لماذا وإلى أين ؟

التيجيني يكتب: ولي العهد.. محبوب الشعب المغربي في افتتاح الكان

في لحظة وطنية مكثفة بالدلالات، لم يكن افتتاح كأس إفريقيا للأمم بملعب الأمير مولاي عبد الله مجرد حدث رياضي عابر، بل تحول إلى مشهد رمزي بالغ العمق، اختلطت فيه الرياضة بالوجدان، والفرح الشعبي بالمعنى الوطني، حين دخل ولي العهد مولاي الحسن إلى أرض الملعب، فدخل معه نبض المغاربة وصدق مشاعرهم.

دخل ولي العهد الملعب تحت زخات المطر، بلا تكلف، بلا استعراض، وبلا تلك الشكليات الثقيلة التي تفرغ اللحظات من روحها. مشهد طبيعي، بسيط، صادق.. أمير شاب يسير على أرضية الملعب كما يسير المواطن بين مواطنيه، يتقاسم معهم المطر والفرح واللحظة نفسها. لم يكن هناك بروتوكول صارم ولا مسافة مصطنعة، بل حضور هادئ وواثق، يختصر فلسفة القرب التي تميز المدرسة الملكية المغربية.

منذ اللحظة الأولى لظهوره، تجاوبت المدرجات بعفوية صادقة. هتافات ارتفعت من القلب لا من الحناجر فقط، وتصفيق لم يكن موجها ولا مبرمجا، بل تعبيرا تلقائيا عن علاقة وجدانية خاصة تجمع ولي العهد بشعبه، علاقة تبنى بالرمزية والسلوك أكثر مما تبنى بالكلمات.

وعندما أعطى الانطلاقة الرسمية للكان برميه لكرة القدم، بدا المشهد أكبر من لقطة افتتاحية. كرة انطلقت من رجل ولي العهد، فاهتزت المدرجات بالهتاف، وكأن الجماهير رأت في تلك اللحظة صورة مغرب شاب، متجدد، واثق من مستقبله، يقوده جيل جديد بهدوء وثبات.

المشهد ازداد قوة عندما اتجه ولي العهد نحو الجمهور، يحييهم بيديه الكريمتين، فتفجرت المدرجات بالهتافات، وتبادلت الجماهير التحايا مع أميرها المحبوب. لحظة بلا حواجز، بلا رسميات، وبلا تصنع. فقط شعب وأميره، يتخاطبان بلغة الاحترام والمحبة الصادقة.

وعندما سجل المنتخب المغربي الهدف الثاني، لم يكن تفاعل ولي العهد مجرد ردة فعل عفوية على لقطة كروية، بل لحظة رمزية مكتملة المعنى. وقف وصفق وشارك الجماهير فرحتها، بصدق تلقائي، وكأنه واحد من آلاف المشجعين الذين قفزوا من أماكنهم في اللحظة نفسها. هنا، تماهى الأمير مع الإيقاع الشعبي، لا من موقع المراقب، بل من موقع الشريك في الفرح الوطني.
دلالة هذا التفاعل عميقة: قيادة تحسن الإصغاء لنبض شعبها، وتعيش لحظاته الكبرى بلا حواجز، وتؤمن بأن الرياضة، كما الوطن، مساحة جامعة تصاغ فيها المشاعر المشتركة قبل الخطابات.

هذه المشاهد لا تصنع بقرار، ولا تفرض بترتيبات. إنها نتيجة مسار، وصورة ترسم عبر الزمن، بحضور ولي عهد يراقب، يتفاعل، ويختار البساطة عنوانا، في زمن صار فيه التكلف هو القاعدة.

في مدرجات ملعب الأمير مولاي عبد الله، لم يهتف المغاربة لأمير فقط، بل هتفوا لفكرة الاستمرارية، ولرمز الوحدة، ولأمل جماعي في مغرب قوي، متماسك، يثق في شبابه ويعتز بقيادته.
وذلك هو جوهر اللحظة: حب شعبي يقال دون ميكروفون، ويكتب بالمشاعر قبل العناوين.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x