لماذا وإلى أين ؟

التنمية العادلة ممكنة من أجل مغرب بسرعة موحدة

عزيز الرباح

عندما تحدث صاحب الجلالة عن معضلة “المغرب بسرعتين”، وأكد أنه ليس هو المغرب الذي يريد ويسعى إلى بنائه ويكدّ من أجله، ودعا إلى بناء مغرب العدالة الاجتماعية والمجالية بالجدية اللازمة، من خلال برنامج تنموي يشمل جميع فئات الشعب وجميع المناطق، لم يكن ذلك من نافلة القول أو الفعل، بل هو التزام ملكي وواجب وطني وتأكيد على الوفاء تجاه شعبه.

خاصة أن هذه الرسالة التقييمية للواقع والاستشرافية للمستقبل وردت في خطاب العرش، الذي هو بمثابة تقييم وتجديد في آن واحد، يجدد التعاقد المتين بين الملك والشعب.

*المغرب الذي نريد:

فجلالة الملك يريد مغربًا لا تعيش فيه فئات ولا مناطق على الهامش، ولا تبقى خارج الاستفادة من عوائد موجة المخططات التنموية الواعدة التي انطلقت منذ أكثر من عقدين ونصف. فقد أجاب استباقيًا على مطالب المواطنين، لكن يبقى التحدي في التطبيق.

فالأمر ليس مجرد تعديل جزئي أو تقني لمسار التنمية، بل هو مراجعة عميقة من أجل مسار جديد تتوحد فيه السرعات في سرعة واحدة؛ أي نهضة إصلاحية وتنموية عادلة ينعم بثمارها كل أبناء الوطن ومناطقه.

*الحاجة إلى قرارات صادمة:

وقد يحتاج الأمر إلى بعض القرارات الصادمة والعاجلة غير المعهودة.

ومن ذلك أولا: قراران حاسمان لتوجيه عشرات المليارات من الدراهم إلى الجهات والأقاليم، وقطاعات التعليم والصحة والتشغيل والماء. لأن ذلك لا يحتمل التأخير، ليسير المغرب بسرعة واحدة ويعالج الشعور بالغبن لدى فئات عريضة تعدّ بالملايين، وتنتظر أن تنال نصيبها من التنمية وعوائدها.

*القرار الأول: الشراكة بين العام والخاص

الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإنجاز المشاريع واستغلالها، وفق مقاربة تضمن التحكم في الجودة والتعرفة والربحية. وفي هذا المنحى هناك عدة مقاربات نختار منها الأنسب لبلدنا ولكل قطاع.

ولنا في تجربة بلادنا في الكهرباء والماء دروس متميزة بإيجابياتها وسلبياتها، يُستفاد منها، وأيضًا في تجارب دول كثيرة لنا معها شراكات متقدمة.

*القرار الثاني: تمديد آجال الإنجاز

تمديد سنة أو أكثر في آجال الإنجاز، خاصة في المشاريع التي ليست مرتبطة بمواعيد ملزمة أو بظروف استعجالية، كالصحة والتعليم والماء.

*عقبة “عقيدة الصفقات العمومية”:

لكن وجب الحذر من بعض المثبطين المتحكمين في دواليب القرار الإداري والمالي، الذين تسيطر عليهم “عقيدة الصفقات العمومية”. أولئك الذين يريدون أن نستمر في النهج نفسه: أي توفير الميزانيات الضخمة، ولو بالاقتراض أو على حساب برامج تهم فئات عريضة ومناطق كثيرة، ليدبّروا هم الصفقات الكبرى، وليس غيرهم، في الوزارات والمؤسسات والشركات العمومية والجماعات المحلية.

فهي شبكة مترابطة فيما بينها من إداريين ومهنيين واستشاريين ومراقبين… يؤمنون بـ”عقيدة الصفقات العمومية”، ليس لمصلحة الوطن، ولكن ليستفيدوا من العوائد المتعددة لهذه الصفقات!

*أولوية الصحة والتعليم والماء والشغل:

إن من شأن هذين القرارين تغيير أولويات تدخل الدولة إلى أولويات آنية في الصحة والتعليم والماء والشغل، لصالح فئات عريضة كالشباب والفقراء وساكنة القرى وهوامش المدن.

وطبعا يحتاج هذا التغيير المنهجي إلى تشريع وحكامة مناسبين لتحقيق الأهداف المرجوة.

*دروس من التجارب الدولية:

دول كثيرة، حتى الغنية منها، تخلت عن المنهج التقليدي في الاستثمارات العمومية، وأحدثت ثورة تنموية عادلة محورها الإنسان أولًا ودائمًا.

وللحديث بقية، والخير أمام.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
sami
المعلق(ة)
1 أكتوبر 2025 10:47

لا حياة لمن تنادي
لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين.
ليست المغاربة ذاكرة قصيرة ،مازالت آثار سياستكم العشرية لم تندمل بعد.

فريد
المعلق(ة)
1 أكتوبر 2025 09:18

المشكل هو أن كل السلط في يد الملك وهو المسؤول الأول عن البلاد، عاش المغرب إنتخابات وإنتخابات وعاش حكومات وحكومات لكن التعليم والصحة يسيران نحو الهاوية وأصبحت لوبيات التعليم الخاص والمصحات الخاصة هم المتحكمين في القطاعين بإسم “الشكارة” والليبرالية…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x