2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لماذا يُعاكس مستشار ترمب توجهات الإدارة الأمريكية في قضية الصحراء؟ .. حداد يجيب

أبدى جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مواقف متناقضة بشكل تام مع توجه الإدارة الأمريكية، حول قضية الصحراء.
وعبر بولتون، في العديد من الخرجات الإعلامية، كان آخرها مقابلة، نشرت، الأحد 07 يوليوز الجاري، مع صحيفة ”“إلـ إنديبندينتي” الإسبانية، عن مواقف عدائية ومعاكسة للتوجه الأمريكي، فيما يتعلق بنزاع الصحراء.
ويدعو هذا المحامي الذي ارتبط اسمه بعدة إدارات في عهد الجمهوريين، بـ ”استفتاء تقرير المصير”، في حين أن الإدارة الأمريكية، منذ العهدة الأولى لترامب، تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمها المملكة المغربية كحل للنزاع.
وذهب بولتون، أبعد من ذلك في المقابلة التي تلقفتها وسائل إعلام جزائرية على نطاق واسع، من بينها الوكالة الرسمية، حين قال إنه ”لا يستبعد أن تتراجع إدارة ترامب عن اعترافها بمغربية الصحراء”، الذي تم في دجنبر من سنة 2020.
وزعم بولتون أن الاعتراف الأمريكي ”عديم الفائدة”، مشيرا إلى أن “المغاربة كانوا سيقبلون الاتفاق مع إسرائيل على أي حال لأنه يهمهم”. وأضاف أن “ترامب يشارك هذا التحليل، ولذلك لا يعتبره صفقة”.
وعند سؤاله عما إذا كان ترامب سيتراجع عن قراره، أشار بولتون إلى أن “الباب لا يزال مفتوحًا أمام التراجع”. بل طرح سيناريو غريبا قد يدفع الرئيس الأمريكي إلى تغيير موقفه: “إذا حصلت شركة ترامب على امتياز لإنشاء مجمعاتها الفندقية في الصحراء المغربية، فقد يدفعه ذلك إلى دعم الاستفتاء، إذا رأى مبررًا لتغيير موقفه”.
وتثار أكثر من علامات استفهام حول مواقف بولتون العدائية تجاه المغرب، هل هي نابعة عن خلافات شخصية بينه وبين ترامب؟ أم لها علاقة ما مع الجزائر، أكبر داعمة لجبهة ”البوليساريو” الانفصالية؟
الوزير السابق، والخبير في ملف الصحراء، لحسن حداد، لم يخف، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن تكون وراء هذه الحملة العدائية، الجارة الجزائر.
ووصف رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب-الإتحاد الأوربي، تعامل”آلة الدعاية الجزائرية” مع تصريحات جون بولتون حول الصحراء المغربية بأنه “هوس” وكراهية “مرضية” تجاه المغرب.
وأشار حداد إلى أن بولتون يُعد “رمز عقيدة المحافظين الجدد لتغيير النظام”، ويشتهر بدعوته إلى “قصف إيران، وإتمام المهمة، ودعم إسرائيل”. وتساءل حداد مستنكراً: “ومع ذلك تواصل آلة الدعاية الجزائرية معاملته كحليف موثوق به… لأنه يكرر موقفهم الوهمي بشأن الصحراء المغربية. نفاق؟ لا – هوس.”
وشدد الوزير السابق على أن “كراهية الجزائر للمغرب مرضية لدرجة أنها ستتحالف مع أي شخص – معادي العرب، ومعادي الفلسطينيين، وصقور الحرب – طالما أنهم يهاجمون الرباط”.
وأضاف أن الجزائر “ستضحي بمصداقيتها، وما يسمى بمبادئها، وحتى التضامن الإقليمي لمجرد معارضة المغرب”.
وبحسب حداد، فإن بولتون “يجسد كل ما تدعي الجزائر أنها تكرهه: التدخل الغربي، ودعم إسرائيل، وتغيير النظام في إيران”. لكن عندما “يكرر أكاذيبهم القديمة حول الصحراء، فإنه يستحق فجأة أن يُقتبس منه”.
وعزا حداد هذا التناقض إلى أن “بالنسبة للجزائر، فإن خيال البوليساريو أهم من كرامة أو رخاء شعبها. ستحرق الجسور، وتغذي الدعاية، وتخون قيمها – لمجرد تغذية هوسها العصابي بالمغرب. هذه ليست إستراتيجية. إنها الهستيريا”. يقول الوزير السابق.
وفي معرض رده على ما ورد في مقابلة بولتون مع الـ ”إنديبندينتي”، وصف حداد موقفه بأنه “بالٍ، أجوف سياسياً، وبلا قيمة قانونية”.
وعدد أسباب اعتباره موقف بولتون غير ذي قيمة، عبر تغريدة على ”إكس”، مؤكداً أن بولتون “مصممٌ على إحياء خطةٍ للأمم المتحدة سنة 1991 لم تعد قابلةً للتطبيق”، متجاهلاً أن الأمم المتحدة نفسها “تخلّت عن خيار الاستفتاء عام 2004″، واعتبره المبعوث الخاص جيمس بيكر غير قابل للتطبيق.

كما أشار إلى أن جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2007 تدعم صراحةً “حلًا سياسيًا واقعيًا وعمليًا ومستدامًا”، وتصف خطة الحكم الذاتي المغربية بأنها “جدية وذات مصداقية”. وختم حداد هذه النقطة بالقول: “اليوم، لم تعد هناك أي خارطة طريقٍ للأمم المتحدة لإجراء استفتاء – بل مسارٌ تفاوضيٌّ قائمٌ على الواقعية والتسوية”.
دحض حداد أيضاً تصوير بولتون لاعتراف الولايات المتحدة سنة 2020 على أنه مجرد “تبادل مصالح”، حين شدد على أن الاعتراف “تم تأكيده في ظل إدارة بايدن، التي صرحت مرارًا وتكرارًا بأن المغرب شريك أساسي”. وأضاف: “لا يتعلق الأمر ببناء برج ترامب على الشاطئ، بل بمكافحة الإرهاب، وضمان الاستقرار الإقليمي، وتعزيز التحالفات الاستراتيجية”.
وتساءل عن مصداقية بولتون الذي “يتحدث كما لو كان يُجسّد الاتساق والمبادئ”. مذكراً بأنه “كان أحد مهندسي الحرب غير الشرعية في العراق، واليوم يُطالب باحترام القانون الدولي في الصحراء؟”. كما أشار حداد إلى أن بولتون، بصفته مستشاراً للأمن القومي، “لم يجعل قضية الصحراء أولويةً قط. واليوم، على هامش السلطة، يحاول إظهار نفوذ لم يعد له”. واصفاً بولتون بأنه “يُمثل أيديولوجيةً مجمدةً في الحرب الباردة، وليس واقعيةً دبلوماسيةً في القرن الحادي والعشرين”.
وشدد الوزير السابق على أن بولتون يتمسك باستفتاء “مُجمّد”، بينما “اندمج عشرات الآلاف من الصحراويين بشكل كامل في المجتمع والمؤسسات المغربية”. وأفاد بأن “نسبة المشاركة في التصويت في الصحراء من بين الأعلى في البلاد”، وأن “المغرب يستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية والتعليم والطاقة المتجددة في المنطقة”، مؤكدا أن “تقرير المصير الحقيقي اليوم يتجلى من خلال المشاركة والتقدم، وليس بالشعارات الانفصالية أو الخطابات الأيديولوجية”.
وخلص حداد إلى أن بولتون “يتجاهل إطار الأمم المتحدة الحالي، ويُشوّه موقف الولايات المتحدة، ويُهين سيادة المغرب، وفوق كل ذلك، يُخون الصحراويين الذين يتوقون إلى الكرامة، لا إلى معسكرات أبدية أو وعود جوفاء”.
من يتحدت اليوم عن امكانية العودة الى المربع الاول الذي انطلقت منه قضية الصحراء سنة 75, والذي يعني مبدأ الاستفتاء لتقرير المصير فهو واهم، فالقضية عرفت خطوات دولية وديبلوماسبة حركت المياه الراكدة واوصلتها الى نقطية اصبحت محورية في قرارات الامم المتحدة وهي الحل الواقعي الذي يشير الى الحكم الذاتي، لكن المعضلة هو ان هذه الانتظارية التي تعيشها الدبلوماسية المغربية والمتوقفة عند حدود حشد الدعم لقرار اصبح من باب البديهيات، لم تواكبه خطوة موازية لتسريع موقف حاسم لسد الملف بصفة نهائية وفورية، إما بالدخول في مفواضات مشروطة بقبول مبدئي للحكم الذاتي، او اقفال الملف وتصنيف البوليزاريو منظمة ارهابية مدعومة بعدو جار، غير ذالك سيؤدي الى تلكأ امريكا و الابقاء على وضع الستاتيكو الذي يحقق البقاء في منطقة الضل لامريكا وإسرائيل، ويحقيق مكاسب للطرفين دون تقديم جديد للمغرب.