2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بقلم النقيب عبد الرحيم الجامعي*
من حق الصحفي السيد حميد المهداوي أن يرفع الصوت عالياً ويصيح في وجهكم وينشر شيئاً عن حقيقتكم، أنتم أعضاء اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
حميد المهداوي محقٌّ في أن يقف أمام ملايين المواطنين من داخل المغرب ومن خارجه، وأن يقول لكم: لا تتهربوا ولا تبتعدوا عن الموضوع الرئيسي للفضيحة التي هزت عروشكم باللجنة المؤقتة، والتي كشف عنها أمام الرأي العام الإعلامي والحقوقي، وأمام العديد من المؤسسات، من خلال التسجيل بالصوت والصورة؛ تلك التي أظهرتكم في حالة تلبسٍ مُشاهدٍ، مشهورٍ وعلني أثناء القذف والسب فيه وفي حق دفاعه، وأنتم تفكرون كيف يمكن لكم ممارسة “الآوتانازيا” لقتله المعنوي دون ضجيج ودون ترك بصماتكم على أوراق الإدانة والفناء التي لمسها الرأي العام عندما كنتم في لحظات مداولاتكم مضطربين من شدة ما تصنعونه بإنسان بسبب معارضة مواقفكم وآرائكم وسوء استعمال سلطاتكم…
وحتى أنت يا “يونس”، وأنت كبيرهم والوصي عليهم باللجنة المؤقتة للصحافة، تُفتي وتعلن بعبارات استقيتها من معجم الطيش والمراهقة، بأنك ستضع محاميي دفاع السيد المهداوي “تحت الحذاء”، وكأنهم لا شيء في الكون، لتكون أنت يا “رئيس”، صاحب أول سابقة إجرامية في حق المحامين الذين لم يسيئوا إليك، ولم يتحدثوا إليك، ولم يرافعوا أمامك، ولم يخاطبوك، ولم تصدر عنهم أية إشارة إليك.. فاخترت وقررت أن تضربهم مجاناً تحت الحزام بعد أن توجهت بلكماتك لوجه السيد المهداوي، وكُتِب لك النصر مع أهل بيتك باللجنة المؤقتة، وخصوصاً لما اقترحوا عليك -بسبب ما لك من نفوذ وغرور بنشوة مهمة الرئاسة- أن تتوجه بـ”همسة كتابية” وكلمة ناعمة للسيد فلان… “UN PETIT MOT POUR A”، واستمتعت بـ “LES GROS MOTS” التي استعملوها ضده وضد هيئة دفاعه بأصوات رنانة ومدوية دون خجل ولا حياء.
إنكم لم تتركوا يا أصحاب اللجنة أحداً دون أن تتورطوا في الإساءة إليه بشكل أو بآخر، بالواضح أو بالمرموز؛ فقد أسأتم لممثل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باللجنة، وهو قاضٍ، من دون أن تقدروا مهمته ووظيفته والجهة التي يمثلها، عندما فكرتم في استعمال رئيس مؤسسة دستورية لخدمة مصالحكم بكل وقاحة… وأسأتم للسيد “A” وتعاملتم مع اسمه وكأنه في خدمتكم، وتحت إمرتكم، يمكنكم دون أي حرج استقطابه لصالحكم، والانحياز لظلام ظلمكم وظلمة مداولاتكم لمناصرتكم في تصفية السيد المهداوي والإجهاز على القانون والمشروعية والمحاكمة العادلة…
وأسأتم لقيم الدستور لما اجتمعتم لمحاكمة السيد المهداوي فانقلبتم من هيئة للتأديب إلى هيئة للتهديد، عابثين بواجبكم في الحياد والتجرد والنزاهة والوقار وضمان الأمن القانوني للسيد المهداوي؛ أنتم بالهيئة التي يجب أن تتحلى بما يجب أن تتحلى به كل هيئة تأديبية أو قضائية تقبض بيدها سلطة قانونية على الأشخاص تصل حد معاقبتهم والمساس بحرياتهم إن اقتضى الأمر.
وأسأتم في النهاية لمهنة الصحافة؛ تعرفون من بناها ومن قاتل من أجل استقلالها ومن أجل حصانتها ومن أجل رفع الظلم عنها وعن أهل بيتها من صحفيات وصحفيين، وممن يعتبرهم الوطن والتاريخ ضمائر مهنة المتاعب، أمثال: أحمد بنجلون، عبد الكريم غلاب، محمد الوديع الآسفي، علي يعتة، عزيز بلال، خالد الجامعي، علي المرابط، محمد برادة، حسين كوار، عبد اللطيف جبرو، عبد اللطيف عواد، طالع سعود الأطلسي، أبو بكر الجامعي، نرجس الرغاي، مليكة ملاك… وغيرهن وغيرهم من الراحلين الخالدين، أو ممن ما زالت قلوبهم تقذف الحياة في مهنة الصحافة حتى لا تموت، وهم من شرفوا الصحافة والصحفيين وواجهوا عتاة المسؤولين، ورفضوا أداء الخدمات الزائفة بالمقابل للمتربصين بحرية الصحافة وللانتهازيين ولأصحاب النفوذ والمال ممن يحسبون عظامهم من خشب تستعصي على القانون وعلى المساءلة…
وأسأتم للمحاميات وللمحامين، بنعوت متدنية من أدب وشعر الصعاليك بمعانيها في معجم “لسان العرب” أمثال الشنفرى وتأبط شراً، وعبرتم عن فقر في الالتزام باحترام الهيئات المنظمة مثل هيئات المحامين، ولم تنتبهوا بأن الإساءة للمحامي والتطاول عليه هي إساءة للقاضي، سواء باللفظ الصريح أو المضمر الضمني، فأشعلتم الحروب في بيتكم والتي لن تقدروا على إخمادها بسهولة ودون أعطاب قد تصيبكم… فلستم لا أنتم ولا غيركم في موقع يعطيكم جرعة تقتحمون بها بيت المحاماة وسمعة المحامين.
ولا شك أنكم لا تعلمون ما معنى المداولات وفلسفتها، وبالطبع من لا يعلمها لا يعلم ما هي مسطرة التأديب والعقاب والدفاع، ولا يحق له أن ينتسب لهيئة للمراقبة أو للتحكيم أو للتأديب أو لإصدار القرارات والأحكام العقابية مثل هيئتكم… ولا شك تجهلون أن الأصل في المداولات التأديبية أو القضائية هو السرية والكتمان وعدم علم الغير بمجرياتها والآراء المعبر عنها خلالها.
ولا شك أنكم كذلك لا تعلمون بأن المداولة، سواء بين أعضاء لجنة التأديب أو أعضاء محكمة الحكم، تعني قطع الصلة بين الهيئة أثناء التداول بكل ما يحيط بالمتداولين وبمكان تأملهم وتعبدهم مع ضمائرهم ووجدانهم، وقطع الهواتف عنهم، وإغلاق الأبواب عليهم، عن يسارهم ويمينهم ومن خلفهم، ووضع الحواجز الصلبة حولهم حتى لا يخترق هدوءهم واطمئنانهم لا جن ولا إنس، وحتى يعتقد المتداولون بأنهم “أهل كهف” من فرط العزلة.
أنتم يا أهل اللجنة -وكما تظهرون على الشريط الفضيحة- يا أصحاب قاعة المحاكمة والمداولة في ملف السيد المهداوي، أنتم من صنع الشريط لأنكم أنتم من صور القاعة ومن فيها من “الأثاث البشري”، وأنتم من سب وقذف، وأنتم من هدد وأرعد، وأنتم من انتهك سرية المداولة، وبالتالي أنتم أول من يجب استجوابهم ومساءلتهم، وليس السيد المهداوي الذي تحدث عن فضيحة اجتماعكم وعلق عليها.
إنكم بالطبع بالشريط الحي، الشاهد والناطق، لم تعودوا أصحاب الملف الفضيحة، لأن القضية لم تعد تعنيكم وحدكم ولا تعني لجنتكم وحدها، بل أصبحت قضيتكم ومداولاتكم وتصرفاتكم قضية رأي عام تجاوزتكم وتجاوزت المهداوي وتجاوزت يونس مجاهد وتجاوزت غضبكم ووعيدكم وعضلاتكم وعقلياتكم وسلطتكم.. فالقضية اليوم بيد الرأي العام أولاً وأخيراً، فما عليكم إلا انتظار حكم الرأي العام الذي لا يعنيه من سرب الشريط ومَن يكون، أكثر مما يشغل باله مضامين مداولاتكم ونقاشكم ومضامين كلامكم ومفرداته وفقراته، بدايته ونهايته…
ومن هنا عليكم قول الحقيقة بكل نزاهة وشجاعة ودون حسابات، فلا مفر من معرفة حقيقة ما جرى، مهما كان الثمن حتى لو تطلب الموقف إسناد البحث في الأمر للجنة تحقيق برلمانية، أو لجنة تحقيق مجتمعية من مؤسسات مهنية للصحافة مستقلة ومن ممثلي المنظمات الحقوقية، أو تطلب الأمر تحقيقاً قضائياً تحت إشراف النيابة العامة، أو تطلب لجنة دولية من المنظمات الدولية للصحفيين وللمعنيين بحرية الصحافة والرأي، أو لجنة من مجلس حقوق الإنسان برئاسة المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير…
أنتم باللجنة لستم الجهة التي لها حق التأويل والتفسير لما هو مدون بالشريط، ولستم المؤهلين للبحث عمن أخرج الشريط من مقر اللجنة ومن سلمه لحميد المهداوي أو لغيره، لأنكم أنتم الأصل في شريط الفضيحة بصوتكم وخرجاتكم وإشاراتكم وأقوالكم، وبالتالي فقد تأكد أنكم على مسافة بعيدة من الثقة حتى يُسترشد أو يؤخذ برأيكم وبحكمكم، لأنكم تخلطون بين اجتماع لجنة التأديب والحكم بما تفرضه في أعضائها من واجبات التمسك بالتعقل وبالحياد وبالحكمة، وبين اجتماع لجنة مباراة للمبارزة يقول فيها الحكام ما شاؤوا ويتحركون متى شاؤوا ويتحدثون مع من شاؤوا…
إن ما كان منتظراً من مؤسسة مثل المجلس الوطني للصحافة هو أن يجتهد حتى يصبح مرجعاً ومدرسة لعلم الصحافة، وأن يرافع حتى يصبح بحق محامي الدفاع عن المهنة وعن الصحفيات وعن الصحفيين، ولكن يظهر أن لجنتكم غابت عنها هويتها الحقيقية فانقلبت إلى سلطة العقاب والتأديب بسلاح الشطط عوض سلاح القانون. واتضح أن الجهاز المؤقت لتسيير قطاع الصحافة -ومن خلال التسجيل بالصوت والصورة كما تم نشره بفيديو يظهر فيه الأعضاء بالمجلس وهم يتداولون بحضور أشخاص غرباء عن المجلس التأديبي، ويُسمع صوت السب والتهديد من داخل القاعة، ويُسمع كلام خطير وهو ينادي ببعث “UN PETIT MOT POUR A”- تبقى قراراتها ومداولات أمام هذه الحالة لا تقبل الاحترام وساقطة عنها المشروعية، باطلة ولا يترتب عنها أي أثر…
ويتضح من وقائع الشريط الخاص بمداولات مجلس التأديب الذي ترأسه السيد السلامي -على ما يبدو- أن الأعضاء كلهم ارتكبوا إخلالات بمناسبة المداولة بصفتهم الجماعية، وعلى رأسها كشف السرية بالتسجيل بالصورة والصوت وبحضور من لم يحضر جلسة المناقشة، وبالتالي فقد عمدت اللجنة لتنفيذ عملية ذبح لقاعدة من قواعد النظام العام، فانتقل أعضاء من مجلس تأديبي بمؤسسة مهنية تحكمها التقاليد والأخلاق، وأصبحت “حلقة من الأصدقاء” يتناوبون على فريستهم حميد المهداوي، يبحثون كيف يفتضون حريته ويحرقون مستقبله وكيف يختارون العقوبة التي تعذبه وتعذب أسرته وتغلق صوته وتفرض عليه الصمت الدائم النهائي، لكي يشعر الفريق داخل اللجنة بالراحة من أصوات الصحفيين المتحررين من الهيمنة ومن التبعية ومن براثن المال، الممارسين لمهنتهم بحرية ومسؤولية ومهنية.
إن المجموعة التي ارتكبت هذه المخاطر المهنية -بالرغم من انتمائهم لأشرف المهن وهي مهنة الصحافة- لا بد أن يدركوا، حتى ولو كانوا يعتقدون بقدرتهم على الإفلات من العقاب، أنه يمكن للقانون أن يتصدى لمساءلتهم ولمؤاخذتهم من أجل أفعال تدخل في ظل القانون الجنائي مثل: التواطؤ بين من يملكون سلطة على الأفراد وعلى حقوقهم، ومن أجل إفشاء سر المداولات، ومن أجل السب والقذف، ومن أجل إهانة هيئة منظمة، ومن أجل استغلال النفوذ، ومن أجل التحريض على ارتكاب أعمال تتنافى مع احترام استقلال القضاء…. وغير ذلك.
إن سلطتكم باللجنة المعنية ستنتهي يوماً ما، وستبقى سلطة المساءلة الحقيقية والعقاب الناجع لمن سمح لنفسه بسلوك مثل ما سلكه فريق تأديب السيد حميد المهداوي، هي سلطة التاريخ والضمير والرأي العام، وليست سلطة الكراسي والمناصب والمؤسسات. وكما قال المتنبي: هي الأخلاق ترفـع كـل بيتٍ … وإن كان البناءُ من الجَريدِ فما يجدي البناءُ بلا ضـميرٍ … وإن كان الجدارُ من الحديدِ
فالناس: هذا حظه مال، وذا علم، وذاك مكارم الأخلاق.
إن الإنسان هو مواقفه، وصورة المؤسسات من صورة مسؤوليها، لكن مواقف اللجنة المؤقتة تتقلب حسب الأحوال؛ فنجدها مثلاً تعلن الغضب والاحتجاج على انتهاك أخلاقيات الصحافة وقواعد الصرامة المهنية في مواجهة جريدة “لوموند” الفرنسية لما نشرت سلسلة من المقالات عن المغرب في شهر غشت الماضي، ونجد اللجنة نفسها تناقض هذا الموقف لما هبت لممارسة سلطة التأديب في حق مواطن صحفي هو السيد حميد المهداوي، وتجاوزت كل شروط الصرامة مع المبادئ ومع شروط المحاكمة والتعامل مع الصحفيين… مما يطرح السؤال عن دورها المهني الحقيقي وحرصها على مصر القيم ومدونة الأخلاقيات.
إن مهنة الصحافة اليوم، ومع الأسف، تتلقى الضربات القاتلة أقوى من ضربات عهد الرصاص، والغريب أنه تُشن حرب عليها وعلى الصحفيين من أهلها ومن قلب أجهزة مهنية منظمة، قبل أن تعتدي عليها أجهزة السلطة والفاسدين من أصحاب النفوذ، وهذا وضع مرفوض لأننا مجتمع نحتاج لذرع إعلامي وصحفي مهني سليم يشتغل من أجل نشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتوزيع الخبر والحق في الوصول للمعلومة، ومساءلة أصحاب السلطة مركزياً وجهوياً ومحلياً. ونحن كذلك مجتمع نعيش أزمة الحروب المجتمعية الحقيقية مثل الحرب على الفساد وعلى الرشوة وعلى الشطط وعلى الفقر وعلى انتهاك المشروعية والقانون، وأننا في زمن بناء القدرات من أجل تنظيم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية للجواب على انتظارات الشعب المغربي أولاً وانتظارات المنظمات الأممية وقواعد الشرعية الدولية، فما أحوجنا لمؤسسة صحفية متماسكة تدفع الوعي العام نحو الإسهام في بناء مغرب المستقبل؛ مؤسسة تتصدى لاختراق صفوفها ولا تقبل جرها نحو الانزلاق في الصراعات المصطنعة التي لا تنتج سوى الضعف والتفكك…
كما أننا في زمن الاستماع لانتظارات “جيل Z” وخلق فرص مغرب لكل المغاربة، وفي مقدمتهم الشباب الذي أنهكته السياسات العمومية وحطمت مخاطرها صبر المواطنين وتطلعاتهم.
لقد مضى زمن الاستبداد، ولا بد أن ينتهي معه عصر وحضارة المستبدين، وبالتالي على الصحفيين والصحفيات خوض “بريسترويكا” مهنية لكي تنتعش الممارسة الصحفية وتتسع حرية الرأي والتعبير، ولكي تستعيد الصحافة مجدها ويغرس الصحفيون جذورها في المجتمع ويسقوها بأخلاقهم وأقلامهم، حتى لا يبقى بينهم دخيل ولا مناور ممن يهمس: “UN PETIT MOT POUR A” ويصيح أمام الكاميرا بعبارات هي من صنف “DES GROS MOTS” كما فسرها حميد المهداوي قبل أيام أمام زملائه وأمام كل المواطنين.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.
من عين هذه اللجنة؟
أليس هو اخنوش وبنسعيد؟؟
ماذا تنتظرون من أمثال هذين؟؟؟
من لم يبع نفسه من الصحافيين بالمال اشتروه بالدعم العمومي…ومن رفض هذا وذاك سلطوا عليه ازلامهم في لجنتهم المخرفة التي كانت مؤقتة فأصبحت دائمة…
و راتب خمسة ملايين في الشهر من أموال دافعي الضرائب بالمغرب كاف للمأجورين الذين لا يكتبون شيئا ولا صلة لهم بالصحافة
والله ان هؤلاء لا يستحقون ولو نقطة من مداد قلمك حضرة النقيب.