لماذا وإلى أين ؟

المال والسلطة بين ترامب وأخنوش

لم تشكل عودة المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض مفاجأة، بل أصبحت هي “العادي” الجديد “the new normal” في أميركا وحتى باقي العالم، حسب مراقبين.

وما أن أعلن رسمياً عن فوز ترامب بأغلبية المجمع الانتخابي، وكذلك بالتصويت الشعبي، حتى ارتفعت الأسواق المالية وبدأ المليارديرات وقادة الأعمال من مختلف القطاعات التفاعل مع المستجدات السياسية، وانتعش الدولار الأميركي وارتفعت أسهم العديد من المؤسسات الاقتصادية وغيرها.

فترامب قبل أن يكون رئيسا هو رجل أعمل يتمتع باستقلالية مالية كبيرة، راكم ثروة مالية مهمة من الأعمال التي يقوم بها، منذ انضمامه عام 1968 للعمل مع والده ضمن مؤسسة ترامب العقارية التي كانت متخصصة في تأجير المساكن للطبقة المتوسطة بأحياء نيويورك، حتى أصبح الرئيس التنفيذي لها بعد توسعها ودخولها الاستثمار في مجالات جديدة.

استطاع ترامب القيام باستثمارات ضخمة داخل الولايات المتحدة وخارجها في مجموعة من المجالات، أبرزها العقار والإعلام، حتى أصبح اسمه (ترامب) علامة تجارية تقدر بملايين الدولارات في السوق الأميركية.

لم يسبق لترامب أن مارس عملا سياسيا مباشرا، قبل أن يقترح النواب الجمهوريين في ولاية نيويورك عام 2013 مشاركته في سباق المنافسة على منصب حاكم الولاية مع أندري كومو، وهو ما رفضه ترامب، ليرشحه بعدها بـ3سنوات ذات الحزب للانتخابات الرئاسية التي جرت في نونبر 2016، والتي تمكن من الفوز بها وتصدر النتائج المعلنة ليصبح الرئيس الـ45 في تاريخ أميركا.

سيرة ترامب يطغى عليها طابع رجل الأعمال أكثر من طبع السياسي، لكن رغم ذلك لم يتهمه أحد السياسيين الأمريكيين، سواء من الحزب المنافس أو المراقبين، بالسعي إلى الجمع بين الثروة والسلطة، أو كونه في موقع تنافي لأنه صاحب مشاريع ضخمة وفي نفس الوقت رئيس السلطة التنفيذية لأكبر اقتصاد في العالم.

لم تشكل ثروة ترامب وأعماله الاقتصادية عائقا أو نقطة ضعف في مشواره نحو البيت الأبيض، بل كانت نقطة قوة، حيت جعلته متحررا من جماعات الضغط في حزبه، واستطاع فرض شروطه وبرنامجه وهو ما عزز ثقة الناخب فيه.

بل الأكثر من ذلك، بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، شرع ترامب في تشكيل فريقه الإداري الذي ضم أسماء فاجأت العالم، ومن أبرزها إيلون ماسك، الذي صنف أغنى رجل في العالم عام 2021، وقدرت ثروته بـ250 مليار دولار أميركي حسب مجلة فوربس عام 2024، والذي تم تعيينه في منصب مستحدث؛ وزيرا “للكفاءة الحكومية”.

ورغم ذلك، لم يصدر الحزب المنافس بلاغا أو تصريحا لأحد قادته يندد ويرغد ويزبد ضد هذا التعيين ويكشف خطورته على المال العام الأمريكي، وكل ما صدر عن الديمقراطيين الأمريكيين هو إقرار مرشحتهم بهزيمتها، دون توجيه أي اتهام لخصومهاـ الأغنياء جدا، باستعمال المال الحرام لكسب الانتخابات أو تشكيل حكومة رجال المال والأعمال.

نعم، إنه النموذج الأمريكي الذي يهتم فيه الناخب ببرنامج مرشحه وما سيقدمه له كمواطن من امتيازات وكيف سيعمل على إنعاش الاقتصاد والحد من البطالة وباقي الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وشغل، لا يهمه إن كان المرشح غنيا مثل ترامب أو فقيرا كما قيل عن أوباما، لأن له كمواطن الثقة في أن باقي مؤسسات بلاده الرقابية والقضائية تستطيع حماية المال العام ومصالح البلاد السفلى العليا.

ترامب ليس المسؤول الوحيد الذي جاء إلى ممارسة السياسة من عالم المال والأعمال، فهناك حالات أخرى مشابهة لسيرته عبر العالم ، من بينها نموذج رئيس الحكومة المملكة المغربية عزيز أخنوش.

فسيرة أخنوش مشابهة إلى حد ما مع سيرة ترامب، فهو أيضا (أخنوش) يغلب على سيرته الذاتية طابع الاقتصادي أكثر من السياسي، لكونه بدأ مشواره كاقتصادي بالمجموعة العائلية التي وضع حجرها الأساس والده أحمد أولحاج أخنوش، قبل أن يلتحق بالعمل السياسي من بوابة الحكومة قبل 17 سنة.

إلا أنه لم يلق نفس الترحيب الذي لقيه ترامب ولا نفس النظرة التي نظر بها الأمريكيين لتعيين ماسك بمنصب حكومي ، رغم كونه أغنى رجل في العالم، والذي لشركاته عقود مع الإدارة الأمريكية.

فمنذ ولج أخنوش عالم السياسة وهو في أعين خصومه متهم دائم بـ”تهديد المال العام عن سبق إصرار وترصد”، لا لشيء سوى لكونه قادم من عالم المال والأعمال.
بل الأكثر من ذلك، لم يشفع له (أخنوش) تخليه عن مسؤولياته الإدارية في المجموعة الاقتصادية لعائلته عند توليه رئاسة الحكومة، وسارت كل صفقة أو مشروع تناله هذه المجموعة بمثابة حجة لدى خصومه بكونها نتيجة استغلال الجمع بين المال والسلطة، فقط لأنها مجموعة اقتصادية لعائلة أخنوش.

فما الذي ينقص الفاعل السياسي المغربي حتى يثق في كون المؤسسات الرقابية والقضائية بالمملكة قادرة على حماية المال العام؟

وما الذي يخيف بعض السياسيين المغاربة من ولوج أبناء وطنهم من رجال الأعمال والاقتصاديين بالداخل والخارج، لعالم السياسة وتوليهم للمسؤوليات الحكومية والمناصب العليا في ظل احترام القوانين المعمول بها في المملكة؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
20 نوفمبر 2024 15:57

اذا كان هذا المقال وسيلة لتلميع صورة اخنوش وتشبيهه بترامب،فالمقارنة لا تستقيم،لأن هناك فارق جوهري بين المنصبين، لان رجل الاعمال السياسي في امريكا يخضع لمراقبة مشددة على ماله واعماله اتناء توليه منصب الرءاسة حيت يبرأ دمته المالية قبل تولي المنصب ويتخلى عن التسيير المباشر لأعماله، وتخضع مداخيله للمراقبة والتتبع من طرف القضاء وقد ادان القضاء ترامب في كتير من القضايا المالية والضريبية التي لازالت تداعياتها لم تنتهي لحد الساعة، والكل يعلم ان السلاوي المغربي مستشار ترامب في القضايا الصحية قدم استقالته المؤتقة من شركته كشرط لتولي هذا المنصب، وهي مع الاسف ليست نفس الشروط التي يخضع لها اخنوش وحاشيته اليوم، فلا داعي لمقارنة ما لا يقارن.

MRE 7500
المعلق(ة)
20 نوفمبر 2024 00:13

Bonsoir C’est très difficile de chasser l’Idéologie communo-Socialo-staliniens des années d’avant qui consiste à taxer d’après eux, les riches des méchants voleurs ils exploitent les pauvres ils oublient que le ciel il ne donne rien sans rien et ce sont les riches qui créent les richesses. on préfère être exploité par un Riche qui gagne, que d’un fainéant qui vit à l’ombre des contribuables c’est triste de taxer les riches des voleurs et les pauvres des fainéants! ou la solution alors? où la solution

ملاحظ
المعلق(ة)
19 نوفمبر 2024 19:35

هذا السؤال الاخير يجب طرحه على بنكران وحزبه لانهم هم يقض مضجعهم اشتغال الاثرياء بالسياسة. ونسوا كريم العمراني وجطوا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x