2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هذه خلفيات تصعيد الإعلام الجزائري ضد حفتر ووصفه بـ”مجرم حرب”
شرع الإعلام الجزائري في حملة تصعيد ضد الجنرال الليبي خليفة حفتر، حيث وصفته عدد من وسائل إعلام الجارة الشرقية
خاصة منها القريبة من قصر المرادية، بـ”مجرم حرب” و”الفاسد” و”العميل الفرنسي” وغيرها من الأوصاف.
ويأتي هذا التصعيد العسكري، بعدما شهد الجنوب الليبي، على مقربة من الحدود الجزائرية، في الأشهر الأخيرة عملية حشد عسكري غير مسبوق، بين قوات حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما أثار حينها قلقا لدى السلطات الجزائرية، خاصة فيما تعلق بتحركات قوات اللواء حفتر.
وأبدت الجزائر قلقها بشكل واضح، في وقت سابق، عندما استدعت سفير ليبيا لديها وأخبرته، على لسان وزير الخارجية أحمد عطاف، بـ”خطورة الوضع وتداعياته على الجوار”، داعية الأطراف إلى “وقف كل مظاهر العسكرة التي تفتح باب الاقتتال بين الفرقاء”، قبل أن تشرع اليوم في دفع وسائل إعلام قريبة منها إلى مهاجمة حفتر.
ويفسر الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية؛ هشام معتضد، الحملة التي يشنها الإعلام الجزائري ضد خليفة حفتر بأنها “ليست سوى انعكاس لأزمة داخلية تعاني منها الجزائر، التي تبحث عن أي وسيلة لصرف الأنظار عن مشاكلها السياسية والاقتصادية المتفاقمة”، واصفا التصعيد الإعلامي بأنه “يفتقد للموضوعية، ويبدو أنه محاولة لتأجيج الرأي العام الإقليمي دون تقديم أي مبادرة عملية تسهم في حل الأزمة الليبية المعقدة”.
ويوضح معتضد الذي كان يتحدث لـ”آشكاين”، بأن الجزائر، التي لطالما ادعت أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية، “تثبت اليوم عكس ذلك من خلال تبني خطاب عدائي ضد حفتر، متجاهلة أنها كانت غائبة عن الجهود الحقيقية لحل النزاع الليبي”، مضيفا أنه “عوضاً عن المساهمة البناءة، تكتفي الجزائر بلعب دور المتفرج الناقد الذي يحاول تغذية الصراعات بدلاً من المساهمة في تهدئتها”.
وأشار المتحدث إلى أن الدور الجزائري في الملف الليبي “يثير العديد من التساؤلات، خاصة أن الجزائر لم تقدم أي رؤية واضحة أو مبادرة فعالة لتوحيد الأطراف الليبية”، مشددا على أنه عوضاً عن ذلك، تنحاز بشكل غير معلن إلى طرف دون الآخر، وهو ما يضر بجهود المصالحة ويعكس تناقضاً واضحاً بين خطابها الرسمي وممارساتها الفعلية.
ووفق الباحث في الشؤون الإستراتيجية فإن تحركات حفتر الأخيرة في المناطق الحدودية، والتي تم تضخيمها من قبل الإعلام الجزائري، تعكس قلقاً مبالغاً فيه من جانب الجزائر، التي تبدو وكأنها تخشى أي تغيير في ميزان القوى الإقليمي، مبرزا أن هذا الخوف غير المبرر يظهر الجزائر كدولة تفتقر إلى الثقة في سياساتها الأمنية والحدودية، وتعتمد على حملات إعلامية لتبرير إخفاقاتها في حماية مصالحها الاستراتيجية.
ويرى متحدث “آشكاين”، أن توجيه أصابع الاتهام إلى حفتر ومحاولة شيطنته بشكل ممنهج لا يخدم سوى أجندات ضيقة تسعى الجزائر لتحقيقها على حساب استقرار ليبيا، لافتا إلى أن هذا النهج يُظهر الجزائر كفاعل سلبي لا يستطيع تحمل مسؤولياته الإقليمية، ويفتقر إلى القدرة على التعامل مع الأزمات بجدية وفعالية.
وتكشف الحملة الإعلامية ضد حفتر، بحسب المحلل السياسي، عن تناقضات صارخة في السياسة الجزائرية، التي تدعي الدفاع عن سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، بينما تسعى في الواقع إلى فرض رؤيتها على ليبيا عبر استخدام أدوات غير مباشرة، معتبرا أن هذه السياسة تضع الجزائر في موقف ضعيف وتثير المزيد من الشكوك حول نواياها الحقيقية تجاه جيرانها.
“الأزمة الليبية تحتاج إلى حلول عملية ورؤية متماسكة، وهو ما لا يبدو أن الجزائر قادرة على تقديمه”، يسترسل المتحدث، مستدركا “في ظل هذا العجز، تلجأ الجزائر إلى خلق أعداء وهميين لتبرير غيابها عن الطاولة الدبلوماسية، وهذا السلوك لا يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين الأطراف الليبية، ويزيد من تعقيد المشهد الإقليمي”.
وخلص معتضد بالتأكيد أنه على الجزائر أن “تدرك أن الحملة الإعلامية ضد حفتر لن تحل أزماتها الداخلية ولن تعزز نفوذها في المنطقة”، مردفا “ما تحتاجه ليبيا ليس المزيد من التصعيد الإعلامي، بل دعم حقيقي لجهود السلام، وهو ما يبدو أن الجزائر غير قادرة أو غير راغبة في تقديمه”، وفق المتحدث.