لماذا وإلى أين ؟

الرياضي تفسر خلفيات موقفها من قضية حامي الدين (حوار)

في ظل النقاش الذي ساد في الأوساط السياسية، بعد مواقف مجموعة من الحقوقيون من قضية المستشار البرلماني، والقيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، استضافت “اَشكاين” الناشطة الحقوقية و الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الانسان، وكان الحوار التالي:

بداية شكرا لك لالة خديجة على قبول دعوة “آشكاين” لإجراء هذا الحوار

مرحبا وبدوري أشكر “آشكاين” على دعوتها الكريمة.

الموقف الذي صرحت به بخصوص قضية حامي الدين، أثار الكثير من الجدل، ما رأيك في الانتقادات التي وجهت إليك؟

أنا لا أتابع ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماع، خاصة الفايسبوك، لكن توصلت بالعديد من رسائل التضامن والمساندة قال لي أصحابها إنهم اطلعوا على حملة جديدة تشن ضدي في بعض صفحاته، (الفيسبوك) متخذة كمبرر موقفي من قرار متابعة السيد حامي الدين، إلا أنني ومنذ سنوات لم أعد أكترث كثيرا بتلك الحملات التي تشن ضدي من حين لآخر من طرف صحافة التشهير المعروفة، خاصة أنني لا أطلع على ما تكتبه، فتلك الحملات سواء ضدي أوضد عدد من المناضلين وبعض الهيآت تشن حين ينزعج المخزن من المواقف التي نعبر عنها أو من المبادرات التي نتخذها، وما يؤكد أنني مستهدفة كشخص وليس انتقادا لموقفي هو أن نفس الموقف عبر عنه كثير من المناضلين والنشطاء المعروفون، لكن الحملة التشهيرية استهدفتني أنا بالأساس دون غيري.

وكما نقول في الجمعية المغربية لحقوق اللإنسان التي تتعرض أيضا لهكذا هجومات، حين تتوقف تلك المواقع عن سبنا نتساءل هل قصرنا في نضالنا أو تراجعنا في مواقفنا؟

أما بعض الرفاق الذين اتصلوا بي لمناقشة الموقف الذي عبرت عنه بسبب عدم اقتناعهم به، فقد أوضحت لهم أن موقفي مبني على المنهجية الحقوقية التي قد تختلف عن منهجيتهم السياسية، فالمنهجية الحقوقية تستوجب عدم السكوت على أي خرق مهما كانت الضحية، حتى وإن كانت خصما أو عدوا سياسيا، وأن رفض القرارات التعسفية والتوظيف السياسي للقضاء ليست دفاعا عن أي شخص بل هي دفاع عن مقومات دولة الحق والقانون المفتقدة في بلادنا، وفي هذه القضية هناك انتهاك واضح للمساطر مما يجعل الغرض منه ليس إعمال العدالة بل استغلال القضاء لأغراض سياسية، وفضح هذا الانتهاك لا يتناقض بتاتا مع مطلب الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب للجلادين في قضايا الاغتيالات السياسية، بل هي جزء منها لأن العدالة في قضية الشهداء لن تتم إلا في إطار دولة الحق والقانون وليس دولة المخزن، فهذا النظام الذي يستغل اليوم القضاء باسم الشهيد هو المسؤول عن سائر الاغتيالات السياسية بالمغرب.

أما من يعتبر أن القرار غير تعسفي وأنه قانوني، فهذا ما يفنده محامون مشهود لهم بالكفاءة القانونية والخبرة الحقوقية، محامون نزهاء ومستقلون عن النظام وذوو مصداقية، بعضهم ساهم في اللجنة التي شكلها الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان لدراسة هذا الموضوع حيث توصلت اللجنة إلى نفس القناعة وهي أن قرار المتابعة ينتهك مبادئ العدالة، وما دام هناك انتهاك فلا يسمح لأي حقوقي أو أي شخص يناضل ضد التعسف والظلم أن يغض الطرف عنه، وكما قلت لأحد الأصدقاء وهو يخبرني أن هناك من يسبني على الأنترنيت بسبب موقفي، أنه لا يضرني ذلك بقدر ما سيضرني ويؤلمني أن أخالف ما يمليه علي ضميري.

فمن الناحية الحقوقية، أنا أرفض أن أسكت عن الظلم بدعوى أن من سيكتوي به عدوي السياسي كما يقول البعض، وكما رفضت وأدنت تواطؤ التيار الإسلامي مع النظام في مرحلة ما لقمع اليسار، من المستحيل أن أقوم بنفس الدور اليوم حين أصبح للنظام حساب يصفيه مع بعض الإسلاميين. فأنا أناهض نظام المخزن باعتباره المسؤول الاول عن كل مآسي هذا البلد.

حضور أعضاء حزب العدالة والتنمية في الجلسة الأولى لعبد العالي حامي الدين، اعتبر الكثيرين استقواء وعرض للعضلات من طرف قيادة “البيجيدي”، من وجهة نظرك ما هي الرسائل التي كانت قيادة العدالة والتنمية أرادت أن تبعث بها من خلال ذاك الانزال؟

أعتقد أن كل الأطراف تحاول استغلال القضية سياسيا، والحضور المكثف في المحاكمة هو رد على قرار المتابعة الذي اعتبره الحزب حربا سياسية ضده، فيريد الرد على الدولة بتلك الطريقة.

لكن هناك أيضا تضخيم لأمور لا تستحق كل ذاك الاهتمام، فحضور أعضاء حزب مع زميلهم أمام المحكمة يعتبر ممارسة عادية تقوم بها كل التنظيمات حين يحاكم عضو منها، والأمر لا يستحق كل تلك الضجة، فجعل هذا الموضوع محورا للنقاش وخلق جدل من لا شي يأتي في إطار سياسة الإلهاء والتعتيم عن قضايا كبيرة تهم الشأن العام تتم اليوم ولا أحد يتكلم عنها، لأنها لا تجد مكانا لها في الإعلام.

أن ما يقع في هذه القضية، مثل ما يجري في القطاع الفلاحي من كوارث، وتمرير قانون التجنيد الإجباري والأعداد لتمريرالقانون الإطار للتعليم، والقانون التكبيلي للإضراب وتصعيد الهجوم على الحقوق والحريات… آخرها القرارا الخطير بالإقدام على حل جمعية جدور…

مجموعة من النشطاء اليساريين اعتبروا دفاعك عن حامي الدين، خيانة للشهيد ايت الجيد بنعيسى، ما تعليقك على هذا الامر؟

لا أدري من يقول هذا الكلام، لكن إذا قيل فعلا، فمن قاله بعيد كل البعد عن قيم اليسار لأنه عاجز على فهم المنهجية الحقوقية، مثلهم مثل من قال لنا، ونحن نقف ضد انتهاك الحق في المحاكمة العادلة للسلفيين، أننا ندعم الإرهاب، ولما قلنا نفس الشيء في محاكمة الصحراويين قيل لنا أننا انفصاليين، ولما انتقدنا اعتقال الأشخاص المثليين بسبب توجههم الجنسي، قيل لنا نحن مثليون… وهكذا ذواليك.

أنا أعتبر هذا النوع من الاتهامات جزء من الحملات التشهيرية التي تكلمت عنها قبل قليل، فكيف يقال هذا ضدي فقط لأنني انتقدت قرارا بسبب طابعه التعسفي، ولم يقل نفس الشيء ضد أكثر من 20 ناشطا ومناضلا بما فيهم يساريون وقعوا سنة 2013 عريضة للتضامن مع حامي الدين حين وضعت أول مرة شكاية ضده في هذه القضية نفسها، عريضة اعتبرته مستهدفا بسبب أنشطته ومواقفه، فموقفي اليوم ليس جديدا أو مستجدا، هناك فقط تحامل ليس إلا.

أما قضية الشهيد فمن يسيء لها حقيقة ـ وأقول الإساءة حتى لا استعمل نفس التهم التي استعملت ضدي ــ هم من يتاجرون بها ويسلمونها في طبق من ذهب للمخزن ليستعملها في تصفية حساباته السياسية، من يسيء للقضية هو من يعتبرها فرصة للانتقام من أعدائه السياسيين، وأستثني قلة قليلة جدا جدا ممن يعتقدون خاطئين أن النظام يهمه البحث عن الحقيقة في مقتل الشهيد، وينتظرون من المحاكمة أن تجعل حدا للإفلات من العقاب في جريمة اغتياله.

كيف تفسرين تناقض موقفك مع موقف حزب النهج الديمقراطي، وموقف الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي نصبت نفسها كطرف مدني في القضية؟

أولا أنا لا اعتبر أن هناك خلاف في ما هو أساسي في موقفي مع المواقف التي اشرت اليها، ثم الاختلاف إن حصل هو طبيعي وعادي، فهذان التنظيمان يحترمان الحق في الاختلاف، وأعضاؤهما ليسوا متطابقين، وفي العديد من القضايا جد مهمة تكون فيها تقديرات مختلفة بين الاعضاء.

أما في قضية المتابعة التي هي موضوعنا، فالجمعية، سواء في 2013 لما تم وضع الشكاية الأولى ضد حامي الدين في هذه القضية، أو اليوم، فقد عبرت دائما عن رفضها توظيف القضاء في هذه القضية لتصفية الحسابات السياسية، وهذا أهم شيء في موقفي من هذه القضية، أما والجمعية تقدمت كطرف مدني، فهذا ليس بقرار جديد، بما أن الشهيد كان عضوا في الجمعية فهذه الأخيرة كانت طرفا مدنيا أمام المحكمة منذ بداية القضية، أي سنة 1993، حتى قبل العائلة التي لم تتقدم آنذاك كطرف مدني.

وبالنسبة للنهج الديمقراطي فهو أيضا لم يحد عن هذا الأمر، حيث صرح كاتبه الوطني، الرفيق مصطفى براهمة، في حواره المنشور في موقعكم بما يلي : “ربما أن اتهام حامي الدين في هذه الفترة يأتي في إطار تصفية حسابات بين جهات معينة في الدولة، بعد أن قررت الأخيرة حرق ورقة البيجيدي”، كما أضاف: “نرفض التوظيف السياسي لأي متابعة في حق أي مواطن مغربي، في مسألة الاغتيال”،وهذا جوهر الموقف الذي عبرت عنه.

أما أسباب التوظيف السياسي للمتابعة فقد يكون فيها اختلاف وهذا ليس هو الأساس في الموقف من الناحية الحقوقية، هل المعني بالأمر هو المستهدف بسبب مواقفه السياسية، أم حزبه هو المستهدف بغرض حرق المخزن لورقة البيجيدي قبل الانتخابات المقبلة؟ هذه تفاصيل ليس إلا، المهم هو أن الدولة لها أهداف سياسية مشبوهة من هذه المتابعة القضائية، وهي تسعى أولا وقبل كل شيء تقمص دور الحياد وطمس دورها الأساسي في الاغتيالات السياسية، وليس أبدا الكشف المنشود عن الحقيقة في اغتيال الشهيد أيت الجيد.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
سعيد
المعلق(ة)
2 يناير 2019 14:09

تفسير واضح ومقنع

AZIZ
المعلق(ة)
30 ديسمبر 2018 20:54

لكن القضاء عطل كم مرة شكايات عائلة آيت الجيد في الماضي ربما بضغط من وزير العدل آنذاك الذي ينتمي للعدالة والتنمية وهو نفس وزير حقوق الإنسان حاليا الذي تذخل في القضاء بشكل أخرق هذه المرة كذلك. ماذنب عائلة آيت الجيد إذا كان القضاء يعطل الشكاية مرة ويحركها تارة، لا يجب نسيان ذلك ؟ عائلة آيت الجيد وضعت الشكاية ربما قبل حكومة العدالة والتنمية وهي ليست طرفا في الصراع السياسي بل ضحية مرتين: 1- فابنها تم اغتياله 2- اصبحت شكاياتها تخضع للمساومات السياسوية.

عبد القادر زيني
المعلق(ة)
30 ديسمبر 2018 17:50

كنت و مازلت و سأبقى أقدر مواقف الأستاذة خديجة الرياضي الرزينة و الحقوقية الواعية المحايدة و المستقلة عن كل التيارات و الانفعالات . فعلا لقد انجررنا مع التيار المخزني ، رغم علمنا بما يحاك ، لأسباب شبه انتقامية ، و ردود فعل ، يتفهمها البعض الأغلبي ، على مواقف الحكومة الحالية عموما و وزراء العدالة و التنمية خصوصا في ظل وزيرهم للعدل حين اتهموا المحتجين الحسيميين ، على مقتل محسن فكري و على الاوضاع الصحية المأساوية السرطانية التي يعيشها سكان الريف ، بالانفصاليين … بل و حرضوا على تعنيفهم و اختلاق أحداث مخالفة للقانون ، لا علاقة لها بالسلمية التي دامت أكثر من سبعة أشهر ، و شجعوا اعتقالهم في ظروف غير انسانية ، و الحكم عليهم ب 20 سنة سجنا كأنهم ادخلوا السلاح و الذبابات للبلاد … و لم يحرك فيهم أحد ساكنا و لم يستيقظ الضمير أحدا ، و ادخلوا السجون الصحافيين و فاضحي الفساد ، من اجل اتباث قوة المخزن و النظام و الزيادة في قهر الشعب و استعباده … و المقرف هو أن المفضوح يحاكم الفاضح ، حيث اصبح الخصم حكما … فالمناضل يبقى مناضلا مع الشعب كل الشعب لحماية الدستور و القوانين الجاري بها العمل وطنيا و دوليا ، و الرياضي المناضلة ، مع ثلة من الحقوقيين ، تعطينا الدروس تلو الدروس في الاخلاق السياسية و الحقوقية . فعلا نحن بحاجة الى تكثل او جبهة انقاد تقود السفينة و تنقذها من الغرق ، تختفي فيها الاديولوجية تطالب بتعديل دستوري يصلح المؤسسات ، منها مؤسسة القضاء و فصلها عن الحكم و السياسيين …

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x