لماذا وإلى أين ؟

خبير سياسي موريتاني يستشرف مستقبل العلاقات المغربية الموريتانية بعد زيارة الغزواني للمملكة (حوار)

أثارت زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب، واستقباله من طرف الملك محمد السادس، نقاشا واسعا بين المهتمين بالشأن السياسي المغاربي، خاصة أن الزيارة أعلن عنها من طرف وكالة الأنباء الموريتانية على أنها “خاصة”، قبل أن تسفر عنها مباحثات سياسية.

من أجل الوقوف على خلفيات الزيارة وأثارها على واقع “صراع الإستقطاب” بالمنطقة المغاربية ومآل العلاقات المغربية الموريتانية بعد الإتفاق بين قائدي البلدين على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين وتنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تستضيف الصحيفة الرقمية “آشكاين” في فقرة “ضيف السبت” لهذا الأسبوع، الخبير السياسي ورئيس الجمعية الموريتانية المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية؛ شيخاني ولد الشيخ.

بادِئَ بَدْءٍ لابد من التعبير عن سعادتنا وفرحتنا بتعافي الملك محمد السادس بعد العملية الجراحية التي خضع لها وتماثله للشفاء، وممارسته مهامه في تولي قيادة البلاد. ولا شك بأن فرحتنا كبيرة أيضا بما ورد من أخبار عن تعافي وتماثل السيدة الأولى الموريتانية الدكتورة مريم بنت الداه للشفاء بالمستشفى العسكري في الرباط، حيث كان خضوعها لعملية جراحية في الرباط مدعاة لزيارة خاصة لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب.

وبطبيعة الحال، فإن الدبلوماسية الطبية فعالة في ميدان العلاقات الدولية ثنائية ومتعددة الأطراف، وعلى وقع هذه الدبلوماسية نلاحظ ما حظي به فخامة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مساء أمس، من استقبال ملكي استثنائي وحافل، حيث حرص الملك محمد السادس على لقائه شخصيا في القصر الملكي العامر بالدار البيضاء، رغم خضوعه لعملية جراحية لا تزال ظاهرة المعالم على كتفه الأيسر حفظه الله، ما يعكس اهتمام جلالته بأخيه الرئيس الموريتاني.

ورغم أنها زيارة خاصة، فإن جميع مراسيم استقبال كبار الشخصيات كانت حاضرة في هذا اللقاء، ما يعكس ما يكنه جلالة الملك من تقدير لأخيه فخامة رئيس الجمهورية وموريتانيا حكومة وشعبا. وبالتالي نستنتج بأن الزيارة إشارة على الأقل في طرق التواصل بين فخامة الرئيس الموريتاني وملك المغرب إلى تعميق وتعزيز العلاقات ما بين البلدين الشقيقين.

في تقديري، المغرب وموريتانيا يمتلكان مقومات و خصائص تجعلهما من الدول المحورية التي تستطيع النهوض و القيام بإقلاع اقتصادي حقيقي يمكنهم من مواكبة الدول الصاعدة في العالم. و لا شك بأن مثل مشروع المبادرة الاطلسية و أنبوب الغاز، دفعة جديدة للمبادلات التجارية على طريق إزالة أية معوقات قد تحول دون النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات لكلى البلدين.

وعليه؛ فإن مثل هذه المشاريع مطلوبة لخلق مناخ جاذب لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية في موريتانيا والمغرب ودول الساحل كذلك، وموريتانيا لديها تجربة كبيرة في الساحل مبنية على مجموعة دول الساحل الخمس، ما يعزز مكانتها كنقطة محورية من حيث استراتيجية موقعها الجغرافي والخبرة الأمنية، وبالتالي تنسيق موريتانيا مع المغرب حول مشروع المبادرة الأطلسية ومشروع خط أنابيب الغاز الإفريقي الأطلسي، وغيرهم من المشاريع التي تم تنزيلها إلى أرض الواقع من تعزيز للربط الطرقي وكذلك الكابل البحري “WAC” لاتصالات المغرب وفرعها “مووف موريتل” بموريتانيا، جميعها مشاريع استراتيجية لمواجهة معوقات التنمية الاقتصادية، أي مواجهة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن المغاربي وأزمة التضخم والبطالة.

وبالتالي فإن هذه المشاريع تشكل بوصلة في الإتجاه الصحيح نحو إقلاع إقتصادي حقيقي لكلا البلدين ولمجموع دول الساحل أكثر مما تجسده بطبيعتها من موقف سياسي موحد بين بلدان الساحل بشأن قضايا شائكة وصراعات مفتعلة تفرق أكثر مما تجمع. ومع ذلك فإن حياد موريتانيا الإيجابي من هذا الصراع المفتعل يجعلها تنفتح على مثل هذه المشاريع بالتنسيق والإنفتاح والعمل على تنزيله إلى أرض الواقع.

مستقبل العلاقات الدبلوماسية المغربية الموريتانية في ظل ما تواجهه منطقة الساحل من تحديات وما يعصف بالعالم من نزاعات، يتطلب تنزيل مقاربات كما تمت مناقشته بين قائدا البلدين جلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني لبناء إقتصاد دولي تشاركي يفي بغرض إنشاء نظام عالمي مستدام، ويمهد لوضع لبنة رئيسية بين بلدان الساحل في مجالي الأمن والسلم، تلعب فيه دور بطبيعة الدبلوماسية الروحية تارة وتارة أخرى الدبلوماسية الطبية والدبلوماسية الأمنية من ناحية أخرى، وغيرهم من الدبلوماسيات الموازية بما يعزز الروابط التاريخية بين موريتانيا والمغرب ويضع حد للنزاعات المفتعلة في المنطقة. ولا شك بأن العلاقات القوية بين المغرب وموريتانيا تحت قيادة زعيما البلدين الشقيقين، ستسهم في إطلاق إمكانات وفرص غير محدودة على كافة المجالات والأصعدة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x