لماذا وإلى أين ؟

رمال الصحراء تتحرك تحت العلاقات المغربية- الإيرانية

حسن قديم*

يعود الحديث مرة أخرى عن تطبيع العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بعد قطيعة بين البلدين دامت لسنوات، بسبب ما اعتبرته الرباط دعم من طهران لعناصر البوليساريو الانفصالية وتدريبها عسكريا لزعزعة استقرار المغرب.

لذا يمكن القول إن العقيدة الديبلوماسية للخارجية المغربية واضحة، تتمثل في منظار الصحراء المغربية الذي ترى به المملكة العالم، وهكذا صار كل من يعادي الوحدة الترابية للمغرب أو يقف في المنطقة الرمادية لا مكان له ضمن علاقات الرباط، فأصبحت المراوغة في المواقف تجاه الوحدة الترابية المغربية، لا أساس لها في الدبلوماسية المغربية، مما دفع بمجموعة من الدول إلى التفكير بعمق في ما ورد في الخطاب الرسمي المغربي تجاه قضية الصحراء، والسيادة الترابية.

وإن كانت بعض الدول تتخذ مواقف رمادية في قضية الصحراء المغربية، فيما قبل فإنها انتقلت إلى منطقة الوضوح، وهذا ما أظهرته الانتصارات الديبلوماسية التي حققها المغرب في مسار دفاعه عن كامل سيادته على أقاليمه الجنوبية، أهمها الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وقبله الاعتراف الأمريكي، إضافة إلى دول كبرى أخرى كفرنسا وإسبانيا وألمانيا وغيرها من الدول، مما جعله يربح نقاط عديدة في مواجهة خصوم وحدته الترابية، وبفضل سياسة المملكة المبنية الوضوح والمصداقية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

إضافة إلى التغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط، وعودة ترامب إلى البيت الأبيض وعلاقاته الجيدة مع العاصمة الرباط، مقابل ضعف الجارة الجزائر، وتآكل أطروحتها وتخبط نظامها العسكري، والذي ما زال يعيش في عالم آخر ويردد أسطوانات عفا عنها الزمن، دفعت إيران إلى التودد إلى المغرب، بحثا عن شريك موثوق فيه ومتنفس خارج رقعة الشرق الأوسط الملتهبة.

إيران تعي جيدا أن المغرب صار رقما إقليميا ودوليا صعبا، بفضل استقراره وأمنه، وموقعه وسياسته الخارجية المتسمة بالهدوء والحكمة ورباطة الجأش، والمبنية على الشراكات رابح- رابح، وارتباطه الوثيق بعمقه الإفريقي.

وفي هذا الصدد يقول وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف، والذي وصفته فوربس مجلة “فوربس” بكونه واحدا من “عباقرة التفاوض في العالم”.  في الديبلوماسية يجب أن تكون واقعيا، وهذا ما ذهبت إليه الجمهورية الإيرانية في علاقتها بالمملكة، من خلال العمل بواقعية وبراغماتية، والترحيب بإعادة قنوات التواصل مع الرباط.

تفهم إيران جيدا شروط الرباط، وتوددها لإعادة العلاقات بين البلدين فرضته التحولات الجيو-استراتيجية بالشرق الأوسط، وربما تبعث من خلال خطوتها إشارات إيجابية إلى الرباط، فالدول تتحرك وفق مصالحها الخارجية بواقعية وبراغماتية، والجمهورية الإسلامية تهدف من خلال تحركاتها إلى تصحيح مسار علاقتها مع المغرب.

أولى الإشارات الإيجابية التي بعث بها الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، في سعيه لتطبيع علاقات بلاده مع المغرب إعفاء الملحق الثقافي الإيراني السابق بالجزائر أمير موسوي، بعد استقباله لمندوبين من البوليساريو.

كما ن التقارب الايراني- السعودي يعتبر عاملا إيجابيا قد يسرع عودة العلاقات بين الرباط والطهران، خاصة وأن الرياض تربطها علاقات استراتيجية بالمملكة المغربية،وشراكات كبرى، وتتخذ مواقف واضحة وحازمة وداعمة للقضايا الكبرى للمغرب،أبرزها قضية وحدته الترابية وسيادته على أراضيه.

كما أنالجمهورية الاسلامية فهمت أن الرهان على الجزائر لن تجني منه غير الشوك، وهو الأمر الذي دفع طهران إلى تغيير استراتيجيتها من خلال التقرب إلى المغرب، هذا الأخير يضع شرطا واحدا وواضحا يتمثل في التخلي عن دعم جبهة البوليساريو والاعتراف بمغربية الصحراء.

وبناء على ما سبق، هل تتحرك رمال الصحراء تحت علاقات البلدين، وتعيد الدفيء إلى علاقة طهران بالربط؟

*صحافي مغربي

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
MRE 7500
المعلق(ة)
25 نوفمبر 2024 00:35

Faux l’Iran dirigé par une 2quipe religieuse rigoriste Fanatique , la Preuve? Iran elle voté à l’ONU contre le Maroc , pourquoi avoir la politique d’autruche ? Lisez les médias l’Iran elle a voté au EU contre le Maroc

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x