لماذا وإلى أين ؟

لشكر يكسب معركة في حرب ملتمس “إسقاط الحكومة”

أطلقها زعيم الاتحاديين ادريس لشكر فكرة خافتة لم تلقى قبولا حتى من مقربيه سياسيا، قبل أن تتحول إلى مبادرة يتهافت عليها الجميع داخل المعارضة بمن فيهم من لا يكنون له ودا.

في البداية ومنذ السنة الماضية، رفع الاتحاد الإشتراكي مطلب ”إسقاط الحكومة” عبر تقديم ملتمس رقابة، ودافع عنه كاتبه بمناسبة ودونها، لكن دون جدوى.

جاءت فضيحة استيراد المواشي أو ما يعرف بقضية الـ ”13 مليار”، التي فجرها عضو داخل الحكومة، لتقلب الموازين، وصار الكل يلهث وراء مبادرة لشكر الرامية لإسقاط الحكومة، عبر اللجوء إلى الفصل 105 من الدستور والذي يمنح الحق لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة.

في تحول مفاجئ للأحداث، تمكن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أو المعارضة الاتحادية بصيغة أخرى، من كسب المعركة الأولى في حرب ملتمس الرقابة وذلك من خلال حشد دعم واسع وسط أحزاب المعارضة للمبادرة. وجاء هذا التحرك بعد أسابيع من المشاورات المكثفة والجهود المضنية التي بذلت لإقناع مختلف أطياف المعارضة بضرورة توحيد الصفوف لمواجهة الحكومة الحالية، وفق ما ذكرت مصادر اتحادية.

حزب العدالة والتنمية، الذي كان مترددًا في البداية بل عبر بشكل رسمي، من خلال بلاغ، عن عدم مشاركته في المبادرة بسبب مشكل “شخصي”؛ على ما يبدو؛ بين قيادته وقيادة الاتحاد، وبشكل أخص بين بنكيران ولشكر. عاد ليعلن انضمامه الرسمي إلى هذه المبادرة، مؤكدًا على ضرورة محاسبة الحكومة على أدائها في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

الحركة الشعبية، الذي كان يتجنب حتى الحديث عن ملتمس الرقابة، أبدى هو الأخر دعمه الكامل لهذه الخطوة.

أما حزب التقدم والاشتراكية، الحليف التقليدي للاتحاد الاشتراكي، الذي كان موقفه متذبذبا، فقد أكد بدوره على التزامه بالتنسيق والتحاقه بباقي مكونات المعارضة.

في السياق نفسه، يرى رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية والدراسات الدستورية، أن المشهد السياسي المغربي، قبل خرجة بنكيران في فاتح ماي، اتسم بتردد أحزاب المعارضة وعدم تحمسها لدعم ملتمس الرقابة الذي تبناه حزب الاتحاد الاشتراكي بقيادة إدريس لشكر.

وشدد لزرق، متحدثا لجريدة ”آشكاين” على أن هذا الموقف تغير تدريجياً مع ”استغلال بنكيران لحسه السياسي في استقراء المزاج الشعبي وتحويل إخفاقه في تشكيل الحكومة إلى قضية مظلومية، واستثماره لرفض التطبيع كورقة سياسية رابحة”.

وأضاف المتحدث أن هذا التحول في الموقف يرجع إلى أن أحزاب المعارضة كانت تعتبر تقديم مبادرة ”إسقاط الحكومة”، ”مناورة من طرف لشكر للدخول إلى الحكومة”.

وبما أن الحكومة في عهدتها الأخيرة، يشرح ذات الخبير في الشأن السياسي، جعل التفكير في ضرورة تأطير النقاش السياسي داخل المؤسسات ومواجهة الخطاب الشعبوي بآليات مؤسساتية مثل ملتمس الرقابة، الذي يسمح بنقل النقاش من فضاء المزايدات إلى المؤسسة التشريعية.

وأضاف لزرق أن هذه المقاربة تتيح ”تقييماً موضوعياً للسياسات الحكومية وطرح بدائل واقعية تسحب البساط من تحت خطاب المظلومية وتعيد توجيه البوصلة نحو حوار سياسي عقلاني يخدم المصلحة العامة ويحصن المؤسسات الديمقراطية”.

بالنسبة لذات الأستاذ الجامعي، شكّل تبني ملتمس الرقابة من قِبل أحزاب المعارضة نقطة تحول في المشهد السياسي المغربي، إذ انتقل من مجرد ”مناورة سياسية” لإدريس لشكر إلى ”أداة مؤسساتية لمواجهة الخطاب الشعبوي المتصاعد”.

فبعد خرجة بنكيران السياسية التي استثمرت المظلومية ورفض التطبيع كأوراق رابحة في الشارع المغربي، يضيف المتحدث، أدركت المعارضة ضرورة نقل النقاش من فضاءات التجاذب الشعبي إلى أروقة البرلمان، حيث يمكن تقييم السياسات الحكومية بموضوعية وطرح البدائل الواقعية.

وخلص إلى أن هذا التحول الاستراتيجي يعكس ”وعياً متنامياً بخطورة ترك الساحة السياسية فريسة للخطابات الشعبوية”، ويؤكد على ”أهمية المؤسسات الدستورية كفضاء للحوار العقلاني الذي يحصن الديمقراطية ويخدم المصلحة العامة بعيداً عن المزايدات السياسية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ابوسالم
المعلق(ة)
5 مايو 2025 19:58

كيف سيقدمون ملتمس الرقابة وھم لا يملكون الاغلبية داخل مجلس النواب؟

عمرomar
المعلق(ة)
5 مايو 2025 18:00

استنجد غريق بغريق كلهم لا يمثلون أغلبية الشعب خصوصا عندما انضم إليهم حزب معادي للوحدة الترابية حسب تصريحات أمينه العام

محمد
المعلق(ة)
5 مايو 2025 12:13

لشكر يريد الانتقام لمنصب لم يعطى له

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x