2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
دعا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى تحويل تنظيم كأس العالم 2030 إلى فرصة تاريخية لإطلاق دينامية تنموية شاملة يستفيد منها كافة المغاربة، لا أن تبقى محصورة في البنيات التحتية والملاعب والمدن الكبرى.
التصريح، الذي أدلى به على هامش اللقاء الوطني لكتاب الفروع الوطنية للحزب، اليوم السبت بالمقر المركزي بالرباط، يعكس ما يعتبره الحزب لحظة مفصلية لإحداث طفرة على مستويات متعددة، شريطة توفر الإرادة السياسية والانخراط الشعبي الحقيقي.
بنعبد الله أكد أن الشعار الذي يتبناه الحزب لهذه المرحلة هو “نربحوا كاملين”، في إشارة إلى ضرورة أن يكون الاستثمار في الحدث الكروي العالمي في خدمة تنمية متوازنة تهم جميع جهات وأقاليم المملكة، وليس فقط المدن المستضيفة للمونديال مثل طنجة، فاس، الرباط، الدار البيضاء، مراكش وأكادير، والتي تعرف بالفعل دينامية كبيرة في مشاريع البنيات التحتية، لكن من منظور التقدم والاشتراكية، فإن مكسب التنظيم لا يجب أن يُختزل في الجانب العمراني والرياضي فقط، بل ينبغي أن يتحول إلى رافعة استراتيجية لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، واستثمار هذه اللحظة لفتح آفاق جديدة للمغرب في ظل التحديات الداخلية والدولية.
ومن أقوى الزوايا التي شدد عليها الأمين العام لحزب الكتاب، التأكيد على البعد الديمقراطي كشرط أساسي لإنجاح أي طفرة تنموية محتملة، فبرأيه، لا يمكن الحديث عن استثمار فعّال للمونديال دون توسيع الحريات وإحداث انفراج سياسي يطلق الطاقات، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2026. دعوته حملت إشارات واضحة إلى ضرورة إعادة الثقة في المؤسسات وتقوية المجال الديمقراطي كقاعدة لأي مشروع وطني جامع، معتبرًا أن اللحظة تستدعي جرأة في الإصلاح السياسي توازي الطموح التنموي.
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أشار بنعبد الله إلى أهمية استغلال الزخم المرتبط بالتحضيرات للمونديال من أجل تقوية النسيج الصناعي، وتحقيق تقدم في إحداث فرص الشغل ليس فقط في المدن الكبرى، بل في جميع أنحاء البلاد. وفي الوقت الذي تُسجل فيه الدولة إنجازات في عدد من الأوراش الكبرى، نبه إلى أن استمرار الاحتجاجات في مناطق مختلفة دليل على استمرار اختلالات حقيقية، خاصة على مستوى الخدمات الأساسية مثل المستشفى العمومي وخدمات القرب، مطالبًا بتوسيع الحماية الاجتماعية والدعم للفئات المحتاجة كخطوة مركزية لدمجها في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بدل الاكتفاء بالشعارات أو التدخلات الموضعية.
بنعبد الله لم يغفل جانب الحكامة، مبرزًا أن آفة الفساد والرشوة وتضارب المصالح لا تزال مستشرية في عدد من المجالات، مما يتطلب تفعيلًا حقيقيًا لأدوات المحاسبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا يتحول مونديال 2030 إلى مناسبة للاغتناء غير المشروع أو لتكريس منطق الريع. كما أشار إلى أهمية إدماج البعد البيئي ضمن مسار التحضير للحدث العالمي، داعيًا إلى المحافظة على الموارد الطبيعية، خاصة في العالم القروي والجبلي الذي يعيش تهميشًا مضاعفًا، رغم ما يزخر به من إمكانيات بشرية وبيئية مهمة.
واختتم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية تصريحه بإعلان نية الحزب القيام بجولة وطنية شاملة، تشمل مختلف المناطق، وبالأخص الهامشية منها، من أجل الاستماع للمواطنين والمواطنات، والانفتاح على الشباب وباقي الفئات، بهدف توصيل هذا التصور القائم على أن تنظيم كأس العالم ليس مجرد لحظة رياضية عابرة، بل يمكن أن يكون فرصة تأسيسية لتحول وطني كبير، إذا ما تم ربطه بالإرادة الحقيقية في الإصلاح، والعدالة المجالية، والانفتاح الديمقراطي.
