لماذا وإلى أين ؟

التامني : قانون التعليم المدرسي يمنح السيادة للتعليم الخصوصي

جدل كبير رافق مصادقة مجلس النواب في جلسة عمومية على مشروع قانون التعليم المدرسي، بعد رفض الحكومة أغلب المقترحات التي أتت بها فرق ونواب ونائبات المعارضة.

وبرز بشكل لافت جدا، كما هو حال مناقشات باقي مشاريع القوانين التي مرت في الأونة الأخيرة من داخل قبة البرلمان، مرافعات النائبة البرلمانية عن حزب فدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني، التي عارضت بقوة مشروع القانون، مقدمة لوحدها 19 تعديلا، رُفضت جميعها من طرف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة.

وعرف مشروع القانون انتقادات واسعة ولاذعة من طرف الهيئات الحقوقية والنقابات التعليمية والتيارات السياسية المحسوبة على الصف اليساري التقدمي، معتبرة إياه قانونا نيولبيراليا يكرس تهميش المدرسة العمومية وخوصصتها ويعطي امتيازات هائلة غير مسبوقة للمدرسة الخصوصية.

فاطمة التامني، أشارت إلى أنها “تقدمت بـ 19 تعديلا تصب جميعها في إطار ضمان مجانية التعليم وتكافؤ الفرص والمراقبة الصارمة للقطاع الخاص والتراجع عن تنويع مصادر التمويل، لكنها قوبلت بالرفض”.

وأضافت التامني، في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “مشروع التعليم المدرسي مبني في جوهره على رؤية نيوليبرالية وتقنية محضة بعيدة كل البعد عن حاجيات المدرسة العمومية اليوم، فهو يحتوي على تداخل غريب بين التعليم العمومي والتعليم الخصوصي، عبر مقتضيات تمنح السيادة للتعليم الخصوصي بالتساوي مع التعليم العمومي وهو أمر خطير جدا، في حين أن التعليم الخصوصي يجب أن يبقى خيارا متاحا لمن له الإمكانية لذلك وفقط، على أن تنكب الدولة لمعالجة والاهتمام بقضايا التعليم العمومي أولا وأخيرا”.

وفي ذات السياق ترى التامني “أن المشروع الجديد يمنح التعليم الخصوصي صلاحيات غير مسبوقة تمكنه من التدخل في البرامج والمناهج والتوجهات العامة للسياسات التعليمية بالمغرب، ويعفي الدولة من مسؤولياتها التمويلية وإضافة جهات أخرى في إطار ما سُمي “تنويع مصادر التمويل” ما يؤدي مباشرة للتسليع، وهو يتعارض كليا مع الأسس الجوهرية للدولة الاجتماعية التي تعني وقبل كل شيء تمويل الدولة الكلي للقطاعات العمومية الاجتماعية كالصحة والتعليم”.

وشددت النائبة اليسارية على أن “التعليم هو المدخل للعدالة الاجتماعية، عبر جعله متوفر بجودة عالية ومتاح للجميع في إطار مدرسة عمومية، في حين تعتمد الحكومة على مقاربة رقمية شكلية قائمة على التفاخر بتعميم التمدرس والحد من الهدر المدرسي قصد تقديم ذلك في تقارير رسمية دورية معزولة لا تعكس الواقع الحقيقي المأزوم ومغلوطة فيما يخص الهدرس المدرسي بالخصوص، فهذا الأخير الذي تروج الدولة بانخفاضه لا زال عكس ذلك ويُقدر بمئات الآلاف، وهو العامل المُغذي لتزويج القاصرات والعطالة والأمية وحتى الجرائم، وهو ما لا يعالجه هذا المشروع الكارثي”.

واستغربت ممثلة حزب “الرسالة” بالغرفة الأولى من “تبرير الحكومة ما تقوم به في هذا التشريع كونه يُنزل مبادئ وأهداف قانون الإطار 51.17، وكأن هذا الأخير مقدس لدرجة يقيد معها الممارسة التشريعية البرلمانية، في حين المؤسسة البرلمانية مستقلة في الأصل، ولا يمكن إلزامها بنصوص سابقة، وإنما العكس من خلال تجويد هذه النصوص كلما ظهر خلل بها، كما أن هناك تقارير دولية كتقرير المنظمة الدولية للتربية الذي أبرز التصاعد المهول للتعليم الخصوصي بنسب خطيرة غير موجودة حتى في أعرق الدول الرأسمالية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x