2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
صدر حديثاً عن “مركز أطلس للطباعة والنشر والتوزيع” مؤلف جماعي جديد يحمل عنوان “المجتمع المدني والتنمية المحلية: نقد الممارسات ورهانات الفعل”، والذي يسلط الضوء على واقع العمل الجمعوي في المغرب من منظور نقدي وأكاديمي رصين.
يأتي هذا الكتاب، الذي يقع في 230 صفحة، ثمرة جهود فريق البحث في “الدراسات السوسيولوجية في التنمية والابتكار الاجتماعي” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، وتولى تنسيقه الأساتذة محمد حدوي، ومحمد خالص، وفؤاد أعراب.
مساءلة نقدية للأدوار والفعالية يهدف الإصدار الجديد إلى تقديم رؤية تحليلية معمقة لانخراط المجتمع المدني في مشاريع التنمية المحلية، متجاوزاً التوصيف التقليدي لمساءلة فعالية هذا الدور وملاءمته مع معايير التنمية المستدامة. وينطلق الباحثون من فرضية مفادها أن المجتمع المدني، رغم حضوره الرمزي والمؤسساتي القوي في العقود الأخيرة، لا يزال يواجه عوائق بنيوية تحد من استقلاليته وقدرته على التحول إلى قوة اقتراحية فاعلة.
محاور الكتاب وبنية التحليل يتوزع الكتاب إلى أربعة فصول رئيسية تعالج إشكاليات التنمية من زوايا نظرية وميدانية متعددة:
المداخل النظرية: ركز الفصل الأول على تأطير مفاهيم العمل الجمعوي وسوسيولوجيا الجمعيات في المغرب؛ حيث أكد الباحث محمد خالص على ضرورة تطوير أدوات نظرية أكثر فاعلية، بينما دعا فؤاد أعراب إلى “مقاربة تحررية” في الأنثروبولوجيا التطبيقية تعترف بقدرات الفاعلين المحليين.
القيم والعوائق: تناول الفصل الثاني الأبعاد الثقافية، حيث أبرز فوزي بوخريص أهمية المنظومات القيمية في تشكيل هوية الجمعيات. ومن جانبه، شخص محمد حدوي العوائق البنيوية المتمثلة في ضعف الاستقلالية والتبعية للسلطات المحلية. كما قدم مصطفى المناصفي قراءة في هشاشة الجمعيات خلال أزمة كوفيد-19 بمراكش، كاشفاً عن استمرار أنماط النخبوية.
الحكامة والشراكات: خصص الفصل الثالث لمناقشة الحكامة التشاركية؛ حيث دعا زهير لخيار لتعزيز القدرة التفاوضية للنسيج الجمعوي. وشمل هذا الفصل دراسات حالة متنوعة، منها مقترح ربيع أوطال حول الحكم المحلي في جهة الساقية الحمراء ووادي الذهب ، وتحليل محمد الراضي لغياب التنسيق في جمعيات مستعملي الماء بتادلة ، ورصد مليكة موحتي لتهميش المجتمع المدني في حكامة المدينة الجديدة “تامسنا”.
القطاعات الاجتماعية: بحث الفصل الأخير دور الجمعيات في مجالي الإعاقة والتعليم؛ حيث حذر حوسى أزارو وعبد الهادي الحلحولي من تحول جمعيات الإعاقة إلى مجرد “منفذ” لسياسات خارجية فيما وصفاه بـ “المناولة الجمعوية”. كما كشف محمد الإدريسي عن دور جمعيات آباء وأمهات التلاميذ بالزمامرة في إعادة إنتاج التفاوتات التعليمية.
خلاصات وتوصيات خلصت فصول الكتاب إلى أن تجاوز الإكراهات الراهنة يقتضي بالضرورة تعزيز استقلالية الجمعيات وتحرير الفعل الجمعوي من علاقات الهيمنة والتبعية السياسية. وشدد المشاركون في المؤلف على أهمية بناء شراكات مؤسساتية حقيقية تراعي الخصوصيات المحلية، لتمكين المجتمع المدني من لعب دور محوري في صنع السياسات العامة وتحقيق تنمية محلية مستدامة.