2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
كشف تقرير صيني عن ارتفاع مستوى القلق في الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر وتونس وفرنسا إزاء تعزيز الروابط الاقتصادية والدبلوماسية بين المغرب والصين، معتبرا أن “هذا التطور يعيد رسم خريطة النفوذ في منطقة المغرب العربي ويشكل مؤشرا على تحول استراتيجي في تعامل القوى الكبرى مع شمال إفريقيا”.
وأوضحت صحيفة “China Global South” الالكترونية، أن “العلاقات المغربية الصينية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا جعلها من أبرز التحولات السياسية والاقتصادية في شمال إفريقيا”.
وأشار المصدر إلى أن “امتناع الصين عن التصويت في مجلس الأمن بشأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية اُعتبر مؤشرا واضحا على ميل بكين إلى الرباط على حساب الجزائر”.
وفيما يخص الجزائر، أورد التحليل “أن الإعلام الرسمي الجزائري يُزيف الحقيقة ويقدم العلاقة مع الصين على أنها نموذجية ومزدهرة، مستندا إلى اتفاقيات اقتصادية تتجاوز قيمتها ملياري دولار في مجالات السيارات والسكك الحديدية والزراعة”.
غير أن المصدر نفسه أوضح أن “محللين أجانب وأصواتا جزائرية مستقلة يرون أن العلاقة جامدة وتثير القلق، وأن الجزائر أصبحت سوقا غير مستقر مقارنة بالمغرب”.
واستشهد التقرير بـ “الصحفي الجزائري عبدو السمار الذي أكد أن الاستثمارات الصينية الفعلية في الجزائر تراجعت منذ نهاية عهد بوتفليقة، وأن عددا من المشاريع الكبرى انتقل إلى المغرب”.
كما أشارت الصحيفة إلى “نقل مصنع للشاحنات من الجزائر إلى المغرب وإطلاق خط جوي مباشر بين شنغهاي والدار البيضاء”، معتبرة ذلك دليلا على تراجع جاذبية السوق الجزائرية”. فيما خلص إلى أن الخطاب الرسمي الجزائري، الذي يصف العلاقات مع الصين بالكاملة والمثالية، يخفي واقعا مقلقا في ظل بروز الرباط كشريك مفضل لبكين في شمال إفريقيا”.
أما في تونس، فقد كشف الملف التحليلي أن “الخطاب الإعلامي اتسم بنبرة واقعية وتأملية، إذ يُنظر إلى التجربة المغربية مع الصين كنموذج ناجح يستحق الدراسة والاقتداء”.
وأوضح المصدر أن “العلاقات التونسية الصينية، رغم طابعها الودي والتاريخي، تظل محدودة بسبب غياب رؤية استراتيجية واضحة للانخراط في مبادرة الحزام والطريق الصينية.”
واستشهد التقرير بـ “تصريحات عدد من الدبلوماسيين والخبراء التونسيين الذين دعوا بلادهم إلى الاستفادة من التجربة المغربية في جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا، من بينهم السفير التونسي السابق إلياس القصري، الذي قال قبل ثلاثين عاما كانت تونس نموذجا يُحتذى به في المغرب، أما اليوم فقد انقلبت الأدوار”.
كما نقل المقال عن وسائل إعلام تونسية مثل “تونسي نيميريك” و”الإيكونوميست ماغريبان”، التي أكدت أن المغرب أصبح يحتل موقعا متقدما في الاستراتيجية المتوسطية لبكين بفضل موقعه الجغرافي وبنيته التحتية، خاصة ميناء طنجة الذي يعد من بين الأكبر عالميا”.
وفيما يتعلق بفرنسا، فقد أشار التحليل إلى أن العلاقات المغربية الفرنسية بلغت أدنى مستوياتها سنة 2023 بسبب أزمة التأشيرات وقرار البرلمان الأوروبي المنتقد لأوضاع الصحافة في المغرب، غير أن باريس أعادت حساباتها بعد توتر علاقاتها مع الجزائر.”
وذكر المقال المطول أن “زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط في أكتوبر 2024 شكّلت نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين، إذ اعترف خلالها بسيادة المغرب على الصحرء”.
واعتبر المصدر ذاته أن الزيارة خطوة غير مسبوقة تعكس رغبة فرنسا في استعادة موقعها الاستراتيجي بالمملكة بعد أن بدأت الصين تملأ فراغ نفوذها التقليدي في المنطقة.
كما لفت إلى أن “وسائل الإعلام الفرنسية، من بينها لوبوان ولوموند، أبدت قلقها من تراجع مكانة فرنسا في المغرب، مشيرة إلى أن المنافسة بين باريس وبكين أصبحت واضحة في مشاريع البنية التحتية، خاصة في مجالات النقل السريع والطاقة النظيفة، حيث تتنافس الشركات الصينية والفرنسية على عقود السكك الحديدية والمصانع الكهربائية”.
ونقلت الصحيفة الصينية عن أحد رؤساء الشركات الفرنسية قوله: “الصينيون يتواصلون مع المغرب يوميًا، وعلى فرنسا أن تستيقظ قبل فوات الأوان”.
ورغم تأكيد فرنسا أن سياستها في المنطقة ليست “لعبة صفرية”، إلا أن الدراسة أشارت إلى أن مخاوف فقدان النفوذ الفرنسي في شمال إفريقيا باتت ملموسة في الأوساط السياسية والاقتصادية بباريس.
وخلص التحليل إلى أن “التقارب المغربي الصيني غير موقع فرنسا في شمال إفريقيا، وأسهم في تراجع نفوذها التاريخي، وعمق شعور الجزائر بالعزلة، فيما أصبحت تونس أكثر إدراكا للحاجة إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية والسياسية”.
وقد أقرت الصحيفة بأن المغرب نجح في بناء شراكة متوازنة مع الصين دون الإضرار بعلاقاته مع شركائه الغربيين، من خلال سياسة براغماتية تقوم على تنويع الحلفاء وجلب التكنولوجيا والاستثمار الصناعي.
وبحسب الموقع الصيني فإن نجاح المغرب “جعله محورا استراتيجيا يربط إفريقيا بأوروبا وآسيا، ودليلا على تغيير موازين القوى وصعود الرباط كفاعل إقليمي مؤثر في المنطقة”.
