2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بنبراهيم: لقاء بوريطة-لافروف قد يحول الموقف الروسي بشأن الصحراء إلى ”حياد بناء”
أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الخميس بموسكو، مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تمحورت حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وروسيا، إلى جانب تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية والوضع في منطقة الساحل والشرق الأوسط.
وأعرب الوزيران عن ارتياحهما لمستوى العلاقات بين البلدين، مؤكدين رغبتهما في تطوير الشراكة الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة. كما تطرقا إلى قضية الصحراء في سياق المناقشات الجارية داخل مجلس الأمن الدولي حول الملف.
من جانبه، جدد لافروف موقف بلاده الداعم لحل النزاعات بالطرق السياسية والدبلوماسية، وفقا للمبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي كما نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، مشددا على أن هذه المبادئ يجب أن تفسر وتطبق بشكل شامل ومترابط، دون انتقائية أو ازدواجية في المعايير.
في هذا السياق، قالت أمال بنبراهيم، أستاذة العلاقات الدولية والتواصل السياسي بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إن لقاء وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بنظيره الروسي، سيرغي لافروف” أن اللقاء “يحمل بعدا دبلوماسيا وظرفيا يتعلق بتمديد ولاية بعثة المينورسو ومداولات مجلس الأمن حول الصحراء، وهو ما قد يسهم في تحويل الموقف الروسي من حياد سلبي إلى حياد بناء يدعم الحل السياسي الأممي، بما يتوافق مع مبادرة الحكم الذاتي المغربية، ويحد من تأثير المواقف المعارضة لبعض الدول الإقليمية”.

وأوردت المتحدثة في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “الشراكة تمثل نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين بعد عقود من التعاون السياسي والاقتصادي، وهي واحدة من الشراكات التي فعلت جل اتفاقياتها، واللقاء الحالي يندرج ضمن تفعيل آليات المتابعة والتقييم لهذه الشراكة”.
وأردفت الباحثة في التواصل السياسي، أن “اللقاء يأتي في ظرف دولي وإقليمي معقد، يتسم بتراجع الأحادية وعودة التعددية في مراكز القرار الجيوسياسي، وهو ما يدفع المغرب إلى تنويع شراكاته الاستراتيجية لحماية مصالحه الوطنية العليا، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية”.
جدير بالذكر أن الخارجية الروسية على لسان لافروف كانت قد رحبت في وقت سابق بمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كإطار لإنهاء النزاع حول الصحراء المغربية، معتبرة إياه إحدى صيغ تقرير المصير المعتمدة من طرف الأمم المتحدة، شريطة أن يتم التوافق حوله بين جميع الأطراف المعنية.
وكان لافروف قد أشار إلى إن “المقترح المغربي للحكم الذاتي سيشكل حلا واقعيا ومستداما إذا تم تبنيه برعاية أممية وبتوافق جميع الأطراف”، مضيفاً أن “القضية المستمرة منذ نحو نصف قرن كانت في السابق تتجه نحو خيار الاستفتاء، غير أن الواقع تغير، والمبادرة المغربية تندرج في صلب مقاربات الأمم المتحدة الحديثة لتقرير المصير”.
في هذا الصدد قالت الباحثة أن “استمرار الدينامية التي أطلقتها هذه الزيارة قد يؤدي إلى ميل الخطاب الروسي داخل أروقة الأمم المتحدة نحو دعم الحل السياسي الواقعي والدائم، وهو ما يتماشى مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي”.
وأشارت بنبراهيم إلى أن تحييد روسيا عن الكتلة المعترضة يضيق هامش المناورة للدول المعارضة ويعزز الموقف المغربي على الصعيد الدولي. فموسكو تنظر إلى المغرب باعتباره فاعلا إقليميا مستقرا، وبوابة جغرافية واقتصادية نحو القارة الإفريقية.
وأشارت أستاذة العلاقات الدولية والتواصل السياسي إلى أن “تعزيز العلاقات مع الرباط يشكل فرصة لروسيا لتعزيز حضورها الجيو اقتصادي في إفريقيا من خلال شراكات قائمة على التنمية والاحترام المتبادل”.
وتابعت الباحثة أن “الاتفاق على إرساء آلية للحوار بين الطرفين يتيح استمرار التشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك”، مؤكدة أن هذا “يعكس تنامي الثقة المتبادلة، ويحول حوار الجانبين إلى عنصر بنيوي في الدبلوماسية المغربية المبنية على الانفتاح على مختلف الأقطاب الدولية، مع الحفاظ على تحالفات المغرب التقليدية وتعزيز شراكاته مع شركاء جدد، وعلى رأسهم روسيا”.
وتجدر الإشارة إلى أن الطرفان أبديا إرادة قوية في الارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستوى أكثر عمقا واستدامة، مشيرة إلى الزخم القوي في هذه العلاقات، الذي يعكس تراكما إيجابيا في مسار التعاون ووجود إرادة سياسية متبادلة لتوسيعه نحو مجالات استراتيجية.
في هذا الصدد أكدت بنبراهيم أن “اللقاء بين وزيري خارجيتي المغرب وروسيا كان محطة مهمة ومفصلية في مسار العلاقات المغربية الروسية”. مضيفة أن “الدينامية تجسدت في توقيع مذكرة تفاهم لإحداث لجنة عمل مشتركة بين وزارتي الشؤون الخارجية”.
واعتبرت الباحثة أن “هذه اللجنة تمثل آلية مؤسساتية للتخطيط والتقييم المشترك للبرامج والمشاريع القائمة، وفتح المجال أمام مجالات جديدة للتعاون ذات قيمة مضافة عالية، تشمل الطاقة والزراعة والتعليم العالي والبحث العلمي والأمن الإقليمي، وهو ما يكرس انتقالا من العلاقات البروتوكولية إلى مؤسسية لضمان استمرارية التنسيق”.
الجدير بالإشارة أن العلاقات المغربية الروسية عرفت منعرجا مهما حيث وجه المغرب سابقا إشارات سياسية تهم العلاقات بين البلدين بعد امتناع الرباط التصويت على قرار في مجلس حقوق الإنسان يهدف إلى تمديد ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بمراقبة وضع حقوق الإنسان في روسيا لمدة سنة إضافية.
الحمد لله لقد أصبح لدينا جيل مميز ورائع في التحليل،خاصة إذا كان الأمر يتعلق بقضيتنا الوطنية. اللهم بارك.