2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين/رشيد نشينش
سُطرت صفحة جديدة بحروف من ذهب في سجل كرة القدم العالمية، وتحديدا من قلب المحيط الأطلسي. لم يكن الأمر مجرد فوز في مباراة، بل كان تحقيقا لـ “الحلم المستحيل” لجمهورية جزر الرأس الأخضر (كابو فيردي)، التي تأهلت رسمياً لنهائيات كأس العالم 2026 لأول مرة في تاريخها، متجاوزة عقبة عملاق إفريقي بحجم الكاميرون في المجموعة الرابعة من التصفيات.
الإنجاز المزلزل: قروش زرقاء تهزم الجغرافيا والتاريخ
في واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ التصفيات الإفريقية، تمكن منتخب “القروش الزرقاء” من انتزاع بطاقة التأهل المباشر، بعد أداء ثابت ومستويات مبهرة تجاوزت كل التوقعات. فبينما كانت الأنظار تتجه نحو “الأسود غير المروضة” الكاميرونية، أظهر لاعبو الرأس الأخضر، ومعظمهم من المحترفين في الدوريات الأوروبية، صلابة تكتيكية وروحا قتالية جعلتهم يتفوقون على خبرة وقوة المنافسين.
تأهل الرأس الأخضر لم يكن صدفة، بل جاء تتويجا لمسار تصاعدي للمنتخب الذي بدأ يفرض وجوده بقوة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد مشاركاته المتكررة في كأس الأمم الإفريقية. لكن هذه المرة، قفز المنتخب الجزيري فوق الحواجز ليحجز مكانه بين كبار العالم، محولا صراعه على صدارة المجموعة مع الكاميرون إلى انتصار تاريخي لم يسبق له مثيل.
الرأس الأخضر: ثاني أصغر دولة في التاريخ تبلغ المونديال
بعيداً عن المستطيل الأخضر، يكتسب هذا الإنجاز بعدا أكبر عند النظر إلى حجم الدولة التي حققته. جمهورية الرأس الأخضر هي أرخبيل مكون من عشر جزر بركانية تقع قبالة السواحل الغربية لإفريقيا، ويقدر عدد سكانها بحوالي نصف مليون نسمة فقط (أقل من 600 ألف).
وبهذا التأهل، أصبحت الرأس الأخضر ثاني أصغر دولة في التاريخ تتأهل لكأس العالم من حيث عدد السكان، بعد آيسلندا التي حققت الإنجاز في مونديال 2018. هذا التفوق يؤكد أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تتغلب على الإمكانيات والجغرافيا.
ويعتمد منتخب الرأس الأخضر بشكل كبير على “جاليته الكبيرة” المنتشرة في العالم، هذا الشتات أصبح “جسر” التواصل مع الاحتراف العالمي، حيث يمثل أبناء هذه الجالية العمود الفقري للمنتخب، وهو ما سيضمن لهم دعماً جماهيرياً هائلاً وغير متوقع في ملاعب الولايات المتحدة وكندا والمكسيك خلال كأس العالم 2026.
اليوم، عاشت العاصمة برايا وبقية الجزر ليلة تاريخية من الاحتفالات، حيث أعلن البعض عن عطلة وطنية غير رسمية ابتهاجا بالحدث. قصة الرأس الأخضر هي شهادة على أن كرة القدم لا تعرف الحدود، وأن أصغر الجزر يمكنها أن تحدث أكبر الزلازل في عالم الساحرة المستديرة.