لماذا وإلى أين ؟

حكومة الفواجع وتحقيقات بلا نهاية

يقول مثل فرنسي “إذا أردت تجنب أزمة أحدث لجنة”، هكذا هو حال عدد من الأحداث المؤلمة التي تمر على المغرب، فكلما وقعت فاجعة هزت الرأي العام الوطني إلا وأعلن عن فتح تحقيق، ليغلق القوس دون أن يعلن عن إنتهاء التحقيق أو النتائج التي توصل إليها، وبالتالي لا يتم ترتيب الجزاء ات في حق من يفترض أنه يتحمل المسؤولية او جزء منها، وهذا يدخل في إطار الإفلات من العقاب والإستهتار بأرواح المواطنين وعدم إلتزام الجهات المختصة بإنفاذ القانون.

الواقع يؤكد أن أغلب التحقيقات التي فتحت للكشف عن الحقيقة لا تنتهي أو بالأحرى لا تكمل مسارها الطبيعي لتصل إلى محاسبة الذين يوجعون المغاربة بالحوادث الأليمة، هذا الواقع يقول إن 33 طفلا لقوا مصرعهم حرقا بالقرب من طانطان، ويقر أن 15 امرأة راحت ضحية الإختناق من الحصول على الصدقة، ويثبت أن شابة في مقتبل العمر قتل برصاص خفر السواحل، عند بحثها عن العيش الكريم وراء البحار وغيرها، فقد تحللت جثث الضحايا وأكلها الديدان، ولازالت التحقيقات مستمرة لا تعرف لها هدفا ولا نتيجة، فأين الخلل؟

المغرب والأرجنتين من دول العالم الثالث إلا أن القضاء الأرجنتيني أدان وزير النقل السابق، خوليو دي فيدو، بخمس سنوات وثمانية أشهر سجنا بسبب مسؤوليته عن حادث قطار وقع سنة 2012 بإحدى المحطات بالعاصمة بوينوس أيرس وأسفر عن مصرع 51 شخصا وجرح أزيد من 780 آخرين، بينما المغرب لا نسمع له محاسبة مسؤول حكومي عن أي فاجعة حتى ولو كان طرف مباشر فيها، كما هو الشأن بالنسبة لمقتل المعطل الكفيف بوزارة بسيمة الحقاوي. هل هذا يعني أن دماء المغاربة أرخص من أن تحاسب مسؤول ما؟ أم أن المسؤولية والمحاسبة قواعد لا تسري إلا على صغار المسؤولين كما حدث في فاجعة قطار طنجة.

في الحكومات التي تحترم نفسها وتهمها صورة المؤسسات والأجهزة التي تشرف عليها، وتفي بوعودها بكشف الحقيقة، تعلن للرأي العام عن نتائج التحقيقات بكل شفافية ونزاهة وتحاسب المتورطين في الفواجع التي تهز بلدانها، دون حسابات سياسية أو شخصية تسهل من الإفلات من العقاب، وفي بعض الأحيان تقدم إستقالتها لأنها تدرك أن الأحداث المؤلمة تعري إهمالها وفشلها وعدم صلاحيتها في تدبير الشأن العام.

أما حكومتنا السعيدة، فرئيسها يحافظ عن إبتسامته العريضة الصفراء، التي تقتل الامل في نفوس المواطنين، وتحمي هيبة الدولة بتخوين المحتجين على خروقاتها، وتطلق الرصاص إلى الخلف على ناخبيها، بضرب القدرة الشرائية ولا تجد حرجا في الدفاع عن أخطائها فهل هذه حكومة أم وكر ذئاب لا يسعها إلا العويل كلما هبة رياح باردة في ليلة ظلماء، ولا تعلن عن حقيقة ظلام الفواجع.

رجاءا لا تفتحوا تحقيقتكم غير المكتملة ودعوا القتلى يهدئون في مقابرهم، وتركوا الجرحى يحملون ألامهم فلهم رب يشفيهم، ولو شئتم تنحوا فلم يعد لكم دور ولا وظيفة غير حماية مصالحكم الصغيرة أمام دموع الأيتام والتكلى. فإستحوا قليلا إن كان لكم  قليل من ماء الوجه فتحقيقاتكم لا تغني ولا تسمن من جوع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
simo
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2018 23:31

BRAVO

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x