2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أصدرت رئاسة النيابة العامة منشوراً توجيهياً مفصلاً إلى مختلف المسؤولين القضائيين، بدءاً من المحامي العام الأول لدى محكمة النقض وصولاً إلى وكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، يوضح مستجدات عمل النيابة العامة بموجب القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية. وأشار المنشور إلى أن القانون الجديد يتضمن مستجدات هامة تتصل بعمل النيابة العامة في مختلف مراحل الخصومة الجنائية، من تلقي الشكايات والأبحاث إلى مرحلة تنفيذ المقرر القضائي.
وأكدت رئاسة النيابة العامة أن هذه التعديلات تأتي في سياق تنزيل أحكام الدستور وملاءمة التشريع الوطني مع الالتزامات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتوسيع مجال العدالة التصالحية. ويشدد المنشور على ضرورة استحضار المبادئ الدستورية والكونية، كالمساواة أمام القانون وضمان حقوق جميع أطراف الدعوى، بما في ذلك الضحايا والمشتبه فيهم والشهود.
وتضمنت المستجدات تعديلات في قواعد الاختصاص المحلي، حيث أصبحت المؤسسة السجنية التي يتواجد بها المشتبه فيه مُحَدِداً إضافياً للاختصاص. كما أُضيفت فئات جديدة لقواعد الاختصاص الاستثنائية، منها ضباط عسكريون وقضاة المحكمة العسكرية وبعض المسؤولين بالإدارات الترابية.
وفيما يتعلق بالشكايات والوشايات، أوجب القانون الجديد على قضاة النيابة العامة إجراء تحريات أولية للتأكد من جدية الوشايات مجهولة المصدر قبل الإذن بمباشرة الأبحاث بشأنها. كما وضع قيداً على فتح الأبحاث مباشرة في الجرائم الماسة بالمال العام، إذ يتطلب الأمر التوصل بطلب من رئيس النيابة العامة بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشيات المختصة، ويُستثنى من ذلك الجرائم الماسة بالمال العام في حالة التلبس.
وسع القانون الجديد من نطاق الإشعارات التي توجهها النيابات العامة، حيث أصبحت ملزمة بإشعار المحامين والضحايا أو المشتكين بجميع الإجراءات والقرارات التي تتخذها، بما في ذلك المتابعة والإحالة على التحقيق أو الاختصاص، وليس فقط قرارات الحفظ، وذلك في أجل لا يتجاوز 15 يوماً من تاريخ اتخاذ القرار. ولهذا الغرض، ألزمت المقتضيات الجديدة المعنيين بضرورة الإدلاء بأرقام هواتفهم أو عناوينهم الإلكترونية وعناوين إقامتهم لتسهيل عملية الإشعار.
ومن أبرز المستجدات التشريعية، إمكانية التظلم من قرار الحفظ المتخذ من طرف قضاة النيابة العامة أمام الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، أو أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة، حسب الجهة مصدرة القرار.
وفي سياق تدبير الأبحاث الجنائية، خُوِّلت النيابة العامة إمكانية إخضاع المشتبه فيهم للمراقبة القضائية أثناء سير البحث، من خلال تدبير أو أكثر من التدابير المحددة قانوناً. كما نظّم القانون قواعد برقيات البحث، حيث أصبح نشرها يتوقف على أمر من قاضي النيابة العامة، مع ضوابط محددة لإلغائها بقوة القانون عند إلقاء القبض أو التقادم. وعزز القانون صلاحيات النيابة العامة في مجال الأبحاث المالية الموازية، حيث يمكن للوكيل العام للملك أو وكيل الملك الأمر بإجراء بحث مالي موازٍ في الجرائم التي تدر عائدات مالية، لتحديد الأموال والممتلكات والمتحصلات وعلاقتها بالجريمة، مع إمكانية حجز هذه الأموال مع مراعاة حقوق الغير حسن النية.
وفي مجال تقنيات البحث الحديثة، أُقِرَّ تنظيم التفتيش الرقمي والحجز على البيانات والأدلة الإلكترونية، بعد الحصول على إذن من النيابة العامة. كما نظمت مسطرة الاختراق كتقنية خاصة للبحث تحت إشراف النيابة العامة، إلى جانب تنظيم آليات التقاط وتثبيت وتسجيل الأصوات والصور والمعطيات الإلكترونية وتحديد المواقع. وفي الختام، عززت التعديلات الجديدة بدائل الدعوى العمومية، حيث اعتبرت مسطرة الصلح بديلاً عنها، مع توسيع إمكانية اقتراح الصلح من طرف قاضي النيابة العامة أو اللجوء إلى الوساطة في الجنح المشمولة بهذا الإجراء.