2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
في خطوة مفاجئة أثارت استغراب العديد من المتابعين للشأن السياسي المغربي، أصدر إسحاق شارية، الأمين العام للحزب المغربي الحر، توجيها رسميا إلى المنسقين الجهويين والإقليميين ورؤساء الهيئات الموازية الوطنية والمحلية، دعاهم فيه إلى الاستعداد لخوض الانتخابات المقبلة من خلال تغطية الدوائر الانتخابية بلوائح مستقلة، بما لا يقل عن 30 لائحة في كل دائرة.
هذه الدعوة تأتي على خلفية صدور المسودة الأولى لمشروع القانون المتعلق بالأحزاب السياسية ومدونة الانتخابات، التي تضمنت تشجيعًا لمشاركة الشباب والنساء دون سن 35 عامًا، مع تخصيص دعم عمومي يصل إلى 35 مليون سنتيم لمرشحي اللوائح المستقلة.
فرصة تاريخية أم استراتيجية مثيرة للجدل؟
وصف شاريا هذه المستجدات بأنها “فرصة تاريخية” لمناضلي منظمة الشبيبة الحرة والسيدة الحرة، للانخراط في التجربة الانتخابية واكتساب خبرة ميدانية في تدبير الحملات الانتخابية والتفاعل مع الناخبين. وأكد في توجيهه على ضرورة تعبئة شبابية منظمة، تعكس حضور الحزب وقوة شبابه في الساحة السياسية، مشددا على أن اللجنة القانونية للحزب ستوفر المواكبة اللازمة لضمان إعداد اللوائح المستقلة وفق الشروط القانونية.
لكن هذه الدعوة أثارت تساؤلات واسعة، خاصة أنها تأتي في سياق معاكس لما ذهبت إليه أحزاب سياسية أخرى، التي ترى أن الترشيحات المستقلة قد تضعف الأحزاب السياسية وتشتت قواعدها الانتخابية. فاللوائح المستقلة، رغم أنها تتيح فرصا للشباب، إلا أنها قد تُحدث فجوة بين الأحزاب التقليدية ومؤسساتها الشبابية، مما يثير مخاوف من إضعاف الهياكل الحزبية لصالح ترشيحات فردية.
30 لائحة مستقلة: طموح مبالغ فيه؟
ما زاد من استغراب المتابعين هو توجيه الحزب المغربي الحر بضرورة تقديم ما لا يقل عن 30 لائحة مستقلة في كل دائرة انتخابية. هذا الرقم يُعتبر طموحا بشكل غير مسبوق، بل ومبالغا فيه من وجهة نظر بعض المحللين، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التحديات اللوجستية والإجرائية المرتبطة بجمع التوقيعات اللازمة لكل لائحة. فالقانون المنظم للانتخابات يفرض شروطا صارمة لقبول الترشيحات المستقلة، بما في ذلك عدد كبير من التوقيعات المصادق عليها، مما يجعل هذا الهدف صعب المنال في ظل الإمكانيات المتاحة للأحزاب الصغيرة أو المتوسطة.
بعض المتابعين ذهبوا إلى القول إن هذه الدعوة قد تكون مدفوعة برغبة في الاستفادة من الدعم العمومي المخصص للوائح المستقلة، والذي يصل إلى 35 مليون سنتيم، بدلا من كونه استراتيجية سياسية مدروسة تهدف إلى تعزيز حضور الحزب، فهذا الطرح يعزز الانطباع بأن الهدف من وراء هذا العدد الكبير من اللوائح قد يكون ماليا أكثر منه سياسيا، خاصة أن جمع التوقيعات وإعداد اللوائح يتطلب جهودا تنظيمية هائلة قد لا تتناسب مع الواقع العملي للحزب.