لماذا وإلى أين ؟

حقوقيون يطالبون بفتح “الصندوق الأسود” لصفقات النقل بمراكش والتحقيق في “هدر” ميزانيات الحافلات الكهربائية

دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، إلى فتح تحقيق قضائي شامل ومعمق في ملف النقل الحضري والشبه حضري بالمدينة، وفي مقدمته مشروع الحافلات الكهربائية الذي وصفته بأنه “التهم ميزانيات ضخمة دون مردودية” ليتحول إلى رمز للهدر المالي والعبث بمصالح المواطنين.

وطالبت الجمعية في بلاغ صادر عنها، توصلت “آشكاين” بنظير منه، بضرورة الكشف عن تفاصيل الدعم والامتيازات المالية الممنوحة للشركات المفوض لها، وإخضاعها لافتحاص مالي شفاف يربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدة أن عقود التدبير السابقة شابتها شبهات فساد على جميع الأصعدة، من الصفقات المبرمة إلى عقود المناولة التي تهدر حقوق الشغيلة.

ويأتي هذا المطلب بالتحقيق انطلاقاً من تشخيص حقوقي قاتم يرى أن انتقال التدبير من شركة “ألزا” الإسبانية إلى شركة “سوبراتور” المغربية لم يفضِ إلى أي تغيير جوهري، بل أعاد إنتاج نفس المنطق القائم على الاحتكار والربح السريع، في ظل أساطيل مهترئة وشبكة طرقية متآكلة تفتقر لأبسط شروط السلامة والكرامة.

واعتبرت الجمعية أن مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” سقط في فخ الفشل الذريع، حيث تحول من واجهة دعائية إلى واقع يتسم بالطرقات المهترئة والأرصفة المكسرة والحفر التي تعيق السير، مشددة على أن هذا الفشل يعكس سياسة ممنهجة تقوم على التسويق الدعائي بدل التخطيط الفعلي، وعلى الإفلات من العقاب بدل المساءلة.

كما حملت الهيئة الحقوقية وزارة الداخلية مسؤولية مباشرة في تعطيل الصفقات والتحكم في القطاع بما يشبه نزع الصلاحية من الجهات المنتخبة، وهو ما اعتبرته إفراغاً لمبدأ الديمقراطية المحلية من محتواه وتكريساً لمركزية القرار على حساب مصالح الساكنة التي تعاني الأمرين مع غياب خطوط حيوية تربط الأحياء الشعبية كالمسيرات والضحى بالحي الصناعي، وكذا عزل مناطق سعادة والسويهلة ودار السلام وتامنصورت والفخارة عن وسط المدينة، ما يحول الحق في التعليم والعمل إلى معاناة يومية ومستمرة.

وشدد البلاغ على أن ما يشهده القطاع اليوم ليس سوى واجهة لتسويق نفس المنطق الطبقي، عبر رفع تسعيرة التذكرة وتحميل الكلفة للطبقات الشعبية، متجاهلاً المطالب المتكررة بربط المسؤولية بالمحاسبة وفتح تحقيقات في تدبير العقود السابقة، بما في ذلك التمديد لشركة “ألزا” لمدة ثماني سنوات إضافية والذي وُصف بـ “التواطؤ الصارخ” رغم تردي الخدمة.

وطالبت الجمعية بالاعتراف الرسمي بفشل السياسات الحالية ووقف سياسة الترقيع، مع اعتماد مخطط نقل حديث ومستدام يستجيب للتحولات العمرانية، ويضمن حقوق ومكتسبات الشغيلة عبر إنهاء عقود المناولة وتحسين الأجور.

وأكدت الجمعية أن استمرار الوضع الحالي يمثل انهياراً كلياً للقطاع وانتهاكاً ممنهجاً للحقوق الأساسية المضمونة دستورياً ودولياً، مشددة على أن الحق في التنقل ليس امتيازاً بل حق أصيل يجب انتزاعه عبر مساءلة فعلية تكشف مصير الأموال العمومية التي هُدرت في صفقات لم تخدم سوى مراكمة الأرباح على حساب كرامة المراكشيين.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x