2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الفينة وأقصبي يكشفان حجم الأموال المصروفة على الانتخابات وجدواها
تجري الاستعدادات على قدم وساق من أجل التحضير للمحطة الانتخابية المقبلة، حيث من المرتقب أن تنظم أواخر شتنبر من سنة 2026.
وسط هذه الإستعدادات يبرز تساؤل التكلفة المالية الإجمالي التي تخصصها الدولة لتنظيم وإدارة هذه العملية الانتخابية.
ولا تقتصر التكلفة على النفقات اللوجستية والتقنية لتنظيم الاقتراع والإشراف عليه، بل تتشابك معها كلفة الدعم العمومي المقدم للأحزاب لتمويل حملاتها الانتخابية، إضافة إلى الإعلان، ولأول مرة ، عن تخصيص مبالغ مالية مهمة من أجل دعم الشباب للمشاركة في الاستحاقاقات.
جريدة ”آشكاين” ترصد رأي الخبيرين الاقتصاديين، عز الدين أقصبي وادريس الفينة، حول الحجم المالي المقدر تخصيصه للانتخابات المقبلة، وهل تستحق العملية الانتخابية الملايين من المال العام التي ترصد لها؟
الفينة: إنفاق قليل على الانتخابات لكن سؤال المردودية مشروع
ادريس الفينة رئيس مركز المستقبل للتحليلات الاستراتيجية، قدر كلفة الانتخابات القادمة بـ 2 مليار درهم، موضحا أن الاستحقاقات السابقة (8 شتنبر 2021) بلغت حوالي 1,5 مليار درهم كمصاريف مباشرة من ميزانية الدولة لتدبير ثلاث عمليات انتخابية في يوم واحد: البرلمانية، الجماعية، والجهوية.

وأبرز الفينة، في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن المبلغ يشمل اللوجستيك، تجهيز مكاتب التصويت، التعويضات، الأنظمة المعلوماتية، والموارد البشرية. إلى جانب ذلك، قدمت الدولة للأحزاب دعما إضافيا يخص الحملات الانتخابية بلغ حوالي 336,94 مليون درهم موزعة على 28 حزبا. وبذلك تصل الكلفة العمومية الإجمالية لانتخابات 2021 إلى ما يقارب 1,8 مليار درهم، دون احتساب ما صرح به المجلس الأعلى للحسابات بشأن نفقات الأحزاب من مواردها الذاتية، والتي رفعت إجمالي المصاريف الانتخابية (العمومية + الذاتية) إلى ما يفوق 500 مليون درهم.
وقال ذات الخبير الاقتصادي: ”إذا وضعنا هذا الرقم في سياقه، نجد أنه يمثل تقريبا 0,5% من نفقات الميزانية العامة التي قاربت 331 مليار درهم في السنة نفسها، أي ما يعادل تقريبا 40–50 درهماً للفرد”.
وشدد الفينة، على أن هذا المستوى من الإنفاق، من الناحية التقنية، ”لا يُعتبر مرتفعا مقارنة بالتجارب الدولية أو بحجم الدولة المغربية، لأن تنظيم انتخابات نزيهة وواسعة النطاق يتطلب كلفة معتبرة لضمان الشفافية واللوجستيك والأمن وتحيين اللوائح”.
لكن من زاوية المردودية السياسية، يضيف المتحدث، ”يظل السؤال مشروعا: هل هذه الكلفة تُترجم فعلا إلى تمثيلية سياسية قوية ونتائج تدبيرية ملموسة؟”، لافتا إلى أن نسبة المشاركة في 2021 لم تتجاوز 50,18% رغم التعبئة الاستثنائية، ما يعني، وفقا للفينة، أن ”نصف الجسم الانتخابي خارج العملية”.
وأكد الفينة أن الأداء المتفاوت لعدد كبير من المجالس المنتخبة يجعل المواطن يشك في “العائد الديمقراطي” لهذا الاستثمار المالي.
وخلص الخبير الاقتصادي أن ”المغرب يحتاج فعلا إلى انتخابات منتظمة بهذا المستوى من التنظيم، لأن شرعية المؤسسات واستقرار المسار السياسي لهما كلفة. غير أن الاستحقاق الحقيقي هو رفع جودة التمثيلية والأداء حتى يشعر المواطن بأن هذه المليارات ليست مجرد نفقات دورية، بل استثمار في التنمية، الحكامة، وتجديد النخب”.

أقصبي: الانتخابات مكلفة ولا تأتي بنتائج
من جهته، قال الخبير الاقتصادي عز الدين أقصبي إن التكلفة في التجارب السابقة ”باهظة” من الناحية المالية، لكن تكلفتها من حيث ما وصفه بـ ”الفساد وهلك المؤسسات أكبر بكثير”، وزاد: ” لم نستطع منذ الستينيات إلى الآن أن ننظم انتخابات شفافة ونزيهة وديمقراطية تعطي تقدم للعمل المؤسساتي للبلد”.
وكشف الأستاذ الجامعي ذاته، في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن من بين المؤشرات عن الفساد في الوضع الحالي، وفق أقصبي، وجود عدد من المنتخبين في حالة متابعة قضائية أو هم في السجن.
عز الدين أقصبي قلل من أهمية الأرقام أو المبالغ المالية التي ستخصصها الدولة للإنتخابات ”سواء كانت كثيرة أو قليلة فلا معنى لها”، موضحا أن التركيز يجب أن ينصب حول ما إذا كانت العملية الانتخابية، بغض النظر عن حجم الأموال التي ستصرف عليها، ستساهم في تقدم البلاد ديمقراطية وحكامة ومحاسبة.
ذات الخبير الاقتصادي يرى أن العملية الانتخابية ”فاسدة تماما”، وبالتالي، فمن وجهة نظره، فإن ”التكلفة (مهما كان الرقم) على المواطنين جد باهظة”، لافتا إلى أن السؤال ”ماشي واش مليار ولا نص مليار”، بل إن ”العملية ككل مكلفة من حيث التنظيم، ولا تحقق سوى نتيجة معاكسة في بناء مؤسسات الصلبة التي تساهم في تقدم المجتمع وتحقيق الديمقراطية”.