والإرادة والإبداع، مما يمكننا من مواجهة جميع المعوقات التي قد تعترض طريقنا.

ومع ذلك، فإننا نؤمن أن الاستفادة من تجارب الآخرين هي من أهم مفاتيح النجاح، لذلك، لا نخجل من الاستشارة والتعاون مع من سبقونا من قيدومين ومخضرمين، الذين يمتلكون خبرات قيمة يمكن أن تعزز من قدرتنا على تجاوز الأزمات، ومن خلال هذا التنسيق، نضمن تبادل المعرفة وتراكم التجارب، مما يمنحنا القدرة على الاستمرار.

ما هي خطط الجمعية المستقبلية لتحسين الأوضاع الاجتماعية للصحافيين؟

نعكف حاليًا على إعداد ملف ترافعي متكامل لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للصحافيين، يتضمن عدة محاور رئيسية، وتسعى الجمعية من خلاله لتقديم مقترحات لتعديل وتحسين القوانين الحالية التي تنظم العمل الصحفي، بحيث تتناسب مع متطلبات العصر الحديث واحتياجات الصحافيين الشباب، نظرًا لكون هذه الفئة تشكل نسبة كبيرة من العاملين في المجال الصحفي.

ويتضمن الملف أيضًا مجموعة من المقترحات لتعزيز حقوق الصحافيين، بما في ذلك تحسين الأجور، وضمان الحماية القانونية، وتحسين ظروف العمل.

إضافة إلى ذلك، نعمل على مواصلة استراتيجيتنا القائمة على عقد شراكات مع مؤسسات عمومية وخصوصية بهدف تسهيل ولوج الصحفيين الشباب لمجموعة من الخدمات، سواء لهم أو لأفراد أسرهم، حيث توفر هذه الشراكات مزايا مثل الرعاية الصحية، والبرامج التدريبية، والخدمات الاجتماعية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x