2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أفاد الخبير القانوني والمحامي بهيئة الرباط، محمد الهيني، بأن قانون المسطرة الجنائية الجديد يتضمن مقتضيات “ثورية” تروم تحديث صورة المملكة الحقوقية، مؤكداً أن هذا القانون يمثل الآلية الأساسية التي يعتمدها الفاعلون الدوليون لتقييم نضج دولة الحق والقانون في المغرب.
وأوضح الهيني، خلال استضافته برنامج “آشكاين مع هشام“، أن المشرع سعى من خلال هذه التعديلات إلى مواءمة المنظومة الزجرية مع السرعة التنموية التي تشهدها البلاد، خاصة في ظل الاستحقاقات الدولية المقبلة، معتبراً أن جودة النصوص الإجرائية هي الضامن الأساسي لتعزيز ثقة مغاربة العالم والشركاء الأجانب في القضاء الوطني.
وفي تفصيله للمستجدات التي تهم الجالية المغربية بالخارج، أبرز الهيني أن القانون الجديد جاء بمعالجة حاسمة لإشكالية “مذكرات البحث”، التي كانت تشكل هاجساً يؤرق مغاربة العالم عند دخولهم إلى أرض الوطن. وأشار إلى أن التعديلات وضعت ضوابط أكثر صرامة وعقلنة لإصدار هذه المذكرات وإلغائها، بما يضمن عدم بقاء المواطن “رهيناً” لمذكرات بحث قديمة أو غير محينة، مشدداً على أهمية الرقمنة في تسريع وتيرة سحب هذه المذكرات فور انتهاء أسبابها القانونية، لتفادي التوقيفات غير المبررة على الحدود التي كانت تسيء لصورة المملكة وتؤثر على ارتباط الجالية بوطنهم.
كما تطرق الخبير القانوني إلى مستجدات أخرى تخدم مغاربة العالم، من قبيل تعزيز الحق في التواصل مع الدفاع والضمانات المرتبطة بالبحث التمهيدي، بالإضافة إلى اعتماد “العدالة التصالحية” التي تتيح إنهاء بعض النزاعات عبر الوساطة والصلح، مما يجنب أفراد الجالية تعقيدات المساطر القضائية الطويلة والمكلفة زمنياً ومادياً.
واعتبر الهيني أن هذه الإجراءات، إلى جانب تقنين استعمال الكاميرات وتوسيع صلاحيات النيابة العامة في مراقبة ضباط البحث، تهدف إلى إضفاء شفافية مطلقة على المسار القضائي، بما يقطع مع ممارسات التعسف ويوفر بيئة آمنة للمغاربة المقيمين بالخارج لممارسة أنشطتهم والدفاع عن مصالحهم داخل أرض الوطن.
مشيرا إلى أن هذه المكتسبات، رغم أهميتها، تظل في حاجة إلى إرادة قوية في التنفيذ من طرف السلطة القضائية والنيابة العامة، محذراً من بعض النصوص التي قد تفتح الباب أمام “تحصين الفساد” إذا لم يتم تدقيقها. ودعا إلى ضرورة جعل المسطرة الجنائية حصناً منيعاً للحريات، بما يسوق صورة مشرقة للمغرب كدولة تحترم التزاماتها الدولية وتوفر حماية قضائية فاعلة لجميع مواطنيها، سواء في الداخل أو في بلدان المهجر، تعزيزاً لمنطق “المغرب الذي يسير بسرعتين” نحو التحديث والحماية الحقوقية الشاملة.