لماذا وإلى أين ؟

محمد بنعلي.. هل ضحى بكرسيه من أجل غزة، أم استغل غزة للتغطية على أخطائه؟

مصطفى الحسناوي*

تابعت الحروب الدونكيشوتية، التي أثارها قرار إعفاء محمد بنعلي، رئيس المجلس العلمي بفجيج، فظننت في بادىء الأمر، أن الأمر يتعلق بموقف أبداه، سواء من التطبيع أو من الحرب على غزة، كما نشر غالب من تضامن معه. فهممت بأن أتضامن معه، وأستنكر قرار إعفائه، بسبب آرائه المخالفة للتوجه الرسمي.

وفعلا كتبت تدوينة وهممت بنشرها، على عادتي في الانتصار للمظلوم، والوقوف إلى جانبه. لكنني قررت أن ألقي أولا نظرة على حسابه، فأنا لا أعرفه، ولم يسبق لي أن سمعت اسمه.

فكان أول ما طالعني من تدويناته، تعليقه على قرار إعفائه بما يلي:

أنه زار مصطفى بنحمزة، واستلم منه قرار الإعفاء، الذي بررته اللجنة التي زارت مقر عمله قبل شهرين، بأنه كثير الغياب.

علق محمد بنعلي، بأنه فعلا كثير الغياب، ولاينتظم حضوره في المجلس، وقال بالحرف نعم هذه حقيقة لا أنكرها.
استغربت من هذا الإقرار وهذا الاعتراف من هذا الرجل، وقلت في نفسي ربما هذا المناضل المجاهد الصادع بالحق، كان معروفا بمواقفه الثورية والرافضة للظلم، فكانوا ينتظرون منه خطأ ليقوموا بإعفائه، وأنه أعطاهم الفرصة بغيابه المتكرر.

قررت أن أفحص حسابه وتدويناته، لأعرف توجهه ومواقفه، التي بسببها وضعته الوزارة تحت كشافها وعدساتها وكاميراتها. فاكتشفت أن الرجل مسكين درويش، لا يهش ولا ينش، وأنه فقيه عادي تقليدي، جل اهتمامه تراث فجيج، ينشر تقريبا تدوينة من بين كل ثلاث تدوينات عن فجيج وتاريخها. عنده ميول صوفية، يمشي بجانب الحائط، لايناضل ولايعارض ولايرفع صوته، حتى خطبة عيد الفطر الماضية، كتبها عن العزوف عن الزواج، وخطبة العيد الذي قبله، كتبها عن تدبير الاختلاف وعن التعايش وحرية المعتقد، أما خطب الجمعة فتارة يتحدث عن الماء، وتارة عن الجفاف، وهكذا دواليك، وتمت استضافته في التلفزة المغريية، للحديث في المواضيع التي تتحدث فيها التلفزة المغربية، عن المولد النبوي وما شابه ذلك من مواضيع.

فتشت عن أي تدوينة عن غزة، قبل تدوينته التي كتبها بعد أن أيقن بأنه معزول لامحالة. فلم أجد شيئا، بحثت في سنة 2025 كلها، ثم 2024 كلها، بل في ذكرى الطوفان الاولى، تجاهلها ولم يكتب شيئا، ثم ذهبت افحص تدوينات سنة 2023، فلم أجد شيئا إلا في الشهر ونصف الأول من الطوفان، حيث كتب تدوينة بعد مرور أسبوعين على السابع من أكتوبر، ثم نشر صورة بعد مرور اسبوع، ثم كتب تدوينتين يتيمتين خلال شهر. ثم بعدها صام عن الحديث عن غزة، مدة عشرين شهرا بالتمام والكمال، ويمكنكم التأكد إما من الصور المرفقة، أو بزيارة حسابه مباشرة.

الذي استنتجته من هذا الفحص والتدقيق، أن السيد بنعلي، كان فقيها تقليديا عاديا، يلقي دروسا وخطبا ومواعظ، يكتب كتبا عن تراث فجيج، يتغيب أو لاينتظم في المهمة المكلف بها. قامت لجنة مراقبة، بزيارة مفاجئة لمكان عمله، فاكتشفت بعد التحقيق الذي قامت به أن الرجل كثير الغياب، وعندما أحس السي بنعلي، أن أيامه في المجلس العلمي أصبحت معدودة، قرر أن يقوم بهذا العمل الانتحاري البطولي، قبل أسبوع من إعفائه، لكي يخرج بضجة وبطولة مصطنعة وأضواء مسلطة عليه، عوض أن يتم إعفاؤه ولايسمع به أحد، وقد كانت خطته ناجحة، فالرجل الذي لم يكن يتحدث عن غزة أبدا، وتجاهل مأساتها مدة عشرين شهرا، أصبح الآن شهيد غزة وبطلها الذي ضحى بكرسيه في سبيلها. كما يروج من لم يقم بأي محاولة لمعرفة ماذا كان ينشر الرجل، لأن الناس عاطفيين جدا، وناقصين حنان.

وستجد من سيقرأ هذه التدوينة، ويصر في تعليقه، أن الرجل تم الانتقام منه، بسبب مواقفه من غزة ومن التطبيع، ولاحول ولاقوة إلا بالله.

تبقى نقطة أخيرة، وهي إعفاؤه بتلك الطريقة بسبب الغياب، دون إنذار ولا تحذير ولا توبيخ، ولاتدرج في العقوبة، هذه أنا ضدها، فالوزارة تتصرف كما لو أن الناس عندها يشتغلون في الحقل أو ورشة بناء.

*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
8 أغسطس 2025 11:42

مقال موضوعي لكن هناك من يركب على الموجة ولا ينظر الى المشكل من جميع جوانبه… طاحت الصمعة عل…….

ابو زيد
المعلق(ة)
8 أغسطس 2025 01:39

هل قمت بداعي المنهجية العلمية بافتحاص اثار الآخرين في المجالس العلمية لمختلف بقاع الوطن و شاركتنا كمواطنين استنتاجاتك؟؟!!
يمكن ان أجزم ان الامر سيكون سيان بحكم المقارنة كقاعدة علمية….
و على الاقل تحسب للرجل انه صدح بما سكت عنه غالبية اقرانه!!
كما ان حجج الاعفاء لم تقنع الاغلبية على مقاس ان الواقع و الاصل هو الغياب في غالبية الادارات….

محمد أيوب
المعلق(ة)
8 أغسطس 2025 00:20

ومع ذلك:
ينفي الكاتب ربط العزل بموقف المعزول من غزة، ويقول بان المعزول لم ينشر عن غزة الا القليل،كما انه لم يذكرها في خطبه او دروسه ومواعظه…هنا معه الحق غير انه يتجاهل بان جل االخطباء ممنوعون بشكل شبه رسمي من ذكر غزة او الدعاء لاهلها بالاسم،كما ان هناك ما يشبه تعليمات رسمية من عدم ذكر الآيات القرآنية التي لها علاقة باليهود مثل قوله تعالى:”لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود”…فهذه الآية ونظيراتها لم أسمعها تتردد عند خطباء الجمعة ولا في دروس القناة السادسة ولا في دروس العلماء…وكل من ذكر غزة واهلها بالاسم تتم محاسبته بالعزل،وهو قرار تجد الوزارة مبرراته بسهولة…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x