الأدوية غالية والمستشفيات متهالكة.. واقع قاتم يفاقم معاناة المرضى النفسيين بالمغرب

دقّت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة ناقوس خطر مجتمعي وصحي بسبب تنامي ظاهرة تشرد المرضى النفسيين في عدد من المدن المغربية، وما يرافقها من ارتفاع ملموس في الاعتداءات التي يرتكبها بعضهم.

وأشارت الشبكة، في نداء عاجل موجه إلى كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي، ووزارتي الداخلية والعدل، إلى أنّ هذه الظاهرة تحوّلت من مجرد قضية صحية واجتماعية إلى تهديد صريح للأمن الصحي والأمن العام، كان آخر فصوله استشهاد رجل أمن بمدينة إيموزار يوم الجمعة 22 غشت 2025، إثر طعنه غدراً بسلاح أبيض على يد مختل عقلي مشرّد أثناء مزاولته لعمله.

وحملت المراسلة مسؤولية تفاقم الوضع إلى التقصير المزمن في منظومة الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة خاصة في صفوف الشباب، وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية. كما أبرزت النقص الحاد في الموارد البشرية والمالية، حيث يعاني القطاع من خصاص شديد في الأطباء والأطر التمريضية المتخصصة في الطب النفسي، في ظل ضآلة الميزانية المرصودة للوقاية والعلاج النفسي ومحاربة الإدمان.

كما وقفت الشبكة على عوامل أخرى تزيد من تفاقم الظاهرة، مثل تهالك البنيات التحتية للمراكز والمستشفيات النفسية وتركزها في مدن محدودة، وارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية وفقدان بعضها من الصيدليات والمستشفيات، مما يؤدي إلى توقف المرضى عن العلاج. ويُضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة خدمات مراكز محاربة الإدمان في القطاع الخاص.

ولتجاوز هذا الخطر، شددت الشبكة على ضرورة الرفع من الاستثمارات في مجال الصحة النفسية عبر زيادة الميزانية المخصصة للقطاع، وتوظيف الأطباء والممرضين والأخصائيين النفسيين وتحفيزهم مادياً بمنح تعويضات خاصة، إلى جانب إنشاء مراكز استشفائية جهوية وإقليمية حديثة ومتكاملة. كما طالبت بمراجعة التشريعات وسنّ قوانين جديدة تضمن كرامة المرضى النفسيين وحقوقهم وتشجع على إدماجهم في المجتمع.

ودعت الشبكة إلى مراجعة أسعار الأدوية والخدمات الصحية، مع تحمل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تكلفة الأدوية الأساسية وتوفيرها مجاناً للمرضى، وإطلاق حملات وطنية للتوعية قصد محاربة الوصم الاجتماعي المرتبط بالمرض النفسي، وتشجيع الأسر على طلب العلاج في الوقت المناسب.