لماذا وإلى أين ؟

انتقاد الأغلبية البرلمانية للحكومة.. ممارسة عادية أم تسخينات إنتخابية؟

شهد البرلمان المغربي، خلال الدخول الجديد، تصاعدا ملحوظا في وتيرة الانتقادات الموجهة للحكومة من قبل نواب الأغلبية، في خطوة فاجأت الكثيرين ولفتت انتباه متتبعي المشهد السياسي المغربي.

ومعلوم ان أكثر الملفات التي حازت اهتمام النواب هما ملفي التعليم والصحة، بعد أن أعادهما الحراك الذي أطلقه ما عرف بـ”جيل زد” أيام قليلة قبل انطلاق دورة البرلمان.

ويعتبر الكثير من المتتبعين أن التحول الكبير والملحوظ في اللغة المستعملة من طرف البرلمانيين، خصوصا من الأغلبية، والخطاب النقدي الذي يستعملونه، هو بسبب قرب الانتخابات وفي اطار ما يسمى بـ “التسخينات” التي تسبق كل استحقاقات برلمانية.

في هذا السياق، اعتبر رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، أن ممارسة النقد جزء من مهام البرلماني داخل الأغلبية، وأن الانضباط في التصويت لا يلغي الحق في تقييم الأداء الحكومي، وقال: “نحن نساند الحكومة ونصوت لصالحها لكن هذا لا يمنع من انتقادها، نحن نمارس دورنا في إطار الرقابة”.

وأضاف التويزي، ضمن تصريح لجريدة “آشكيان” الإخبارية، “نقد الحكومة وتقديم البدائل هذه أمور عادية”، مردفا”لقد سبق أن طلبت من برلمانيي حزبي عدم الصمت على أي شيء يرونه غير صحيح، فالنقد يجب أن يكون بأدب ويبتعد عن الشخصنة”.

وذكّر عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أحد المكونات الرئيسية للأغلبية، بأن “الدستور يمنحنا حق مراقبة الحكومة وتقييم السياسات والتشريع، وهذه أمور لا يمكن أن ينزعها من البرلماني لا رئيس ولا حزب ولا أي شخص آخر”.

وأشار التويزي إلى أن البرلماني يحمل “قبعتين”، الأولى تفويض المواطن، والثانية الانضباط في التصويت، موضحا أن العمل الرقابي جزء من المهام النيابية، مؤكدا أن “الحكومة جهاز تنفيذي والبرلمان جهاز تشريعي ويجب على كل جهاز أن يقوم بدوره”.

وبخصوص الحديث على أن برلمانيي الأغلبية يمارسون المعارضة استعدادا للاستحقاقات القادمة، قال التويزي: “نحن لا نمارس المعارضة لكننا نمارس دورنا النيابي فقط.”

وفي نفس السياق اعتبر عضو فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، محمد غياث، أن “ما يقع اليوم أمر صحي وطبيعي داخل أي ديمقراطية ناضجة”.

وقال غياث، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية إن “الرقابة البرلمانية لا تقتصر على المعارضة فقط، بل هي أيضا من صميم مسؤولية نواب الأغلبية الذين يُعبّرون عن انشغالات المواطنين ويحرصون على تصحيح الاختلالات كلما وُجدت”.

وشدد الرئيس السبق للفريق التجمعي على أن ما يجمع الأغلبية “هو تضامن حكومي صادق وحرص مشترك على إنجاح الإصلاحات الكبرى”، مستدركا “لكن في الوقت نفسه نمارس دورنا الرقابي بروح بنّاءة ومسؤولة، هدفها تحسين الأداء وليس خلق التوتر”.

واعتبر غياث أن “الحكومة اليوم تواجه تحديات كبيرة”، منبها إلى أن “النقد من داخل الأغلبية دليل حيوية سياسية ونضج مؤسساتي، وليس مؤشرا على خلافات كما يحاول البعض تصويره”.

من جهته، اعتبر عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، العياشي الفرفار، أن النقد الحالي للحكومة ينسجم مع التفاعل مع مطالب الشارع، مؤكدا أن العمل النيابي ليس مطلوبا منه أن يتماهى مع العمل الحكومي، وقال: “صحيح نحن في الأغلبية نساند الحكومة في التصويت وفي المصادقة على الميزانيات الفرعية والتصويت على مشاريع القوانين وهذا لا يعني أننا نتماها مع أو تابعين للعمل الحكومي.”

وأضاف الفرفار، ضمن تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، خلال “الدخول السياسي لهذه السنة صحيح أن وتيرة النقد ارتفعت، والنقاش اليوم في البرلمان هو ظاهرة صحية”.

وشدد البرلماني الاستقلالي على أنه ملتزم بميثاق الأغلبية، وزاد: “لكن في النقاش والمساءلة والمراقبة نحن نمارس مهامنا كنواب للأمة، أي أننا نلتقط نبض الشارع ونحوله لأسئلة. نحن لا نمارس المعارضة.”

ويرى مراقبون أن ارتفاع وتيرة الانتقادات هذا العام قد يحمل بعدا سياسيا مرتبطا بالسنة الأخيرة قبل الاستحقاقات المقبلة، إلا أن النواب يؤكدون أن النقد جزء من ممارسة دستورية لضمان مساءلة الحكومة ومحاسبتها على أدائها وتجويد النقاش السياسي في المغرب.

وفي المقلب الآخر، يعتقد أخرون أن هذا النقاش يشكل مؤشرا على صحة الديمقراطية البرلمانية في المغرب، إذ يظهر أن نواب الأغلبية قادرون على التوفيق بين الالتزام الحزبي وواجبهم الرقابي تجاه المواطنين، مع الحفاظ على النقد المؤطر والمسؤول داخل قاعات البرلمان.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
17 أكتوبر 2025 18:18

السر في هذه السخافة هو أنها مجرد مسرحية “بايخة” كما يقول إخواننا في مصر.
الانتقاذات التي تبنتها الأغلبية في الدقيقة 90 كانت المعارضة تأثيرها منذ سنوات .. و هذه الأغلبىة التي شربت حليب السباع اليوم هي التي كانت تعرقل انتقادات المعارضة.

علي
المعلق(ة)
17 أكتوبر 2025 10:48

السخيف هو السر وراء تضامن هذه الاغلبية رغم كل ما وقع
ربما اول مرة في تاريخ المغرب

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x