2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
في واحدة من أكثر القضايا إثارة بطنجة، قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف ببراءة المتهم الملقب بـ “كيوي” من جميع التهم المنسوبة إليه، رغم أن ملف التحقيق كان مشحوناً باتهامات خطيرة تتعلق بالاختطاف والاحتجاز والاغتصاب الناتج عنه افتضاض ومحاولة الاغتصاب والعنف ضد المرأة والسرقة الموصوفة. الحكم، الصادر بتاريخ 4 دجنبر 2025، جاء مخالفاً تماماً لنتائج التحقيق، ما خلق جدلا كبيرا، خاصة وأن توقيف المعني بعد أشهر من الفرار كان قد شغل الرأي العام المحلي نظرا لخطورة التهم التي تلاحق المعني المعروف بسوابقه العدلية.
القضية انطلقت وفق المحاضر التي تحصلت عليها “آشكاين” حينما أحيل المتهم على قاضي التحقيق بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك في 15 أكتوبر 2025، بعد توقيفه في محيط منزل أسرته، وهو موضوع برقيات بحث سابقة مرتبطة بواقعة تعود إلى أكتوبر 2021. معطيات الضابطة القضائية أكدت أن المتهم كان يتوارى عن الأنظار، وأن التحقيقات قادت إلى الاشتباه في تورطه رفقة شقيقه في اعتداءات بالغة الخطورة، تمت داخل براكة وسط غابة أكزناية، كانت – بحسب المتهم نفسه – في ملكيته.
تصريحات المشتكيتين شكلت إحدى ركائز الملف، إذ تحدثت الأولى عن تعرضها للاختطاف على متن سيارة من نوع “ميرسديس 240” قبل أن يتم احتجازها، بينما أكدت رفيقتها أنها اغتُصبت بالقوة مرتين، إحداهما نتج عنها افتضاض بكارتها، وكل ذلك تحت التهديد بالسلاح الأبيض. كما ذكرت إحدى الضحايا أن المتهم اعتدى عليها بالضرب والجرح وسرق هاتفها النقال خلال محاولة اغتصابها، قبل أن تنجح في الفرار بمساعدة أحد المصرحين.
شهادة الشاهد “ح. ق.” جاءت لتعزز رواية المشتكيتين، إذ أكد تعرضه بدوره لضربة على مستوى أذنه، مشيراً إلى أنه شاهد المتهم “كيوي” وهو يخرج من البراكة ويعتدي على الضحية بعد رفضها ممارسة الجنس معه. وتحدث الشاهد عن لحظات مرعبة داخل الغابة، ومحاولة يائسة لإنقاذ الضحية الثانية التي بقيت محتجزة بسبب القوة الجسدية للأشخاص الثلاثة الذين كانوا بمكان الواقعة.
إلى جانب الشهادات السابقة، برزت شهادة أخ المتهم، التي شكلت واحدة من أهم العناصر التي أثارت الانتباه خلال مرحلة التحقيق. فقد صرّح الأخ، وهو المعني بالمحضر المرجعي عدد 4280، أن المتهم الملقب بـ“كيوي” كان حاضراً أثناء الاعتداءات، مؤكداً أنه شاهده رفقة الضحية داخل البراكة في الليلة التي وقع فيها الاغتصاب. كما أشار إلى أن الضحيتين كانتا محتجزتين، وأن ما وقع داخل البراكة لم يكن حادثاً مفاجئاً وإنما نتيجة “تجاوزات” تمت في ذلك المكان، الأمر الذي اعتُبر قرينة قوية على تورط شقيقه. المتهم بدوره ردّ على هذه الشهادة باتهام أخيه بتلفيق الاتهامات بدافع الانتقام والنزاع حول ملكية البراكة، دون تقديم أي إثبات على ذلك.
قاضي التحقيق، وبعد تحليل دقيق للمحاضر والشهادات، خلص إلى وجود قرائن قوية تثبت تورط المتهم في الأفعال الجرمية المنسوبة إليه، ليأمر بإحالته على غرفة الجنايات في حالة اعتقال. غير أن المحكمة، وبعد جلسات المواجهة والاستماع، انتهت إلى حكم البراءة، في قرار شكل صدمة بالنظر لخطورة التهم والروايات المتطابقة للشهود والضحايا.
ويرى متابعون للشأن المحلي، أن هذا التباين الصارخ بين مضمون محاضر التحقيق ومآل الحكم النهائي يعيد النقاش حول كيفية تقييم الأدلة في القضايا الحساسة، ومدى كفاية الشهادات والتقارير لإنزال العقوبة، خاصة عندما تتعلق الاتهامات بجرائم تمس السلامة الجسدية والكرامة الإنسانية.