لماذا وإلى أين ؟

اعترافات رئيس مجلس النواب

سعيد الغماز

في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انتخابات 08 شتنبر، يعترف السيد رئيس مجلس النواب، بالقوة الاقتراحية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان. كان ذلك خلال مكالمة هاتفية بينه وبين الصحفي محمد التيجيني، أفصح عن مضمونها هذا الأخير.
جاء في تصريح التيجيني، أن السيد رئيس مجلس النواب، اعتبر أن العبرة ليست بالمدة الزمنية المتاحة لتدخل النواب، وإنما العبرة تكمن فيما يقوله النائب، وفي مضمون خطابه. مستشهدا على ذلك بالمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، التي ليست فريقا، واستطاعت رغم ذلك أن تكون رقما صعبا في البرلمان. كما أنها صوت يتفوق على الكثير من فرق الأحزاب التي حصدت العشرات من المقاعد البرلمانية، في انتخابات 2021، لكن أثرها في القبة التشريعية إما ضعيف أو لا أثر له.
قبل الحديث عن الأسئلة المرتبطة باعتراف رئيس مجلس النواب، لا بد من أن أُعرِّج على هذا التصريح، لأقول إنه يأتي متزامنا مع تصريح آخر لزميل رئيس البرلمان في الحزب السيد محمد أوجار. يتساءل هذا الأخير عن تدبير مؤسسات الحكامة التي يسيطر عليها حزب يساري حسب زعمه، ولماذا لا نجد نخب حزب العدالة والتنمية تحظى هي الأخرى بمثل هذه المناصب؟ هذا الاهتمام بوضعية الحزب البعيدة عن مناصب المسؤوليات في الدولة، وبشكل متزامن، يدعو لطرح أكثر من سؤال.
بالعودة لتصريح السيد رئيس مجلس النواب، نقول إنه تصريح بقدر ما يعكس حقيقة المشهد السياسي وحقيقة قوة الحزب في المجتمع، بقدر ما يطرح الكثير من الأسئلة التي ما زالت عالقة، وتُحيِّر عقول المحللين، وحكمة المفكرين.
مباشرة بعد انتخابات 8 شتنبر، راج في الساحة السياسية أن حزب العدالة والتنمية انتهى. وأن عدم تمكنه من إنشاء فريق برلماني، أكبر برهان على ذلك. لكن الناخب المغربي، يجد على أرض الواقع عكس ذلك. فالحزب متواجد بأنشطته، وحاضر بنضالاته، ويقوم برسالته الدستورية المتمثلة في التأطير السياسي للمواطنين. قد لا يكون بنفس القوة التي أعقبت الربيع العربي، لكنه ما يزال في مقدمة الأحزاب، ويشتغل كحزب كبير يتنافس مع الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي بعد انتخابات 2021. وهو ما أكده السيد رئيس مجلس النواب للصحفي محمد التيجيني. واقع الحال هذا، يجعلنا نشعر بأن المعادلة مقلوبة بين نتائج انتخابات 8 شتنبر، والأداء الحزبي والسياسي على أرض الواقع.
من ناحية أخرى، ودائما في إطار التفاعل مع تصريح السيد رئيس مجلس النواب، أقول إن انتخابات 2021 أفرزت ثلاثة أحزاب كبرى من حيث عدد المقاعد. من الناحية السياسية، هذا يعني أن أثر هذه الأحزاب في الساحة السياسية، من المفروض أن يكون قويا، ولا تقوى على مواجهته باقي الأحزاب. لكننا نجد هذه الأحزاب الثلاثة، تعاني الأمرين مع حزب يملك فقط مجموعة نيابية بعد أن انتقل من 125 مقعدا، إلى 13 مقعدا ولم تمنحه الانتخابات الأخيرة ولو مجرد فريق برلماني. واقع الحال هذا، يجعلنا هو الآخر نشعر بأن المعادلة مقلوبة، لكن هذه المرة بين عدد المقاعد التي تحصلت عليها الأحزاب الثلاثة الأولى، وأداء حزبي وسياسي في أرض الواقع، بعيد كل البعد عن عدد المقاعد في قبة البرلمان.
اعتراف السيد رئيس مجلس النواب للصحفي محمد التيجيني، لا يخص المجموعة النيابية فقط، بل يتعداه إلى المؤسسة الحزبية برمتها. فحفنة من البرلمانيين لا تشكل حتى فريقا نيابيا، ماذا عساها أن تفعل أمام فُرُق برلمانية كبيرة في المقاعد وكثير في العدد. قوة المجموعة النيابية للعدالة والتمية من قوة الحزب. فوراء هذه الحفنة الصغيرة من البرلمانيين، حزبا حاضرا بقوة في المشهد السياسي، ويلعب دورا متكاملا مع حفنته البرلمانية القادمة من حزب حقيقي يمارس السياسة كما ينبغي أن تُمارس.
ختاما أستحضر كتاب الفيلسوف جون جاك روسو “اعترافات”. في هذا الكتاب يعترف روسو بالموبقات والأفعال السيئة التي لا ينبغي أن يقوم بها فيلسوف من طينة روسو. لكن المفكر تَجرَّأ واعترف بما اقترفه من سيئات. فهل نشهد في المستقبل اعترافات حول انتخابات 08 شتنبر 2021، كما جاء في اعترافات روسو؟
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x