2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
القضاء الإسباني يحرج اليمين المتطرف وينتصر لمهاجر مغربي اتهم بحرق فتاة

شهدت جزر الكناري خلال الأسابيع الماضية جدلاً واسعاً عقب حادث حريق أصيبت فيه قاصر إسبانية بجروح خطيرة، جرى على إثره اعتقال مهاجر مغربي في العشرين من عمره. القضية سرعان ما تحولت إلى ورقة ضغط بيد اليمين المتطرف في إسبانيا وخاصة حزب فوكس، الذي استغلها لإذكاء خطاب معادٍ للمهاجرين، قبل أن تكشف التحقيقات القضائية والشرطية معطيات مغايرة تماماً.
محكمة التحقيق رقم 3 في لاس بالماس أصدرت هذا الأسبوع قراراً أكدت فيه أن الحريق الذي اندلع ليلة 16 يوليو الماضي وقع بطريقة عرضية داخل مبنى مهجور. وأوضحت أن ما تردد بداية حول إقدام الشاب المغربي على صب مادة قابلة للاشتعال على الضحية لا أساس له، وهو ما أكدته شهادة الفتاة نفسها التي نفت تعرضها لأي اعتداء، مشيرة إلى أن رفيقها حاول مساعدتها للخروج من ألسنة اللهب.
التقارير الطبية والفنية التي أنجزت لاحقاً عززت هذه الرواية، إذ بينت أن الإصابات ناتجة عن تماس مباشر مع النيران وليس عن مواد حارقة. كما أظهر التحقيق أن الشاب أصيب بدوره باختناق بسبب الدخان أثناء محاولته إنقاذ الفتاة القاصر، ما دفع السلطات بعد وضعه بداية في السجن الاحتياطي بتهمة محاولة القتل، قبل أن يقرر القاضي إطلاق سراحه مع إبقائه تحت المراقبة في انتظار استكمال التحقيق حول احتمال وجود إهمال.
المعطيات الميدانية أظهرت أن المكان الذي شهد الحادثة كان يستخدم من قبل مدمنين ومتشردين كمأوى عشوائي، وأن الضحية، وهي فتاة قاصر هاربة من مؤسسة رعاية حكومية، التقت بالشاب المغربي للمرة الأولى في تلك الليلة. الحريق اندلع بعد اشتعال فراش داخل الغرفة، وهو ما أدى إلى الكارثة التي جرى استغلالها سياسياً في الأيام التالية.
هذا التطور القضائي وضع حزب “فوكس” اليميني المتطرف، وخاصة وباقي الأصوات المعادية للمهاجرين في موقف حرج، خصوصاً بعد أن تبين زيف الرواية التي روجوها عبر المنصات الاجتماعية والإعلامية.
خوان أنطونيو ديلغادو راموس، السياسي والنائب في برلمان الأندلس عن حزب بوديموس، هاجم بدوره رئيس حزب فوكس، سانتياغو أباسكال، على موقع التواصل “x” (تويتر سابقا)، بسبب نشره للرواية الزائفة حول الشاب المغربي وتأجيجه لخطاب الكراهية ناعتاً إياه بالفاسق. حيث قال في تعليق على تدوينة لأباسكال :”خاطر شاب مغربي بحياته لإنقاذ فتاة من حريق. الضحية ممتنة، والشرطة ورجال الإطفاء يؤكدون ذلك، والمحاكم تؤيده. وحده شخص فاسق مثلك قادر على تحويل فعل تضامن وكرامة إلى كراهية”.
موجة الاستنكار الواسعة على الشبكات الرقمية أعادت طرح أسئلة حول خطورة استغلال المآسي الإنسانية في الدعاية السياسية، وحول مسؤولية الخطاب الشعبوي في تأجيج الكراهية ضد الجاليات الأجنبية.
