لماذا وإلى أين ؟

إرغام أساتذة وأطر عليا على الهجرة الجماعية

يزخر قطاع التربية والتعليم المغربي بآلاف من الأطر والكفاءات الوازنة جدا بفضل نجاحها في الجمع بين الأداء المهني الناجع والبحث العلمي المستمر، فبالرغم من افتقار القطاع المشغل إلى توفير التكوين المستمر من أجل مواكبة المدرسين والمدرسات في المدرسة العمومية للمستجدات المعاصرة وللبحث العلمي كما هو معهود في كل بلدان العالم، الأمر الذي يؤثر سلبا على جودة التربية والتعليم إلا أن عددا كبيرا من الأساتذة المتميزين يراهنون على تكوين أنفسهم بأنفسهم لتطوير أدائهم المهني، عبر البحث العلمي والأكاديمي اعتمادا على نفقاتهم الخاصة وفي ظل ظروف اجتماعية وجغرافية واقتصادية قاسية.

معلوم أن مدرس اليوم، وفي ظل التطور العلمي والتكنلوجي المتجدد، هو أكثر حاجة إلى المواكبة والتتبع للمستجدات ولما يحصل في العالم من التحولات والتطورات، لكونه مشرفا على تكوين جيل ستكون له الريادة والمسؤولية في مجتمع الغد، إلا أن تلك الظروف تظل محددةً ومُقمِعَةً لآفاقه العلمية والمعرفية التي تفرضها عليه مسؤوليته ورساليته المهنية والأخلاقية. ولكن سياسة القطاع الوصي على هذه المهمة تُبقي نفسها بعيدة كل البعد عن هذه الفلسفة؛ إذ يضحى همها الوحيد أن يستغرق المتوفَّر لديها من مواردها البشرية، من أطر تربوية وإدارية، لعدد الأقسام المدرسية! نظرا للخصاص المهول الذي يعرفه القطاع منذ عشرات السنين.

وفي خضم هذا الواقع ينتفض بعض الأساتذة بحثا عن تطوير أدائهم المهني وتجديد معارفهم بمقاومة كل الظروف الاجتماعية والجغرافية والاقتصادية وحتى النفسية؛ فينافسون الطلبة في الجامعات والتكوينات ذات الاستقطاب المفتوح والمحدود وفي الشعب المناسبة لمادة التدريس: الإجازة والماستر والدكتوراه والهندسة وغيرها، وتصبح هذه الفئة من الأساتذة بعد حين، أكثر إلماما بالمعارف والمهارات الأساسية والتكميلية من إتقان للغات واستعمال الوسائل التكنلوجية الحديثة وغيرها، كما أنها أكثر اطلاعا على المستجدات وطرق التدريس المعاصرة… الأمر الذي يعكس إجابا على أدائها المهني وينتج مردودية جيدة تحسب لهذه الفئة وينتعش بها قطاع التعليم، ويزيد المتعلمين أملا وحبا في التعلم ومواصلة المشوار. لكن سرعان ما ينقلب الأملُ يأسا والحبُّ بُغضا بعدما تقابل وزارة التربية والتعليم هذه الفئة من الأطر الباحثين بالنكران والإحباط! ويعبس الوزير وجهه في كل تلك التضحيات، لا لشيء إلا أن هذه الفئة من الأطر، وبعد حصولها على شواهد من التعليم العالي، استحقت إطارا جديدا ودرجة جديدة تناسب تلك الشواهد العليا المحصل عليها بعد جهد طويل وشاق، بل وتواجهها بالتبخيس والتجاهل والاحتقار! وأكثر من ذلك أن هذه الفئة إذا اجتمعت في تنسيقيات واحتجت؛ كتنسيقية حاملي الشواهد العليا، وتنسيقية الدكاترة، والمهندسين، والزنزانة 9… وغيرها تدخلت قوات عمومية لتعنيفهم جماعيا وبأسلوب بشع! وعلى مرآى ومسمع الخاص والعام! فهل يبقى حينئذ أما هذه الفئة من العصاميين إلا خيار الهجرة الجماعية!؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x