لماذا وإلى أين ؟

“محضر فيروز” يشعل الجدل بين “مرصد المستهلك” و”مكتب المؤلف”

عبّر المرصد المغربي لحماية المستهلك عن استياءه البالغ مما وقع بمدينة تازة بعد تحرير مخالفة في حق صاحب مقهى لأنه شغل أغنية للفنانة اللبنانية فيروز داخل محله، ما عتبره شكلا من “التضييق غير المسبوق على قطاع يعيش ضغطا اقتصاديا خانقا”.

وفي واقعة مثيرة، فرض المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، التابع لوزارة الثقافة والاتصال، غرامة على مقهى بمدينة تازة بعد “ضبطه” يبث أغاني الفنانة اللبنانية فيروز “دون الحصول على الترخيص القانوني”.

وأكد المرصد، في بلاغ، أن اللجوء إلى المقاربة الزجرية قبل التوعية يعكس خللا في تدبير هذا الملف، خصوصا أن تشغيل موسيقى هادئة في فضاء عمومي لا يشكل ـ حسب تعبيره ـ استغلالا تجاريا مباشرا يبرر هذا التشدد، مذكرا بأن قانون حقوق المؤلف وُضع لحماية الإبداع لا لخلق “صدامات مفتعلة” مع مهن تكافح من أجل البقاء.

وأشار البلاغ إلى أن استهداف المقاهي بهذه الطريقة يخلق انطباعا بأن بعض الجهات تريد تحميل المهنيين ما لا طاقة لهم به، متسائلا: كيف يمكن أن يتحول بث أغنية لفيروز إلى سبب لتحرير محضر، في وقت يحتاج فيه القطاع إلى الاستقرار والتواصل بدل الصدمات الإدارية؟.

وطالب المرصد بوقف هذه الإجراءات فورا، واعتماد إطار تواصلي واضح يحدد ما هو مسموح وما هو ممنوع، إضافة إلى اعتماد مقاربة تدريجية تراعي الواقع الاجتماعي والاقتصادي، مؤكدا أن حماية حقوق المبدعين ضرورية، لكن “تدمير القدرة الاقتصادية للمهنيين” ليس حلا.

في المقابل، قدم المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة روايته للحادث، مؤكدا أن دوره القانوني يتمثل حصرا في حماية واستغلال حقوق المؤلفين والفنانين وفق القوانين المعمول بها، وعلى رأسها القانونان 2.00 و25.19.

وأوضح المكتب أنه يختص باستخلاص وتوزيع المستحقات الناتجة عن استعمال المصنفات المحمية في قطاعات واسعة، بينها المقاهي والمطاعم والفنادق وقاعات الرياضة.

وذكر المكتب أن أعوانه المنتدبين والمحلفين يملكون صلاحية مراقبة المخالفات وحجز أجهزة التسجيل أو البث المستعملة بطريقة غير قانونية، مشددا على أن هذه المستحقات هي حقوق مالية لصالح المؤلفين وليست غرامات أو رسوما كما يعتقد البعض.

وبحسب محضر المعاينة، فقد قام عون محلف تابع للمكتب بزيارة المقهى يوم الخميس 4 دجنبر، مسجلاً بث “مقطوعات فنية محمية” تخص أغنية لفيروز عبر شاشة تلفاز داخل المقهى، دون ترخيص مسبق، وهو ما اعتُبر خرقا للمادة 10 من قانون حقوق المؤلف.

 وتم تحرير المخالفة في حالة “تلبس” بعد إبلاغ صاحب المقهى الذي لم يدل بأي ملاحظات.

وتشير المعطيات إلى أن القرار ألزم صاحب المقهى بأداء مبلغ 4840 درهما، ما أثار موجة غضب واسعة على منصات التواصل، خاصة وأن الكثير من المقاهي في المغرب تبث أغاني فيروز وأغان أخرى بشكل يومي دون أن تعتبر ذلك “استغلالا تجاريا”.

وبين موقف المرصد الذي يرى في الإجراء تعسفا يفاقم معاناة المهنيين، وموقف المكتب الذي يعتبره تطبيقا للقانون، يتواصل الجدل حول حدود حماية حقوق المؤلف وكيفية التوفيق بينها وبين واقع اقتصادي هش يعيشه آلاف العاملين في قطاع المقاهي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
لوسيور
المعلق(ة)
7 ديسمبر 2025 18:07

في الشرق هناك مقاهي باسماء فنانين كبار تبث اغانيهم وفي بغداد مقهى ام كلثوم.ثم ان حقوق الفنانين تتلاشى بعظ مرور زمن معين يحدده القانون.اما المقاهي فهي تذيع اغاني للمتعة والترويح.لو ان احد الحانات او الخمارات اذاعت اغاني فيروز لا يسألون.الحاىط القصير هو الاسهل…لماذا لا يعاقبون المقاهي التي تبث مباريات. كرة القدم بسيرفررات مسروقة وغير قانونية لان الكرة تخدر الشوب وتفرق بين الاخوة والجيران والدول…

ابو زيد
المعلق(ة)
7 ديسمبر 2025 13:30

الخلل يكمن في ان من يشرع بعيد و يجلس في الأعلى…حيث أن واقعنا شئ و معاناة الناس شئ…هل هناك إحصائيات عن عدد المشاريع التي تغلق بسبب مقاربات خاطئة و لا تأخذ بواقع ان كثيرا منها لا يخضع لمنطق حسابي صرف…حملات المسجلين في الضمان الاجتماعي مثلا…هل يعلم ..ان مثلا وجود نساء ” غالبيتهن أرامل و يعلن يتامى” امام مداخل المراحيض ليس عملا بل نوع من صور التضامن حيث أن الدخل ما هو إلا عطاء من الزبون الخ؟؟ هل شركات المناولة الصغرى يمكنها التحكم في اسعار خدمات يفرضها وحوش الأسمنت دون رقيب حيث أنها لا تستطيع أن تكون في وضعية سليمة ازاء حقوق مستخدميها!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x