لماذا وإلى أين ؟

حصيلة الأمن الوطني في 2025: ريادة قارية وتحديث شامل في أفق الاستحقاقات الدولية

تستعد المديرية العامة للأمن الوطني للشروع في استغلال مقرها المركزي الجديد بمدينة الرباط خلال النصف الأول من سنة 2026، وذلك بعد أن بلغت أعمال تجهيزه مرحلتها النهائية، إذ تتواصل حاليا الأشغال المتقدمة المتعلقة ببناء بيئة العمل “Écosystème” الرقمية والمادية داخل هذا المجمع الإداري الذي يجمع بين كافة المديريات والمصالح المركزية ضمن فضاء مندمج، وذلك بعد اختتام الأشغال الكبرى وأشغال التجهيز المكتبي التي راعت بشكل صارم المعايير التقنية المعتمدة في المنشآت الأمنية عالية الحساسية.

وأوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، في حصيلتها السنوية برسم سنة 2025، أنه في إطار الانفتاح على رؤية جديدة للتكوين الشرطي التخصصي عالي المستوى، جرى بمدينة إفران في شهر دجنبر 2025 افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية، الذي يعد مركزا أكاديميا يجسد الرؤية المستقبلية لتطوير التكوين الشرطي وتحديث برامج التدريب الأمني بالمغرب، ومنصة علمية لتبادل المعارف والخبرات بين الأطر الأمنية الوطنية ونظرائها في مختلف الدول الصديقة والشقيقة. ومن المقرر أن يضطلع هذا المعهد الأكاديمي الجديد برسم استراتيجيات بناء القدرات العلمية للأطر الأمنية بكل من المغرب وشركائه الإقليميين والدوليين خاصة في إفريقيا، كما ينتظر أن يشكل كذلك حاضنة للبحث العلمي لفائدة الأمنيين والخبراء والمختصين في مختلف المجالات والعلوم الأمنية.

وقد واكب افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية بمدينة إفران توقيع مذكرة شراكة وتعاون بينه وبين جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، التي تتولى تكوين القيادات الأمنية على الصعيد العربي في سلك الدكتوراه والماجستير في مختلف التخصصات التقنية والعلمية والقانونية والأمنية، وذلك بهدف تقوية مجالات التعاون الأكاديمي المشترك بما يضمن دعم المساهمات والمبادرات الرامية لتطوير السياسات والبرامج الإقليمية والوطنية في مجالات رصد ومكافحة الجريمة والوقاية منها، وتعزيز البحث العلمي والابتكار وإنجاز دراسات وأبحاث مشتركة في مختلف التخصصات الأمنية، وتبادل الخبرات بين الطرفين في البرامج الأكاديمية والبحثية والتدريبية والندوات والملتقيات والمؤتمرات وأوراش العمل، فضلا عن دعم وتعزيز إحداث شبكة عربية للخبراء والباحثين في المجالات ذات الصلة برصد ومكافحة الجريمة والوقاية منها.

وفي إطار تعزيز بنيات التكوين الشرطي، الذي يعتبر عصب الاستثمار في الموارد البشرية المؤهلة بالمديرية العامة للأمن الوطني، ومواصلة كذلك لنهج دعم الأقطاب الجهوية لمدارس التدريب الأمني، فقد شهدت سنة 2025 أيضا افتتاح مدرسة جديدة للتكوين الشرطي بمدينة مراكش، على أن تليها في الأمد المنظور افتتاح مدرسة مماثلة للتكوين والتدريب الأمني بمدينة الدار البيضاء.

وبخصوص تدعيم البنيات الترابية المخصصة لشرطة القرب، وحرصا من المديرية العامة للأمن الوطني على ضمان المواكبة الأمنية الخدماتية للتوسع العمراني بالأقطاب الحضرية الجديدة، فقد تمت ترقية الهيكلة التنظيمية لمصالح الأمن بكل من مدن تيكيوين وويسلان وآيت ملول من مفوضيات جهوية للشرطة إلى مناطق إقليمية للأمن، مع ما تقتضيه هذه الترقية من زيادة في الفرق والبنيات التنظيمية، ومضاعفة الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية والإمكانيات العملياتية. كما تم أيضا تدشين المقر الجديد للدائرة الأولى للشرطة التابعة للمنطقة الإقليمية للأمن بخريبكة، وإحداث أربع مصالح جديدة لمعاينة حوادث السير بكل من مدن سطات وتازة وصفرو والسمارة.

وفي إطار تعزيز الأمن الحضري وتدبير العمليات الأمنية الميدانية، تم إطلاق العمل بمركز جديد للقيادة والتنسيق بولاية أمن أكادير، كمنشأة أمنية متكاملة مجهزة بأحدث التكنولوجيات لمباشرة العديد من المهام العملياتية، بشكل يضمن سرعة الاستجابة لنداءات النجدة الصادرة عن المواطنين، ويعزز فعالية التنسيق بين جميع المصالح الأمنية على مستوى المدينة. وفي نفس السياق، تم افتتاح قاعة للتحكم في نظام المراقبة الأمنية بالكاميرات بمقر فرقة الشرطة السياحية بمدينة مراكش، وذلك لتدعيم قاعة القيادة والتنسيق التي تغطي نفوذ ولاية أمن مراكش، ولتعزز أيضا شبكة قاعات القيادة والتنسيق التي دخلت حاليا الخدمة على الصعيد الوطني، والتي تشمل ثماني قاعات جهوية ومركز رئيسي للقيادة والتنسيق بولاية أمن الدار البيضاء و138 قاعة للمواصلات موزعة عبر مختلف القيادات الأمنية، مرتبطة جميعها بشبكة متكاملة للاتصلات السلكية واللاسلكية وأنظمة نقل البيانات وغيرها من قواعد البيانات الشرطية.

وفي سياق تعزيز الفرق الميدانية المكلفة بالاستجابة لنداءات النجدة الصادرة عن المواطنين، تم إحداث فرقة متنقلة للدراجيين بالأمن الجهوي بتازة بغرض دعم الفرق المتنقلة لشرطة النجدة، كما تم إحداث فرقة سياحية تابعة للأمن الإقليمي بسلا بهدف ضمان الأمن بالقطاع السياحي وحماية المعالم والفضاءات التاريخية.

واستعدادا لاستضافة المملكة المغربية للتظاهرات الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم 2025، تم بشراكة مع كل من وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم العمل على إحداث “مركز التعاون الشرطي الإفريقي 2026″، كتتويج للورشة الإقليمية حول أفضل الممارسات الأمنية في تأمين الأحداث الرياضية الدولية، والتي نظمتها المديرية العامة للأمن الوطني بشراكة مع منظمة الإنتربول في إطار «مشروع ستاديا» خلال شتنبر 2024 بمراكش، وذلك باعتباره تجربة مهمة سيتم استثمارها في التحضيرات الأمنية لكأس العالم 2030 وفق معايير الفيفا للسلامة والأمن.

وانسجاما مع هذه التحضيرات، ومع تزايد حجم حركة العبور عبر المنافذ الحدودية البحرية والجوية، تم الارتقاء بالمفوضية الخاصة بمطار الرباط–سلا إلى منطقة أمنية متكاملة، جرى تجهيزها بوسائل تقنية ولوجيستية متطورة، وتعزيزها بموارد بشرية إضافية لضمان جاهزية أمنية مستدامة تواكب هذه الاستحقاقات الدولية، ونفس التجهيزات استفادت منها أيضا مجموعة من المعابر الحدودية الحيوية كمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء ومطار مراكش المنارة وميناء طنجة المتوسط.

وضمن نفس الرؤية الاستشرافية، تم دعم الموارد البشرية بالمراكز الحدودية في المدن المستضيفة للمنافسات الرياضية القارية بأزيد من 100 موظفة وموظف شرطة جدد، تم اختيارهم لتعزيز الفرق المختصة بالمراقبة الحدودية. وقد خضع هؤلاء الموظفون لتكوينات ميدانية تطبيقية هدفت إلى تطوير مهاراتهم وتحسين قدراتهم في مجالات التفتيش والمراقبة الأمنية. علاوة على ذلك، تم دعم المصالح والفرق الولائية للأمن الرياضي، خاصة في مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير وفاس وطنجة بالموارد البشرية اللازمة، كما تم تعيين 3387 موظفة وموظف من الشرطيين المتخرجين هذه السنة للعمل بالقيادات الأمنية التي ستسهر على تأمين مباريات كأس إفريقيا لكرة القدم.

وتعمل المديرية العامة للأمن الوطني حاليا بتنسيق مع المكتب الوطني للمطارات، على تدعيم الخدمات داخل المطارات الوطنية وتيسير حركة العبور عبر الحدود، من خلال تعميم العمل بنظام البوابات الإلكترونية (E-GATE)، الذي سي عتمد في مرحلة أولى بمطار مراكش المنارة كموقع نموذجي، تمهيدا لتوسيعه ليشمل مختلف نقاط العبور الجوية، فضلا عن الشروع في تنزيل مشروع ¨مخطط ماستر 2030¨ بمختلف المطارات الرئيسية، والمشاركة في المخطط المديري الوطني للمطارات الذي يهدف إلى تحسين البنيات الجوية الحالية والتخطيط لعمليات التوسعة وإحداث محاور جوية جهوية جديدة.

وفي سياق مواز، تم هذه السنة متابعة عدة مشاريع مبرمجة بتعاون مع الوكالة الوطنية للموانئ، والتي تهدف بشكل أساسي لتطوير وتأهيل مقرات ومرافق مصالح الشرطة بالمعابر الحدودية البحرية. وتشمل هذه المشاريع بناء وتهيئة مقرات جديدة للمناطق الأمنية بموانئ أكادير وآسفي الأطلسي، بالإضافة إلى إحداث مفوضية خاصة بموانئ المحمدية والناظور التي سيتم افتتاحها في الأمد القريب.

وتعزيزا لقيم الرياضة وترسيخا لمبادئ الشفافية، أبرمت المديرية العامة للأمن الوطني مع الوكالة المغربية لمحاربة المنشطات (AMAD) اتفاقية تعاون وشراكة في مجال التحريات والتحقيقات لمكافحة المنشطات، من أجل توحيد جهود مختلف السلطات المعنية بمحاربة المنشطات في مجال الرياضة، وضمان تكامل أدوارها واختصاصاتها من أجل التصدي ومحاربة الجرائم المتعلقة بتعاطي المنشطات خلال التباري الرياضي.

وفي إطار تعزيز الأمن الحضري بمناسبة المنافسات الرياضية القارية، جرى إرساء نظام المراقبة الذكية بالكاميرات في كل من مدن الدار البيضاء وفاس وأكادير والرباط ومراكش وطنجة، بالإضافة إلى مدن بني ملال ووجدة وتطوان ومكناس والراشيدية وورزازات وكلميم، وتعميم 6000 كاميرا محمولة مزودة بمنصات للتدبير والتسجيل، لتغطية 75 موقع ا ذا أولوية، لا سيما في محور الرباط الدار البيضاء، ومراكش أكادير، وفاس طنجة، وهي التي ستشهد احتضان كأس أمم افريقيا لكرة القدم. كما تم تجهيز جميع الملاعب الرياضية التي تحتضن المباريات القارية بمفوضية للشرطة وبقاعة للقيادة والتنسيق بغرض تدبير التدخلات الأمنية داخل الملعب، والسهر على التطبيق الفوري والحازم للقانون في حق المخالفين.

وعرفت سنة 2025، أيضا، مواصلة تدعيم الوحدات الأمنية الترابية بفرق متخصصة، من بينها إحداث فرق ثانية لمكافحة العصابات بكل من ولايتي أمن مراكش وفاس، كما تم تدعيم فرق الشرطة السينوتقنية وفرق الخيالة بكلاب مدربة للشرطة وأحصنة مخصصة لدعم جاهزية هذه الوحدات، فضلا عن توزيع 16 فرقة للمراقبة بالطائرات المسيرة على المدن المخصصة لاستقبال مباريات كأس إفريقيا لكرة القدم.

وعلى صعيد آخر، وفي إطار تنزيل مضامين المخطط السنوي لتحديث الوسائل اللوجستيكية ومعدات العمل الخاصة بمصالح الأمن الوطني على المستويين المركزي والجهوي، أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني عملية واسعة لتحديث أسطول مركبات الشرطة، من خلال توزيع ما مجموعه 1025 من السيارات والدراجات النارية والمركبات النفعية عالية التجهيز التقني، تلبية للحاجيات التشغيلية ومتطلبات الأمن باعتباره منفعة جماعية ورافد من روافد التنمية المستدامة.

وفي خطوة ترمي إلى تكريس التعدد اللغوي بالمركبات الشرطية، وبشراكة بين المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، تم إدماج اللغة الأمازيغية في الهوية البصرية لدفعة أولى من 5000 سيارة ودراجة الأمن الوطني، مع التخطيط لتعميم هذا المقتضى على جميع المركبات بشكل تدريجي خلال السنة المقبلة.

وفي مجال تعميم العمل بالمنظومة الجديدة والمتطورة من الأسلحة البديلة والمعدات الوظيفية في التدخلات الأمنية لشل حركية الأشخاص في حالة اندفاع أو الذين يرفضون الامتثال لعناصر الشرطة، مع المحافظة على سلامتهم وحماية عناصر الشرطة من أي اعتداءات جسدية، فقد تم خلال السنة الجارية تزويد القيادات الأمنية الجهوية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية بما مجموعه 790 مسدسا للصعق الكهربائي من فئة “TASER-7”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x