لماذا وإلى أين ؟

أشمال: المجلس الاستشاري للشباب جزء من حل أزمة جيل Z

أسامة باجي
في خضم الزخم الاحتجاجي الذي يعيشه الشارع المغربي بقيادة “جيل Z”، عاد إلى الواجهة نقاش مؤسسات الوساطة الشبابية، وعلى رأسها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي نص عليه دستور 2011، غير أنه لم يرَ النور بعد رغم مرور أكثر من سبع سنوات على صدور قانونه التنظيمي.

كان يفترض أن يشكل هذا المجلس قناة مؤسساتية تنقل نبض الشباب إلى دوائر القرار، غير أن المشروع ظلّ معلّقًا في رفوف الانتظار، ما يثير مجددًا تساؤلات حول جدّية الدولة في تفعيل المؤسسات الدستورية، خصوصًا تلك الموجّهة لإشراك الشباب في الحياة العامة.

وكان الفصل 33 من الدستور صريحا في الدعوة إلى إحداث مجلس يعنى بتوسيع مشاركة الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. ومع ذلك، ظل القانون المؤطر للمجلس، الصادر سنة 2018، بلا تفعيل فعلي، ولم تُعين تركيبته بعد، في غياب أي توضيحات رسمية بشأن أسباب هذا التأخير الممتد.

اليوم، ومع تصاعد الحراك الشبابي واتساع رقعته، يتجدد النقاش حول إمكانية إخراج المجلس إلى حيز التنفيذ، باعتباره خطوة ضرورية لإرساء قنوات حوار دائمة ومستقلة مع الجيل الجديد، وتجاوز أزمة التمثيلية التي عمّقت الفجوة بين الدولة وشبابها.

في هذا السياق ترى رقية أشمال، الأستاذة الجامعية بجامعة محمد الخامس والمتخصصة في قضايا الشباب، أن عدم إخراج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يضع تساؤلات جدية حول مسار الزمن التنموي في البلد.

أشمال أكدت في تصريح لجريدة “آشكاين” أن هذا المجلس كان بإمكانه أن يكون جوابًا مسبقًا على ما يقع اليوم من احتجاجات في المغرب، رغم أنه لا يمكن أن يشكّل وحده الحل الكامل. لكنه يمكن أن يكون إحدى الآليات لتوسيع الديمقراطية التشاركية.

حسب المتخصصة، “حين ينتفض الشباب اليوم ويعبر عن غضبه وسخطه وإحباطه من المؤسسات القائمة، فهذا يعني أن الشباب مستعد للمشاركة لو توفرت له آليات فعلية للمشاركة المواطنية والديمقراطية، سواء على المستوى الترابي أو الوطني. لو تمكن الشباب من الوصول إلى هذه الآليات، كان بالإمكان تفادي العديد من الاحتجاجات القائمة”.

وتشير الباحثة إلى أن “الاحتجاجات رغم أنها لا تُعتبر دائما أزمة بالمعنى الكلاسيكي، إلا أنها يمكن أن ترى كفرصة أو مختبر لجس نبض الديمقراطية في البلد، وتساؤل حول مدى قدرة الفعل الاحتجاجي على التعبير الحر والسلمي.

تشرح أشمال أن “الاحتجاج يمكن أن يشكل فرصة لإعادة الانتباه إلى الشباب الذي يظهر مجازفة في غياب آليات المشاركة، ويذكّر الدولة بضرورة تجويد الديمقراطية التشاركية”. فيما توضح أن المجلس لو أحدث سيكون بمثابة جزء من الجواب عن الأزمة وليس الجواب الكامل.

حسب الباحثة، اليوم هناك فرص ديمقراطية يجب استثمارها، ويمكن للحكومة المقبلة أو البرلمان الجديد في دورته التشريعية أن يعمل على تجويد القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، التي غالبا ما تمنح المشاركة بشكل شكلي، خاصة للشباب.

تشرح المتخصصة في قضايا الشباب أن المشاركة حين تكون محدودة أو باهتة، فمن الطبيعي أن يتجه الشاب إلى فضاءات خارج المؤسسات الرسمية، وهو أمر قد يهدد ليس فقط الديمقراطية، بل أيضا المؤسسات والفعل التنموي الذي حققه المغرب على مدى السنوات الماضية.

لو افترضنا وجود المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، فمن الممكن أن يكون جزءا من الجواب، لأنه هيئة استشارية بالأساس، لا تمتلك صلاحيات تنفيذية. فكما هو الحال مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تقتصر مهمته على التنبيه إلى مكامن الضعف في فعلية الحقوق الاجتماعية دون القدرة على فرض حلول عملية.

ورغم أن الدستور يقر هذه الحقوق بوضوح، يبقى السؤال المطروح: إلى أي حد يتم تفعيلها على أرض الواقع؟ فحتى لو كان المجلس موجودًا اليوم، لا يقتصر دوره على دق ناقوس الخطر والتنبيه إلى الأوضاع الراهنة المرتبطة بالفساد، وبالأخص ما يتعلق بحقوق الصحة والتعليم.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x