لماذا وإلى أين ؟

الموقف الروسي الجديد: نقطة تحول لصالح المغرب في قضية الصحراء

أشاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بمقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار لحل النزاع حول الصحراء، معتبرا إياه صيغة معتمدة لتقرير المصير من الأمم المتحدة، شريطة توافق جميع الأطراف. مشيرا إلى تحول موقف بلاده قبيل جلسة مجلس الأمن، مضيفا أن المبادرة المغربية تمثل حلا واقعيا ومستداما قد يستلزم تعديل مهام بعثة “المينورسو” لمواكبة تطبيق الحكم الذاتي.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، عبد النبي صبري، إن الموقف الروسي الأخير من قضية الصحراء المغربية يشكل تحولا لافتا لصالح المغرب، معتبرا أنه خروج عن الحياد الإيجابي الذي كانت موسكو تتبناه طيلة السنوات الماضية.

وأفاد صبري في تصريح لجريدة “آشكاين” أن روسيا، التي اعتادت الامتناع عن التصويت في قرارات مجلس الأمن بشأن الصحراء، اتجهت هذه المرة إلى تبني موقف أقرب إلى دعم الرؤية المغربية، مبرزا أن الامتناع في السابق لم يكن يعرقل صدور القرارات الأممية، بل كان يسمح بالمصادقة عليها وفق التوافق الدولي السائد.

وأوضح المتحدث أن هذا التحول الروسي جاء نتيجة لتراكم النجاحات التي حققها المغرب خلال السنوات الأخيرة، خصوصا منذ سنة 2007 حين طرح مبادرة الحكم الذاتي التي حظيت بإشادة واسعة من المنتظم الدولي باعتبارها حلا واقعيا وذا مصداقية وقابلا للتطبيق.

وأشار المحلل السياسي إلى أن عددا من القرارات الأممية التي صدرت بعد ذلك تبنت مقاربة تتجاوز فكرة الاستفتاء التي كانت مطروحة سابقا. مضيفا أن التحولات التي أعقبت سنة 2020، خاصة اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ثم المواقف الداعمة من فرنسا وبريطانيا ودول أخرى، جعلت العالم ينظر إلى الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد المطروح على الطاولة.

وقال صبري إن روسيا أدركت بدورها “قواعد اللعبة” الجديدة، وهي اليوم تسعى إلى الحفاظ على توازناتها الدولية مع شريك موثوق به مثل المغرب، الذي تبنى في ملف الحرب الروسية الأوكرانية موقفا متزنا وحكيما.

وحسب المصدر ذاته فإن “تصريحات وزير الخارجية الروسي الأخيرة حول كون الاستفتاء لم يعد مجديا تؤشر على أن الموقف الروسي يتجه أكثر نحو دعم المقاربة المغربية”. فيما توقع أن” تعرف الجلسة المقبلة لمجلس الأمن ملامح جديدة في هذا الاتجاه، مؤكدا أن الموقف الروسي اليوم إيجابي بوضوح تجاه المملكة، حتى في حال اختارت موسكو الامتناع عن التصويت”.

وشدد صبري على أن “العالم كله بات يدرك أن قضية الصحراء وصلت إلى مرحلة النضج السياسي، وأن مفاهيم تقرير المصير وتصفية الاستعمار أصبحت متجاوزة منذ انسحاب إسبانيا من الإقليم. وأضاف أن روسيا، مثل غيرها من القوى الكبرى، تأخذ اليوم بعين الاعتبار مصالحها مع المغرب، إلى جانب حرصها على التوازن في علاقاتها مع الجزائر”.

وختم صبري بالقول إن “الجزائر تدرك اليوم أن النجاحات التي راكمها المغرب أكدت صوابية وجدية مقترح الحكم الذاتي، فيما لم تعد جبهة البوليساريو سوى واجهة شكلية في ملف تديره الجزائر مباشرة”. كما لفت إلى أن “المرحلة المقبلة ستعرف تحولات جيوسياسية لصالح المغرب، وأن هذا القرار المرتقب في مجلس الأمن قد يحمل مفاجآت مهمة تعزز مكانة المملكة في الملف”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x