2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
اغتيال الحاخام الإسرائيلي كوغان ينسف أسطورة “الإمارات بلد الأمن والأمان”
كثيرة هي المؤشرات التي صنفت دولة الإمارات العربية المتحدة كأحد الدول الأكثر أمانا في العالم.
على سبيل المثال، صنف معهد الاقتصاد والسلام الدولي، وهو هيئة غير حكومية معنية بقياس هذه المؤشرات، الإمارات في المرتبة الرابعة عالميًا لعام 2023 وللسنة الرابعة على التوالي. وقد وصف الإمارات بأنها من بين أكثر الدول أمانًا من حيث مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة، وبمستوى منخفض جدًا في مخاطر انتشار الإرهاب.
لكن واقعة اغتيال الحاخام/الضابط الإسرائيلي زفي كوغان، شكلت ضربة قاضية هدمت أسطورة: “الإمارات بلد الأمن والأمن” وكشف حقيقة تلك المؤشرات التي تعتبر هذا البلد الخليجي من بين الدول الأكثر أمانا في العالم، وذلك لعدد من العوامل نذكر منها:
أولا: الشخص الذي تم اغتيال يدعى زفي كوغان، إسرائيلي يحمل الجنسية المولدوفية. يبلغ من العمر 28 عاما، وكان أحد ممثلي الحركة الدينية حباد اليهودية، كان متزوجا من امرأة تُدعى ريفكي منذ 2022، وهي مواطنة أمريكية تعيش معه في دولة الإمارات، كما أنها ابنة الحاخام غافرييل هولتبزبرغ، الذي لقي مصرعه في هجمات مومباي في عام 2008.
قدم كوغان إعلاميا على أنه رجل دين مولدوفي، فيما تم التغاضي عن كونه إسرائيلي (فكل ساكنة هذا الكيان يحملون جنسية بلد آخر)، وأنه، بحسب ما نقلته مصادر إعلامية دولية متطابقة، خدم في الجيش الإسرائيلي كمقاتل في لواء “جفعاتي”، وهو لواء مشاة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنشئ في أواخر عام 1947 على يد منظمة الهاغاناه، ثم أصبح جزءًا من جيش الاحتلال. يتبع فرقة الصلب، وهي فرقة مدرعة تتبع للقيادة الجنوبية.
يعد هذا اللواء أحد ألوية النخبة في الجيش الإسرائلي، ويتمركز حول قطاع غزة. شارك في الاجتياحات البرية لقطاع غزة عام 2008 و2009 وعام 2014 وكذلك عام 2023.
حسب ذات المصادر ، فقبل اغتيال كوغان بأيام كان هذا الأخير في زيارة لتل أبيل، والتقى السفير الإسرائيلي الجديد المعين في الإمارات.
ثانيا: اغتيال الضابط كوغان نفذ على التراب الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الدولة التي تتفاخر بيقظة أجهزتها الأمنية، وتطور وسائل اشتغالها التكنولوجية، وهي عناصر اعتمدتها في التسويق لنفسها كمركز اقتصادي وسياحي مهم، كما أنها إحدى الدول السباقة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وتطوير هذه العلاقات إلى مستويات عالية جدا، من بين أهم مجالات هذا التعاون، التعاون الأمني والمخابراتي، وهوا ما رفع من عدد الإسرائيليين الذين توافدوا على دولة الإمارات، إما بغرض السياحة أو إقامة استثمارات، اعتقادا منهم أنهم في أمن وأمان، لكن ذلك لم يحمي شخصية عسكرية بأهم ألوية الجيش الإسرائيلي من الاغتيال على تراب دولة الإمارات.
ثالثا: اغتيال الضابط كوغان على تراب دولة الإمارات العربية المتحدة لم يأتي صدفة، أو من طرف ما بات يعرف بالذئاب المنفردة، لكنه وحسب ما كشفت عنه التحقيقات تم من طرف مجموعة خططت ورصدت وترصدت وجهزت وتسلحت ونسقت قبل أن تنفذ عمليتها، وكل ذلك والأجهزة الأمنية للدولة التي تدعي أنها “الأكثر أمان” نيام.
كما أن الاغتيال لم ينفذ عبر استهداف مباشر برصاصة قناصة أو تلغيم سيارة المغتال أو دهسه بسيارة مجنونة أو أو..، بل نفذ بعد اختطافه، ولم يتم العثور على جثته إلا بعد أربعة أيام من اختفائه، والمثير أن من أعلن عن العثور على جثته هي إسرائيل وليست الإمارات. بمعنى أن “الموساد” هو من وصل إليه أولا، فماذا كانت تفعل أجهزة أمن الإمارات طيلة هذه الفترة؟
رابعا: بعد الفشل الذريع لأجهزة أمن الإمارات في التصدي لجريمة اغتيال ذات خلفيات تعتبر إرهابية على ترابها، وبعد الفشل في الوصول إلى الضابط الإسرائيلي المختطف قبل اغتياله، حاولت هذ الأجهزة تغطية خيبتها بالإعلان عن الوصول إلى منفذي هذا الاغتيال، مدعية أن ذلك تم في وقت قياسي. لكن الحقيقة غير ذلك.
فحسب ما صرح به مصدر أمني لوكالة رويترز فإن 3 مشتبه بهم متهمين بقتل الحاخام /الضابط الإسرائيلي زفي كوغان في الإمارات ألقي القبض عليهم بإسطنبول في عملية سرية نفذتها أجهزة المخابرات والشرطة التركية، قبل أن يتم تسليمهم إلى الإمارات بناء على طلب من الحكومة الإماراتية.
خامسا: بعد ما فضحت جريمة اغتيال الضابط الإسرائيلي أسطورة الأمن والأمان لدولة الإمارات العربية، حاولت هذه الأخيرة تغطية الشمس بالغربال من أجل الترويج لرواية أن المغتال هو مولدوفي، أي أنه ينتمي لدولة مواطنيها من درجة ثانية، وأن الوصول إلى الجناة تم في وقت قياسي، وذلك للتغطية على خيبتها الأمنية.
وبالفعل تم تصوير جريمة الاغتيال هاته على أنها جريمة معزولة لمواطن من دول ثانوية نفذها مواطنون من بلده وانتهى الأمر، لكن؛ الواقع ليس كذلك، وقد بينا فيما سبق أهمية المغتال وظروف اغتياله.
بالإضافة إلى ذلك فهذه ليست أول جريمة اغتيال سياسي من هذا النوع، فالتاريخ لم ولن ينسى جريمة اغتيال القيادي في حركة “حماس” محمود المبحوح، التي نفذها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) على تراب الإمارات قبل أن يغادرها سالما آمنا دون أية ملاحقة.
فهل يستفيق جهاز أمن البلد الآمن من غفلته ويعمل على تدارك هفواته وسد ثغراته الأمنية ؟