2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الوقار و التوقير لجلالة الملك

محمد الدرويش*
لا بد من التأكيد في هذا المقام بأن نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، وما تلاها، جعلتنا أمام خريطة سياسية بتكتلات حزبية غير طبيعية، وغير متجانسة لا في مرجعياتها، ولا في تاريخها، ولا في برامجها السياسية. وهذا أمر يصدق على الأحزاب في الأغلبية، والأحزاب التي تقع في المعارضة. أما بخصوص الثانية، فإننا أمام أحزاب وجدت نفسها بسبب النتائج مجتمعةً في موقع المعارضة. ولا بد من الإشارة هنا بأننا أمام معارضات وليست معارضة واحدة، إذ نميز بين هذه الأحزاب الأربعة: بين الاختيار الاشتراكي الديمقراطي، وبين التوجه اليميني الليبرالي، واليميني المحافظ، وبين توجهات لا طعم ولا ذوق لها.
وبالعودة إلى سنة 2021، لا بد من التذكير بعدد الناخبين في انتخابات 8 شتنبر والذي قارب 17 مليون و510 آلاف، وبلغ إجمالي الأصوات ما يقارب 8 ملايين و770 ألفاً، أما الأصوات المقبولة فبلغت تقريباً 7 ملايين و590 ألفاً، بنسبة مشاركة بلغت 50.35% وزعت على كل الأحزاب السياسية الـ12 حسب النتائج التالية: حزب التجمع الوطني للأحرار 102 نائب، الأصالة والمعاصرة 86 نائباً، الاستقلال 81 نائباً، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 35 نائباً، الحركة الشعبية 29 نائباً، التقدم والاشتراكية 21 نائباً، الاتحاد الدستوري 18 نائباً، العدالة والتنمية 13 نائباً، الحركة الديمقراطية الاجتماعية 5 نواب، جبهة القوى الديمقراطية بثلاثة نواب، الحزب الاشتراكي الموحد بنائب واحد، وفدرالية اليسار الديمقراطي بنائب واحد.
ولا بد من الإشارة هنا كذلك إلى أن مجموعة من الأحزاب السياسية قامت بمجهودات إيجابية في عمليات استقطاب وإقناع مجموعة من المواطنات والمواطنين بالتسجيل والمشاركة في عمليات التصويت، ونعتقد أن عدد النواب غير مترجم دائماً للفعالية والمردودية البرلمانية، والمساهمات في النقاش العمومي، والسؤال عن نقط قوة وضعف السياسات العمومية والعامة.
نعود للأحزاب التي تقع في المعارضة لنؤكد على أنها معارضات باتجاهات. فأما الاتجاه الأول فيمثله حزبا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، وهما الحزبان اللذان يجمعهما التاريخ، وأجزاء كبرى من المرجعيات الإيديولوجية، والنضالات المشتركة، والتطابق شبه المطلق بين أسس البرامج الانتخابية، والعلاقات الإنسانية بين مناضلات ومناضلي الحزبين عبر التاريخ المشترك، وكذا المواقف والقرارات والتنسيق المحكم بينهم في قلب الأطر النقابية والتربوية والحقوقية والنسائية وغيرها؛ وينضاف إلى هذين الحزبين حزب جبهة القوى الديمقراطية، والحزب الاشتراكي الموحد، وفدرالية اليسار الديمقراطي.
وأما الاتجاه الثاني فيمثله حزب الحركة الشعبية، وهو الإطار السياسي الذي يكاد ينفرد بمرجعيته الأمازيغية ودفاعه عنها وعن المناطق القروية وهو حزب يميني.
وأما الاتجاه الثالث فيمثله حزب العدالة والتنمية الذي يبني أطروحته السياسية على المرجعية الإسلامية وهو حزب محافظ ليبرالي يميني.
وأما ما يجمع الأحزاب التي تقع في المعارضة فيمكن اختصاره في ما يلي:
1/ التصويت ضد مشروع أغلبي أو حكومي.
2/ الاحتجاجات ضد غيابات الوزراء المتكررة أو رئيس الحكومة.
3/ تلاقي أو تشابه أو تطابق نقط النظام خلال الجلسات البرلمانية.
4/ بعض المبادرات التشريعية اتفاقاً واختلافاً.
5/ التنسيق الذي تم خلال فترات من هذه الولاية البرلمانية والذي جمع رؤساء الفرق، وكذا بعض اللقاءات والندوات التي تمت داخل قبة البرلمان، والاجتماعات التي تمت بين قيادات مجموعة من الأحزاب.
وغيرها من أنواع التنسيق الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي بين القيادات الحزبية ورؤساء فرقها.
وكانت مبادرة ملتمس الرقابة بمثابة الضربة القاضية في علاقات رؤساء الأحزاب الأربعة وفرقها النيابية، فظهر أن لكل حزب موقفه وروايته، وتفرقت بذلك سبل اللقاء والتفاهم، فصرنا أمام مشهد سياسي قد يسيء للأحزاب نفسها وللوطن أكثر مما يفيد الفعل السياسي الوطني، ونعتقد أن هذا التشنج والخلاف قد يكون له انعكاس سلبي على الأحزاب الأربعة عموماً وعلى العملية الانتخابية خصوصاً وعلى قيادات هذه الأحزاب بوجه أخص بل على الفعل السياسي أغلبية ومعارضة.
ومن هذه الزاوية نسجل أن ما حصل اليوم من خلاف قد تحول إلى صراع لفظي بين قيادات الأحزاب الأربعة في تجمعاتها التعبوية والتنظيمية مع المنتخبين والشباب والنساء والأجهزة المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية والقطاعية، وقد تتحول إلى صراعات محلية وإقليمية وجهوية بين مناضلاتها ومناضليها الأفراد والجماعات لأننا لسنا على درجة واحدة من الوعي بعمق أو سطحية هذه الخلافات وأصلها وأهدافها، ولسنا على دراية واحدة وتامة بالعلاقات الشخصية التي جمعت وتجمع قادة هذه الأحزاب.
وباختصار لحديثنا عن واقع العلاقات بين الأحزاب المتواجدة في المعارضة نلخصه في ما يلي:
انعدام الثقة بين قيادات هذه الأحزاب.
الاختلاف العميق بينهم في أحقية قيادة المبادرات، وأحياناً الزعامات، وأخرى التصورات وتقييم العلاقات بينها وبين أحزاب من الأغلبية أو مع أحزاب من المعارضة نفسها.
الأفعال وردود الأفعال من علاقات الماضي القريب والحاضر بين بعض مكونات أحزاب من المعارضة.
عدم توازن الاصطفافات حسب نتائج تصويت 8 شتنبر 2021 في مجلس النواب والجماعات الترابية عددياً بين أحزاب من الأغلبية وبين أحزاب من المعارضة.
نقل معطيات وأحداث وأقاويل بتأويلات خاطئة أو مغلوطة في أغلب الأحيان من قبل بعض أعضاء مكاتب سياسية إلى قياداتها بحثاً عن زعامات وهمية وبهدف تعميق الهوة بين قيادات هذه الأحزاب.
كل هذا وقضايا أخرى -نعتقد- تتحكم في أوضاع بعض الأحزاب وتجعلها تفتقد أحياناً لاستقلالية قراراتها، مما يجعل الرأي العام أمام معارضات تتموقع بصراعاتها ومستوى بعض خطابات بعض قياداتها خارج هموم وآمال وآلام الأغلبية المطلقة من الشعب المغربي مع استثناءات بعض المبادرات طبعاً. وما يقال عن أحزاب في المعارضة يقال عن أحزاب الأغلبية في علاقات بعضها البعض وفي علاقاتها ببعض أحزاب تقع في المعارضة، وهو ما ظهر جلياً في خرجات قياداتها وبعض أعضاء مكاتبها السياسية في أوقات متقطعة لكنها حادة حتى يخيل للمتابع أنه أمام خطاب حزب من المعارضة، ونعتقد أن هذه الحدة ستزيد خلال الشهور المقبلة إلى درجة أنه لن نتمكن من التمييز بين خطاب حزب من الأغلبية أو المعارضة.
هذا لا يعني أنه ليست هناك دينامية وحركية لدى هذه الأحزاب بل بالعكس، نسجل دينامية متجددة لدى مجموعة منها بتفاوت آثارها ونوعها والمعني بها وشروط وظروف تنظيمها وصدقية القائمين عليها، فالأحزاب يتراوح تحركها بين اللقاءات التنظيمية وتجديد الهياكل والاستعداد لعقد مؤتمر والتجمعات التعبوية واللقاءات القطاعية وغيرها.
وتظل هذه الدينامية الداخلية دون وقع على الأغلبية المطلقة للمواطنات والمواطنين إذ ما يقارب 95% غير المنتمين وغير المنخرطين في هذه الأحزاب ولا النقابات لا أثر عليهم ولا اتصال بهم، بل إن ما يقارب 20 مليون نسمة لا يفكرون في أمر المشاركة في الانتخابات المقبلة، لهذا، وتنفيذاً لمقتضيات دستور المملكة على كل الأحزاب السياسية (38 حزباً) تحمل مسؤولياتها كاملة من أجل القيام بحملات استقطاب وإقناع لهؤلاء، صحيح هناك مجهود تقوم به القلة القليلة من الأحزاب لكنها غير كافية ولا تستجيب لانتظارات الشباب المغربي الذي تؤطره اليوم وسائل أخرى لا يضبطها أغلب قيادات مجموعة من الأحزاب.
ويظل سؤال البرامج الانتخابية وطرق الاستقطاب والإقناع مطروحاً على كل الأحزاب، كما يظل تطبيق المقتضيات الدستورية والقانونية يسائلها كلها، وفي المقابل يظل سؤال الحياد المطلق في الانتخابات المقبلة من قبل السلطات المختصة مع ضرورة مباشرة ملف مراجعة بعض مواد القوانين الانتخابية بداية السنة البرلمانية المقبلة بفتح نقاش عميق مع كل الأحزاب لأن هناك أموراً تدعو للمراجعة وتعميق الحوار بشأنها من مثل:
محاربة الغش والفساد الانتخابي بكل أنواعه.
المنع الكلي لتدخل رجالات ونساء السلطة لصالح هذا الحزب أو ذاك.
رقمنة التزكيات وكل الوثائق المصاحبة.
الجواب عن سؤال لوائح الشباب والنساء وضرورتهما أم أن الأمر يقتضي فرض قانون على كل الأحزاب يضمن لوائحها الوطنية شباباً ونساء.
الجواب عن تهميش مجموعة من نخب المجتمع حتى لا تبلغ مواقع المسؤولية التمثيلية.
الفصل في مسألة الترشيح باللوائح أم الترشيح الفردي.
ضرورة توفر الحدود الدنيا من برامج الأحزاب من خلال برامج تمس كل المواطنات والمواطنين بكل فئاتهم وأعمارهم وأنواعهم.
اشتراط أعداد من المنخرطين رجالاً ونساءً وشباباً كحد أدنى على كل حزب قبل الترخيص له بخوض الانتخابات.
تجديد طرق التواصل مع المواطنات والمواطنين بطرق حديثة.
تضمين أجوبة كافية شافية عن مجموعة من القضايا التي تؤرق مكونات المجتمع من مثل البطالة، والحريات الصحافية، والنقابية، والسياسية، والأكاديمية، والتشغيل، والتعليم، والتكوين، والعدالة الاجتماعية، والعدالة المجالية، وتكافؤ الفرص، والسكن اللائق، والاستثمار وغيرها، مع ضرورة الانفتاح على المجتمع المدني والحقوقي ذي المرجعيات المتقاربة والتأكيد على أمر تجديد النخب والحد من الولاءات العمياء التي تضر أصحابها وتضر البنية الحزبية التي يتواجدون بها فالإخلاص يكون بالعمل وبالنتائج وليس بالسخرة.
ولا بد كذلك من تجديد القول إن السياسة أخلاق، والأخلاق تترجمها الممارسات والمواقف والأفعال والمبادرات، فنحن في وطن يضمن الانتماء الحر والتنافس الشريف المرغوب فيه، دون مس للأعراض ودون استعمال لمعاجم قد تسيء للجميع، والمواطنة الحقة قائمة على ثنائية الحقوق والواجبات في مغرب يضمن دستوره الحرية والكرامة والعدالة والتعددية والمساواة وتكافؤ الفرص، علماً أن السياسة ليس فيها صديق دائم أو نزاعات وخلافات دائمة.
عود على بدء أوجه نداءً باسم الفعل السياسي النبيل وباسم الوطن إلى قيادات كل الأحزاب إلى الترفع عن كل ما من شأنه أن ينفر من الفعل السياسي وينزل خطابه إلى الحضيض، كما أرجو منهم أن يبعدوا شخص جلالة الملك محمد السادس والمشاريع الملكية من صراعاتهم وتجاذباتهم وخلافاتهم وتنافسهم، وينضبطوا لكل مقتضيات الوقار والتوقير المحفوظة شعبياً ودستورياً لجلالته ولأفراد العائلة الملكية، فلا معنى لأن نسمع كل مرة هنا أو هناك إقحام الملك في السجال والتدافع السياسي دفاعاً عن هذا المشروع أو هجوماً على منافس أو إفشاء ما دار بين جلالته وأحد مسؤولي الدولة المغربية، فجلالته ملك كل المواطنات والمواطنين.
*الفاعل الاكاديمي و السياسي
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.
مقال مقرف بطوله ..ومضمونه خصوصا وهو يستعرض هذا المشهد السياسي المقرف بتفصيل ممل لا داعي له…اوووففففف
sujet trop long on peut faire court et il serait excellent or ici il se trouve comme un livre de poche