لماذا وإلى أين ؟

زيارة إنسانية تتحول إلى بروفة انتخابية كشفت تصدّع بيت الأحرار بطنجة 

في خطوة بدت للوهلة الأولى مجرد مبادرة إنسانية لعيادة البرلماني الطنجاوي عن حزب التجمع الوطني للأحرار الحسين بن الطيب بعد تعرضه لكسر، تحولت الزيارة التي حضرها أول أمس العمدة البامي منير ليموري، ورئيس مقاطعة السواني والقيادي البامي أيضا سعيد أهروش، إلى ما يشبه جلسة سياسية مصغرة جمعت منتخَبين من مختلف المقاطعات ووجوهاً حزبية شابة من الأحرار، البام، الاستقلال وحتى بعض الوجوه المستقلة.

المبادرة التي أشرف عليها وفق مصادر موثوقة، نائب العمدة عن الأحرار غيلان الغزواني، وشارك فيها زملاؤه مثل عصام الغاشي، يوسف الورديغي، عمر العسري، إضافة إلى قيادات أخرى كياسر عمران نائب رئيس مقاطعة مغوغة عن الأحرار، وأنور الأربعين نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة عن الاستقلال، ووجوه لها رصيد في المشهد المحلي مثل أحمد الغرابي رئيس مقاطعة السواني عن العدالة والتنمية سابقاً وفؤاد أحلوش المدير السابق لغرفة التجارة والصناعة، سرعان ما أخذت أبعاداً سياسية أعمق من مجرد تضامن إنساني.

ففي غياب المنسق الإقليمي للأحرار عمر مورو، برز مجدداً الصدع الداخلي الذي يعرفه الحزب بطنجة بين تيارين داخل الحزب بطنجة؛ الأول يقوده الغزواني، المنفتح على تحالفات جديدة كما يبدو تتجاوز منطق الاصطفاف الحزبي، والثاني يمثله مورو، المتمسك بمرجعية التنسيق الحزبي المركزي وضبط الإيقاع السياسي داخل التنظيم. هذا الغياب بدا لافتاً، خصوصاً وأن صاحب المبادرة لم يتردد في توجيه الدعوة لفاعلين من أحزاب أخرى، ما أعطى للقاء حمولة سياسية غير مسبوق مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.

الحضور المتنوع في هذا “الصالون السياسي”، والذي شمل إلى جانب المنتخبين صحافيين وفاعلين من المجتمع المدني، فتح الباب أمام نقاش سياسي عفوية جانبي حول مستقبل تدبير الشأن المحلي بالمدينة، وضرورة توحيد الجهود بين مختلف الفعاليات السياسية بالمدينة لإعادة الثقة للمواطن الطنجاوي مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة. شعارات من قبيل “وضع اليد في اليد” و”تغيير صورة التدبير المحلي” ترددت في النقاش، ما جعل اللقاء يخرج من إطاره البروتوكولي إلى مساحة عاكست دينامية جديدة قد تترجم في تحالفات ميدانية غير متوقعة.

الرسالة التي بعثها هذا المشهد لم تمر مرور الكرام. فزيارة البرلماني بن الطيب، على رمزيتها الإنسانية، قد تكون أول إشارة عملية لإعادة تشكيل الاصطفافات السياسية بالمدينة، حيث بدأت تبرز معالم اصطفاف شبابي من الأحرار والبام والاستقلال، بعيداً عن حسابات القيادة التقليدية، بما فيها المنسق الإقليمي عمر مورو. وهذا التطور يضع أكثر من علامة استفهام حول موقع الأحرار في المعادلة الانتخابية المقبلة بطنجة وبجهة ككل، حيث لا يختلف اثنان حول أن طنجة تعد مفتاح جهة الشمال الانتخابي، مما يجعل السؤال مشروعاً حول هل تتجه “الحمامة” إلى تشظٍّ يعمق أزمتها الداخلية؟ أم أن ما حدث مجرد مناورة انتخابية مبكرة لخلط الأوراق وإعادة توزيع الأدوار؟

في النهاية، تطرح هذه الزيارة أكثر مما تجيب عليه. فهي من جهة أكدت استمرار القطيعة داخل بيت الأحرار بطنجة، خاصة مع وجود أحلوش الذي فقد منصبه مديراً لغرفة التجارة والصناعة سابقاً بسبب ضغط عمر مورو لإجباره على العودة لوظيفته الأساسية كإطار متعاقد دائم بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ومن جهة أخرى عكست رغبة بعض الفاعلين الشباب في فتح قنوات تحالف تتجاوز الخطوط الحمراء السابقة. وبين هذا وذاك، يبقى المؤكد أن عيادة المريض هذه المرة كانت عيادة سياسية، ستظل محطة مفصلية في رسم ملامح المشهد الانتخابي المقبل بالمدينة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x