2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

الدكتور عبد الإله طلوع*
في خرجته الأخيرة، لم يكتفِ عبد الإله بنكيران بإطلاق تصريحات انفعالية، بل تجاوز كل الخطوط الحمراء الأخلاقية والسياسية، حين وصف من يتبنون شعار “تازة قبل غزة” بأنهم “ميكروبات” و“حمير”، قبل أن يركز – في لحظة غريبة من الوعي اللغوي – على المفرد: “الحمار”.
هذه ليست زلة لسان. إنها سقطة فكرية وأخلاقية، تكشف عن اختلال عميق في تصور بعض السياسيين لعلاقتهم بالشعب. بنكيران لم يسب خصماً سياسياً، ولا جماعة متطرفة، بل شتم مواطنين مغاربة رفعوا شعاراً وطنياً صرفاً: أعطونا كرامة في تازة قبل أن تطالبونا بالتضامن مع غزة. فهل أصبح الدفاع عن الأولويات الاجتماعية تهمة مستحقة للشتيمة؟
إن العبارة التي استشاط بنكيران غضباً منها ليست عبثية ولا عدوانية، بل هي تعبير عن وعي اجتماعي بدأ يتشكل وسط طبقات واسعة، يرفض المزايدة على القضايا الوطنية باسم شعارات التضامن الخارجي. فهل أصبح هذا الوعي مزعجاً إلى درجة استدعاء لغة “الميكروبات” و”الحمير”؟
وهل بنكيران نفسه، الذي بنى مجده على الشعارات، لا يتحمل اليوم سماع شعار لا ينسجم مع نرجسية خطابه؟
ما الذي يدفع زعيماً سابقاً للحكومة إلى هذا المنسوب من العدوانية اللفظية؟ هل فقد بنكيران توازنه السياسي؟ أم أن ما جرى يعكس نزعة سلطوية كانت دائماً كامنة خلف خطاب “التواضع” و”الإصلاح من الداخل”؟ أليس في هذا الانزلاق ما يشي بأن الشعبوية التي رفعته إلى القمة قد تكون نفسها سبب نهايته الرمزية؟
إن الخطر في هذا التصريح لا يكمن فقط في لغته السوقية، بل في ما يكشفه من احتقار دفين للمواطن المخالف، وفي نزعة استعلائية تتخفى خلف قناع الديمقراطية. فهل يعتقد بنكيران أنه الوصيّ على الوطنية؟ وهل يحق له أن يفرز المواطنين بين “أطهار” و”عدميين” على أساس مواقفهم من غزة أو تازة؟
لقد تحول بنكيران، دون أن يدري، إلى نسخة مناقضة لما ادّعاه طيلة سنوات: زعيم متواضع، ناطق باسم الشعب، مدافع عن الكرامة. فكيف يدافع عن كرامة الفلسطيني، وهو يهين كرامة المغربي؟ كيف يستنكر قمع الشعوب، وهو يستعمل أعتى أساليب العنف الرمزي في وصف أبناء وطنه؟
هل أصبحت العبارات الجارحة وسيلةً لتعويض فقدان البوصلة السياسية؟
هذا الانفجار اللفظي، في ظاهره مجرد انفعال، لكنه في العمق تعبير عن أزمة خطاب، ونفاد ذخيرة سياسية لم تعد قادرة على الإقناع. إن بنكيران، حين كان في المعارضة، كان يملك خطاباً مقنعاً، عاطفياً وجماهيرياً. أما اليوم، وقد خسر الشارع والحكومة، فقد لجأ إلى السباب كتعويض عن الفشل.
ومع ذلك، لا يجب تحميل بنكيران وحده وزر ما حدث. فالصمت المريب من محيطه السياسي، ومن قيادات حزبه، يكشف عن حالة شلل أخلاقي جماعي. أين مؤسسات الحزب التي تدّعي احترام الديمقراطية الداخلية؟ أين من يعتبرون أنفسهم حماة المشروع الإصلاحي؟ أم أن بنكيران، في نظرهم، فوق النقد والمحاسبة؟
الأخطر من كل هذا، هو ما يكشفه الحدث عن علاقتنا كجمهور بالخطاب السياسي. كيف نتفاعل مع الشتيمة؟ هل نطبع معها باسم الكاريزما؟ هل نسكت عنها بدعوى النكتة؟ وأيّ تربية سياسية نبنيها حين نبرر الإهانة اللفظية إذا صدرت من “زعيم محبوب”؟
إن القضية أكبر من بنكيران، وأعمق من تصريحاته. نحن أمام سؤال وجودي لثقافتنا السياسية: هل يقبل المجتمع المغربي أن يتحول الخطاب السياسي إلى حلبة للشتائم؟ هل نرضى أن يتحدث باسمنا زعماء يشتمون شعبهم؟ وأيّ مستقبل نعدّ له أبناءنا حين نصمت على هذا الانحدار؟
الجواب عن هذه الأسئلة لا يجب أن يكون انفعالياً، بل مؤسساً.
علينا أن نقول، بوضوح: لا.
لا لاحتقار المواطن.
لا لإهانة الرأي المخالف.
لا لزعامة تقوم على السباب.
أما بنكيران، فإن كان صادقاً مع نفسه وتاريخه، فعليه أن يعتذر. لا اعتذار المناورة، بل اعتذار الكرامة. أن يقول: أخطأت. أن يعترف بأن احترام المغاربة مقدم على كل اعتبار، وبأن من يسب الشعب لا يحق له أن يطلب ثقته من جديد.
وإن لم يفعل، فإن الشعب أدرى بمن يشتمه، وأقدر على أن يرد في الوقت المناسب… بصوتٍ لا يُشتم ولا يُهان.
*باحث في القانون العام والعلوم السياسية
*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها
مهاجمة وسائل الإعلام لبنكيران تجلبُ له مزيدا من الأصوات الإنتخابية،من الغلط تحليل كل كلمة يُرددها لمهاجمته( الإعلام الفرنسي حلل وناقش كل ما كان يُردده لوبان(أب وإبنته) ليُساهم في رفع شعبيته)،شعبوية بنكيران يجب أن تُقابل بمُسألته عن ماذا سيفعله لو أصبح رئيسا للحكومة من جديد،ولماذا لم يفعل ذلك خلال فترة حكومته،ربما لأن هناك آخرون من خصوم بنكيران لايُريدون أن يُطبق عليهم نفس منطق المحاسبة.
تجاوزات بنكيران اللفضية ليست إلا احد مظاهر انحدار اللغة السياسية والتي خيمت على المشهد ككل في زمن فقد فيه الحقل السياسي رموزا كتيرة و فقد مساجلات راقية حول القضايا التي تشغل الراي العام الوطني، و كان آخر هذه المظاهر ما وصف به زعيم الحركة نواب الامة من منصة الرءاسة والذين سماهم (بالنمادج)، ورغم ما يقال عن مستويات الثمثيلية داخل البرلمان ولغة السجال التي اصبحت تركز على الشكليات على حساب المضامين، فإن شعار (تازة قبل غزة) الذي اطلق عفويا في احدى المنصات التكتوكية اصبح شعارا سياسيا عند البعض في زمن الانحدار، لكن مواقف صاحب الجلالة من القضية الفلسطينية عموما وبيان وزير الخارجية الاخير ضد حكومة نتنياهو التي الاجرامية،يبين الى اي حد هناك محاولات للقفز على رؤية المملكة الصحيحة للقضية و تعاطف الشعب وكل احرار العالم معها، وهذا يبين كيف كان شعار (تازة قبل غزة) منحرفا وخارج عن الاحساس الانساني بقضايا الشعوب المضلومة مهما كانت عقيدتها.كما هي محاولة خسيسة للفصل بين قضية شعبين شعب اعزل يموت يوميا من اجل الارض وشعب مغربي يتشبت بكل حقوقه الترابية ومستعد للدفاع عنها الى آخر رمق.
أصغر حائط اليوم في تحليل اي ظاهرة هو بن كيران!!
نحن ضد تصريحات بن كيران!!
كما اننا ضد تصريحات سبقتها من زعماء احزاب لم يتوانوا في اهانة الشعب المغربي!!
نحن ضد ممارسات و اجراءات تعمدت مصادرة الحق في المطالبة بالمحاسبة او رصد الفساد!!
الجرأة تقتضي اما اخلاقيا التطرق الى الافة بنظرة عامة دون التطرق لشخص دون اخر!!
او تسمية كل من أهان ذكاءنا دون تمييز….
ح
هل هناك هجوم منسق ضد بنكيران
ما لا افهمه ان الرجل مات سياسيا ومع ذلك تشغلوننا بجثته السياسية