صحيفة عطوان تقدم قراءة مثيرة لتجاوب الجزائر مع دعوة الملك محمد السادس
مُبادَرة الحُكومةِ الجزائريّة بالدَّعوةِ إلى عَقدِ اجتماعٍ لمجلس وزراء خارجيّة الاتِّحاد المَغاربيّ العَربيّ تَستَحِق التَّشجيع، لأنّها رُبّما تُساهِم بإعادَةِ الحَياة إلى هَذهِ المَنظومةِ الإقليميّة في تَوقيتٍ على دَرجةٍ عاليةٍ مِن الأهميّة، الأمر الذي قَد يُساهِم بفَتْح قنَوات الحِوار المُغلَقة، تَمْهيدًا لحَل الأزَمَات البينيّة المُتفاقِمة بين الدُّوَل الأعضَاء.
رُبّما يُجادِل البعض بأنّ هَذهِ المُبادَرة جاءَت رَدًّا غير مُباشِرٍ على دَعوةِ العاهِل المَغربيّ محمد السادس للجَزائِر إلى الحِوار التي أطلَقَها في السادس مِن شَهرِ تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، وما الخَطأ في ذَلِك؟ ورُبّما يكون الرَّد بعَقدِ اجتماعٍ على مُستَوى وزراء خارجيّة دُوَل الاتِّحاد المَغاربيّ، الإطار الأكثَر مُلائَمةً للانطلاقِ نحو الحِوار الثُّنائيّ المَغربيّ الجَزائريّ، وتَسوِيَةِ الأزَمَات بجُهودٍ جماعيّةٍ وليسَ فَرديّة.
صَحيح أنّ السُّلطات الجزائريّة لم تَرُد بشَكلٍ رَسميٍّ وفَوريٍّ على الدَّعوةِ المغربيّة للحِوار، ولكن هذا لا يَعنِي أنّها تُعارِضها، ولا تَرغَب في الحِوار مَع الجارِ المَغربيّ الشَّقيق، فالبَيان الصَّادِر عَن الحُكومةِ الجزائريّة كان وِدِّيًّا وإيجابيًّا، وقالَ بالحَرفِ الواحِد “أنّ هَذهِ المُبادَرة التي تُطالِب بعَقدِ اجتماعِ وزراء الخارجيّة في أقربِ وَقْتٍ مُمكنٍ تَندَرِجُ ضِمنَ القَناعةِ الرَّاسِخةِ للجَزائِر التي أعْرَبَت في العَديدِ مِن المرّات على ضَرورة الدَّفعِ بمَسارِ الصَّرحِ المَغاربيّ وبَعثِ مُؤسَّساتِه”.
إحياءُ اتِّحاد المغرب العربيّ تبدو خُطوة ضروريّة، بل حتميّة، لمُواجَهة الأخطار والأزَمَات السياسيّة والاقتصاديّة، التي تُواجِه دُوَله حاليًّا، وأبْرزها الإرهاب وارتفاع مُعدَّلات البِطالة، والهِجرة مِن دُوَلِ الجِوار الأفريقيّ، وإيجاد حُلول، أو تفاهمات، لمُشكِلَة الصَّحراء التي استنْزَفَت ثَرَوات وجُهود مُعظَم دُوَل المِنطَقة بشَكلٍ مُباشِرٍ أو غير مُباشِر، عَلاوةً على انهيارِ الدَّولةِ الليبيّة وسِيادَة الفَوضى الدمويّة في مُعظَمِ أرجائِها.
فُرَص النَّجاح تبدو كَبيرةً، ويَا حبّذا لو يَتمركَز الحِوار في جولَتِه الأُولى بينَ وزراء الخارجيّة على القَضايا الأكثَر سُهولةً، مثِل فَتح الحُدود المُغلَقة، وزيادة مُعدَّلات التَّبادُل التجاريّ، وتَسهيلِ حركة العَمالة عبرها، ثُمَّ البِناء على أيِّ تَقَدُّمٍ في هذا الشَّأن للانطِلاقِ إلى المَسائِل الأكثَر صُعوبَةً وتَعقيدًا.
إنّها مُبادَرة جزائريّة مسؤولة، جاءَت في الوَقتِ المُناسِب، للتَّكامُل مع دعوة العاهِل المَغربيّ للحِوار وتُعزِّزها، ونَتَمنَّى في هَذهِ الصَّحيفة “رأي اليوم” أن يكون التَّجاوب مَعَها كَبيرًا وإيجابيًّا، خاصَّةً أن مُناخ التَّفاهُم والتَّنسيق باتَ أفْضَل مِن أيِّ وَقتٍ مَضَى.. أو هَكَذا نَعتَقِد.
عن صحيفة “رأي اليوم” لمديرها الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان