2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أكد السفير المغربي لدى الولايات المتحدة، يوسف العمراني، أن “العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة ظلت تاريخيا راسخة، لكنها بلغت مستوى غير مسبوق خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، الذي أسهم في خلق دينامية قوية دعمت توجه عدد من الدول نحو مساندة مقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء”.
وشدد العمراني في مقابلة مع “معهد هودسون الأمريكي”، على أن “الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020 مثل محطة مفصلية في مسار التسوية السياسية، إذ فتح الباب أمام موجة دعم دولي متزايد، شملت فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، وساهم في تعزيز التوجه داخل الأمم المتحدة لاعتماد الحكم الذاتي كخيار واقعي وقابل للتطبي”.
وأبرز أن “هذا التحول لم يكن ليحدث لولا الرؤية الواضحة والقيادة المستمرة للملك محمد السادس، مؤكداً أن المغرب اليوم يمتلك أرضية صلبة وإرادة سياسية قوية للمضي في تنفيذ هذا المخطط، خاصة بعد تصويت مجلس الأمن لصالحه بأغلبية واضحة”.
وأوضح السفير أن “قوة العلاقة المغربية الأمريكية ترتكز على الثقة في قدرة المغرب على تحويل السياسات إلى نتائج عملية، سواء في تعزيز الاستقرار، أو في دفع التنمية الاقتصادية، أو في جهود مكافحة التطرف، وهو ما يجعل منه شريكًا استراتيجيًا أساسيا لواشنطن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.
كما أبرز أن “القارة الإفريقية تشكل أولوية استراتيجية للرباط، بالنظر إلى التحولات الديمغرافية والاقتصادية”، مشيرا إلى أن “تراجع الحضور الأوروبي في منطقة الساحل يعزز راهنية الشراكة المغربية–الأمريكية في ملفات الأمن والتنمية”.
كما أكد العمراني أن “المغرب راكم خبرة نوعية في مواجهة التطرف الجهادي”، معتبرا أن “الإسلام ليس دين كراهية، وأن المملكة تعمل على تفكيك الخطاب المتطرف عبر تكوين الأئمة الأفارقة وتطوير مناهج تعليمية منسجمة مع القيم الدولية، بما يرسخ الاستقرار الإقليمي”.
كما أبرز “السفير أن المغرب لم يقتصر على إدارة الأزمات، بل انخرط في خلق فرص تنموية كبرى من خلال مشاريع استراتيجية مثل ميناء طنجة المتوسط وخط أنابيب الغاز نيجيريا المغرب، الرامي إلى ربط شمال القارة بجنوبها وتوفير مصادر طاقة كفيلة بدعم النمو”.
كما أشار إلى “التطور اللافت للاقتصاد المغربي في البنية التحتية والصناعة والزراعة”، مؤكدا أن “المملكة أصبحت فاعلا رئيسيا في مجالات السيارات والطيران والطاقات النظيفة، ما جعلها وجهة مفضلة للاستثمار في إفريقيا وعزّز موقعها كشريك اقتصادي موثوق”.
كما توقف عند “الدور المحوري للقطاع الخاص المغربي، الذي يواكب هذه الدينامية من خلال حضور استثماري متزايد في غرب إفريقيا، خصوصا في مجالات البنوك والاتصالات وتدبير المياه، وهو ما يعكس قدرة المغرب على ربط اقتصاده بمحيطه وتعزيز التكامل مع شركائه الأفارقة”.
وفي السياق ذاته، شدد على “أهمية التعليم والتكوين في السياسة المغربية تجاه القارة، حيث يحتضن المغرب آلاف الطلبة الأفارقة الذين يعودون إلى بلدانهم حاملين خبرات ومعرفة تعزز الاستقرار وتخدم التنمية”.
وتناول العمراني حالة “التوتر مع الجزائر، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس جدد عقب قرار مجلس الأمن دعوته للرئيس الجزائري لفتح صفحة جديدة والعمل المشترك على أساس قيم مشتركة، باعتبار أن شعوب المنطقة تتقاسم اللغة والدين والمصير، ولا يمكنها التقدم دون تكامل إقليمي”.
وأوضح السفير أن “تحقيق هذا الانفتاح يظل ممكنا إذا توفرت الإرادة السياسية”، لكنه أكد في المقابل “عدم تسجيل أي تجاوب من الجانب الجزائري إلى حدود الساعة”.
وختم العمراني بالإشارة إلى أن “دعوة الملك شملت أيضا الصحراويين في مخيمات تندوف، حيث أكد جلالته استعداد المغرب لاستقبالهم والمشاركة في البناء الوطني، انسجاما مع قناعة راسخة بأن المنطقة في حاجة إلى مزيد من الربط والتعاون، لا إلى حدود جديدة، وأن توحيد الإمكانات والموارد البشرية كفيل بدفع المنطقة نحو آفاق أوسع من الاستقرار والتنمية”.