2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
تحصين الدفاع بين الضمانة والمسؤولية
ذ. فوزي السعيدي
لقد أثارت المواد 77 إلى 81، من قانون 66.23المتعلق بمهنة المحاماة وبالأخص باب تحصين الدفاع، نقاشاً واسعاً داخل الوسط القانوني، بين فئة تعتبرها مكسباً مهنياً، وفئة ترى فيها ضمانات غير كافية.
غير أن القراءة القانونية الأولية و الهادئة تقتضي تجاوز منطق الاصطفاف والانحياز ، والنظر إلى النص في سياقه التشريعي والواقعي، فهذه المواد تقر مبدأً دستوريا وجوهرياً يتمثل في حماية المحامي من المتابعة بسبب مرافعاته وكتاباته، ومنع اعتقاله بسبب ممارسته المهنية، مع إخضاع أي إجراء يمسه لإشعار النقيب وفق آجال مضبوطة وواضحة، وهي بمثابة ضمانات واضحة تعزز استقلال هيئة الدفاع وتحمي حق المتقاضي قبل حماية المحامي نفسه، وفي المقابل، لم يذهب المشرع إلى إقرار حصانة مطلقة للمحامي ، بل حافظ على مبدأ المسؤولية متى تعلق الأمر بأفعال خارجة عن نطاق الممارسة المهنية أو ماسّة بحقوق الغير أو بهيبة العدالة،وهو اختيار تشريعي ينسجم مع منطق دولة القانون وتسطير المغرب لمشاريع استراتيجية مستقبلية في مجالات الرياضة والصناعة ، حيث لا امتياز دون مساءلة، ولا حماية دون حدود.
لكن التخوفات والتحفظات المطروحة من طرف بعض مكونات الجسم المهني تظل مفهومة من زاوية سوء التأويل أو التطبيق، لكنها لا تنفي أن النص فعلا يمثل خطوة متقدمة مقارنة بالوضع السابق، خاصة في سياق يعرف هشاشة الضمانات وضعف الثقة.
إن تحصين الدفاع لا ينبغي أن يُفهم كتحصين للأشخاص، بل حماية متقدمة لوظيفة دستورية تمارس باسم المتقاضين. كما أن استقلالية المحامي تظل مرتبطة، بشكل عضوي، بتحمله لمسؤولياته المهنية والأخلاقية النبيلة.
وعليه، فإن النقاش الحقيقي لا ينبغي أن يكون بين القبول والرفض، بل حول تحسين الصياغة القانونية ،توضيح الحدود بدقة،من واجب ومسؤولية، والتزام وأيضا ضمان تطبيق متوازن يحمي الدفاع لكن دون أن يفتح باب الإفلات من المساءلة، فالدفاع القوي لا يقوم على الامتياز، بل على الثقة،و احترام سيادة القانون لإن الدستور المغربي كان واضحا في فصله السادس “القانون ھو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بمافيھم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له”.
مقال في المستوى موضوعي